عثمان ميرغني

أعد.. قراءة الخبر..!!


[JUSTIFY]
أعد.. قراءة الخبر..!!

نشرنا في صدر الصفحة الأولى لعدد اليوم من صحيفتكم (التيار) خبراً يبدو ملفتاً للانتباه.. لا من حيث المضمون بل الشكل.. وقصدنا أن نساهم به في تعلية الإحساس بالمعنى (الحقيقي!!) لـ(الأمن القومي) السوداني..
واحدة من أهم مهام الجيش السوداني حسب الدستور والعُرف الوطني.. حراسة السيادة السودانية على بحرنا وجونا وبرنا.. وهو ما ظل جيشنا يثابر عليها منذ ما قبل الاستقلال وحتى اليوم.. ولكن رغم كون الجيش هو أكبر وأقوى منظومة موحدة في البلاد.. إلا أنه في حاجة ماسة لامتداد طبيعي من الشعور الشعبي الكاسح الغلاَّب يغذيه ويصلب عوده ويحمي ظهره.. هذا الشعور لا يتحقق إلا بزرع إحساس قوي في (ضمير المتكلم) الجمعي.. المتمثل في الثلاثة أحرف الأخيرة من كلمة جيشـ(ـــــــنا)..
عملية (زراعة) الـ(أنا) الجمعية هذه لا تتم بتعليمات أو بدروس تقوية جبرية.. بل تتحق بـ(الإعلام الذكي).. وهو واحد من أهم أدوات بناء الأمم الرشيدة.. (الإعلام الإيجابي) الذي يخاطب الوجدان ويغرس الضمير الوطني الصادق في النفوس..
صياغة (شعور قومي) تجاه (جيشنا) ليست مسؤولية صحيفة (القوات المسلحة) أو الناطق الرسمي باسم المؤسسة العسكرية أو أية جهة رسمية أخرى.. هو واجب (فرض عين) على كل وسيط إعلامي عاقل بالغ راشد..
قبل عدة أشهر كتبت في (حديث المدينة) معلقاً على صور نشرها الجيش الياباني في وسائط الإعلام.. تصور الجنود اليابانيين وقد استلقوا على حبال ممدودة في الهواء ليشكلوا جسراً يعبر فوقه المواطنون للنجاة والخروج من منطقة ضربها الزلزال.. وقلت في تعليقي.. لا أتوقع أن الجيش الياباني تنقصه التكنولوجيا لعمل جسور أفضل من هذا الجسر البشري.. لكن بكل يقين هو ضرب من المسلك (الإعلامي الذكي) الذي يبث رسالة بالإيحاء للوجدان الشعبي.. أن الجيش جيشك.. على وزن البيت بيتك..
وتمنيت في ذلك المقال أن يشارك (جيشنا) في مواسم السيول والفيضانات بمثل هذا الضرب من (الإعلام الذكي).. الإعلام (الايحائي) المؤثر.. إعلام الصورة الذهنية..
صحيح أن (البعض) في المعارضة السياسية لا يفضلون مثل هذا الإعلام.. ويفضلون إلقاء الحجارة على (النظام) و(الوطن) معاً بتعكير صورة الجيش كمؤسسة قومية غير قابلة للأخذ والرد.. لكن مثل هذا المسلك من شيم الأمم المتخلفة.. متخلفة حضارياً وعقلياً معاً.. فالأمم الرشيدة تثبت (الثوابت!!) وتترك مساحات السجال لـ(المتغيرات).. وأهم ثوابت الأمة وأركان الدولة أربعة.. الجيش والشرطة والأمن والقضاء.. هذه الأربعة الجد فيها جد والهزل فيها أيضاً جد.. أي مساس بها يهدم الدولة من أساسها.. وحينها لن يبقى في الوجود وطناً للاشتجار على حكمه..
على كل حال.. أرجوكم أرجعوا للصفحة الأولى وأقرأوا الخبر بروحه لا بنصه.. لتدركوا أن مشكلتنا أساسها غياب الإعلام الذكي.. إعلام الأمة لا إعلام الحكومة..
واحدة من أكبر مشكلات هذه الحكومة.. أنها (شاطرة) في تسويق (عمايلها) أكثر من (أعمالها)..
[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]