عبد اللطيف البوني

إنه الاقتصاد يا..


[JUSTIFY]
إنه الاقتصاد يا..

في هذه السلسلة حاولنا استشراف مآلات الأوضاع في بلادنا منطلقين من فرضية أن انفصال الجنوب الذي تم منذ أربع سنوات صنع واقعا جديدا يتطلب تكييفا جديدا؛ فالأمور لن تمضي على ما كانت عليه في البلاد وسكانها ومساحتها وبترولها، فقد تنقاصت بنسبة كبيرة. إنه زلزال حقيقي ولكنه جاء منجما أي على جرعات. في هذه السلسلة قلنا إن اللاعبين الأساسيين في سودان اليوم هما الحكومة والمعارضة بشقيها السلمي والمحارب ثم الإقليم المحيط بالسودان بشقيه الأفريقاني والعروبي، وأخيرا الجماعة الدولية بشقيها الغربي والشرقي.
في اللحظة التي نكتب فيها هذا المقال وجدنا الحكومة قد اتجهت وبقوة للمحور السعودي المصري الإمارتي ذلك المحور الذي تشكل بعد تطورات الأحداث في مصر إلى أن وصلت السيسي، ثم فيما بعد ظهور داعش وأحداث ليبيا واليمن، أعطت حكومة السودان فرصة للتقارب مع ذلك المحور، فحج رئيس الجمهورية وقابل ولي العهد السعودي ثم زيارته المرتقبة لمصر يوم السبت القادم، ثم دعوته للثني رئيس حكومة ليبيا فرع طبرق لزيارة السودان، ثم دعم السودان لعبدربه منصور هادي في اليمن. كل هذا نجم عنه تقارب حقيقي بين السودان والمحور المشار إليه، عليه فإن الحوار الوطني سوف تتغير مجرياته بصورة كبيرة والمعادلة الجارية الآن قد تتشقلب رأسا على عقب.
اليوم العلينا دا، لا بل هذه اللحظة التي نكتب فيها هذا المقال حدث انخفاض في سعر الدولار مقابل ارتفاع في سعر الجنيه السوداني، ومهما كان هذا طفيفاً، فإن مجرد إيقاف تدهور قيمة العملة السودانية ناهيك عن ارتفاع سعرها يعتبر حدثاً. ثم انخفاض معدلات التضخم بنسبة ولو ضئيلة يعتبر هو الآخر حدثاً. الحكومة تقول إن هذا ناتج عن تدابير معينة اتخذتها بينما الرأي العام يرى أن هذا ناجم من تحسن العلاقات مع الخليج. في النهاية النتيجة واحدة وهي رياح بدأت تهب في أشرعة الحكومة مما جعلها تميل إلى فرض شروطها على المعارضة، كما فسر البعض ذلك من خطاب السيد رئيس الجمهورية أمام شورى الحزب الحاكم الأخير، ولن يستبعد المحللون أن تمضي في الحوار ولكن بشروطها، وإن انتخابات 2015 قائمة في موعدها.
أما إذا جرت الرياح بغير ما تشتهي سفن الحكومة ولم يحدث تقارب مع المحور الخليجي / المصري أي ظلت الحال على ما هي عليه أو حدث تباعد وعادت الضغوط الاقتصادية على السودان ورجع الدولار إلى انطلاقه وتحرك مؤشر التضخم إلى أعلى؛ فإن الحكومة لن تمضي في مخططها بسهولة، وسوف يصبح الإصرار على الانتخابات في موعدها مغامرة لها عواقب. فإن كان ما ذهبنا إليه من تحليل مقنعاً، فإن هذا يعني أن الخارج وتحديدا الإقليم المجاور هو اللاعب الأول في مجريات الأحوال السياسية في البلاد، فالإقليم تحديدا السعودية وبقية الخليج ولأسباب سياسية مصر، هي الدول التي لها القدرة على التأثير على الأوضاع الاقتصادية.
الضغوط الاقتصادية عن طريق الخارج لعبة قديمة في السودان، ومنذ عهد النميري والمعارضة هي التي تبادر باستعمالها والحكومة من جانبها تقوم بردة الفعل بلعب ذات اللعبة وتزيدها كيل بعير لأنها تملك زمام الأمور. عليه من أراد أن يعرف مجريات الأمور في السياسة الداخلية من حوار ووفاق وتشاكس وكوماج عليه أن يدقق النظر في المطار وثغور البلاد الأخرى. أها كدا فسرت وما قصرت.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]