مصطفى الآغا

أفكار الدمار الشامل


[JUSTIFY]
أفكار الدمار الشامل

لست خبيرا في محاربة الإرهاب وهناك خبراء درسوا وتعلموا واختبروا هذه المهمة الشاقة، ولكني عشت في الغرب سنوات طويلة، وتحدثت آلاف الساعات مع بريطانيين وأميركيين وفرنسيين وسويديين حول التطرف ومحاربته، ووجدت قصورا رهيبا في فهمنا كمجتمعات إسلامية، وربما يكون الإنجليز والفرنسيون هم الأقدر على فهمنا لكونهم المستعمرين السابقين لمناطقنا، فقد وجدوا في مصر وسورية والأردن وفلسطين والخليج والعراق، ويعرفون تقاليدنا وعاداتنا وربما ديننا، ولكن الجيل الحالي من خبرائهم أقل خبرة، أما الأميركيون فلديهم فلسفتهم الخاصة التي قد يختلف حتى الغربيون معهم فيها، وهذا يعود للطبيعة الأميركية وطريقة تفكيرها وتصرفاتها، ولا ننسى أن أميركا هي البلد الوحيد الذي استخدم السلاح الذري، وهي التي ترفض الانضمام لمعاهدات وضعتها هي بنفسها، ولهذا فهي تخطئ كثيرا في سياساتها تجاه هذه المنطقة، ولم تدرك يوما أن حل الصراع العربي الإسرائيلي هو إحدى بوابات تخفيف حدة التطرف الذي ينتج عن أفعال إسرائيل الإرهابية، التي يجب أن تكون محكمة العدل الدولية مكان الفصل فيها وليس المزاج الأميركي الذي ينتقد بناء المستوطنات مثلا ولا يدينها، وهو جاهز لاستخدام الفيتو ضد أي فكرة لإدانة إسرائيل.
واليوم نرى التطرف قد استشرى، وباتت الرؤوس تتدحرج والمدن تسقط، والأمن العالمي بات مستهدفا، لهذا بدأ القصف الجوي على داعش والنصرة، وقبلهما أمهما القاعدة في أفغانستان، ولكن يبقى السؤال الأكبر والأهم..
لماذا كانت بعض الدول الغربية وعلى رأسها إنجلترا وفرنسا تحتضن من لديهم فكر متطرف، رغم اعتراض وانتقاد الكثير من الدول العربية، ومنهم أبو حمزة المصري وأبو قتادة الفلسطيني، وعشرات ومئات غيرهم من باكستانيين وبنغلاديشيين ومغاربة وجزائريين، ثبت بالدليل القاطع أنهم يكرهون الغرب أكثر مما يكرهون أبناء جلدتهم، وهم جاهزون لمحاربته ومحاربة كل من يتعارض مع أفكارهم من العرب في أي فرصة سانحة؟
وإذا كان العقل هو ما يميز الإنسان، وإذا كان التعلم من التجارب والبناء عليها أيضا هو ما سمح لبني البشر بأن يسودوا الأرض ويصلوا إلى المريخ، فلماذا لم يتعلم الغرب من التجربة الأفغانية، ولماذا يتعامل بمعايير مزدوجة مع الإرهاب، من خلال شرخه إلى قسمين إرهاب جيد عندما يكون ضد أعدائهم، وإرهاب سيئ عندما يتعرضون هم ومصالحهم ومواطنوهم له؟
وهل كان الغرب بحاجة لرؤوس الأميركيين والبريطاني والفرنسي كي يتحرك ويبني التحالفات ويبدأ بالقصف؟ وماذا عن آلاف العرب الذين تم قطع رؤوسهم وتشريدهم وسبْيهم، وماذا عن قصف غزة وقتل أهلها وحصارها لسنوات وسط صمتهم الذي يزيد التطرف حدة؟
برأيي المتواضع الحرب على الإرهاب يجب أن تبدأ بتجفيف مصادره ومنابعه وأسبابه، وأولها الفكر المتطرف الذي ينتشر في مجتمعاتنا، وهو البيئة الحاضنة للتطرف، ويجب إرساء العدالة وإزالة أسباب التوتر والاحتلال، وليس مجرد فورات غضب أميركية آنية نعود بعدها دائما وأبدا للمربع الأول.. وهو المربع الأخطر.

[/JUSTIFY]
[email]Agha2022@hotmail.com[/email]