مقالات متنوعة

يا زول اعمل حسابك..!!


يا زول اعمل حسابك..!!
جاء الوالد الحنون بفلذة كبده الشابة إلى أحد مشافينا..الفتاة الجميلة كانت تشكو من السهر والحمى وعدم الرغبة في الطعام.. أسرتها شخصت المرض كملاريا وأرادت أن يطمئن قلبها بنصيحة طبيب مختص.. الأب يهدهد ابنته ويطمئنها أن الراجمات ستقضي على الملاريا لا محالة.. فني المعمل يدخل بين الأب وابنته ودون مراعاة لخصوصية يتوجه للوالد “بتك حامل يا حاج”.. العبارة تجعل الأب يتمنى أن تقصف به الأرض.
بعد دقائق ينادي ذات الفني على اسم سيدة ويبلغها أن نتيجة فحصها تقول إنها مصابة بالملاريا.. السيدة التي تنتظر بشوق إطلالة مولود تصرخ في وجه الرجل باستغراب “سجمي”.. السيدة جاءت لتفحص نتيجة حمل فشخصت حالتها بأنها ملاريا.. فني المعمل أدرك أنه أخطأ وخلط من غير قصد بين نتيجتين.. عندما أدركوا الأب ليشرحوا له الحقيقة كان الأب قد ازهق روح ابنته بعد أن ظن أنها جلبت له العار.
تلك الدراما مصحوبة بالصور حفلت بها الوسائط الإسفيرية ونفتها وزارة الصحة بولاية الخرطوم.. غير أن إيرادها هنا كنموذج قابل للتحقق أمر مهم للغاية.. بإمكان أي مواطن أن يأتي لأي مؤسسة طبية ويستقي معلومات خاصة عن مريض آخر لا تربطه به صلة مباشرة.. معظم الأطباء يناقشون الحالة المرضية مع المرافقين دون مراعاة حقوق المريض.
اذكر في زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة أجريت فحوصات طبية لزوم الاطمئنان على صحتي..ذهبت للمعمل بنفسي لأخذ النتيجة فاعتذرت الموظفة بحجة ان قواعد العمل تقتضي إرسال النتائج إلى الطبيب الذي طلبها ما لم تتم تفاهمات مسبقة.. في الصيدلية لا تستلم الدواء إلا بعد أن تذكر تاريخ ميلادك ليتم مطابقته مع المعلومات الموجودة في (السيستم).. إذا زرت أي مشفى يتم إخطارك بحقوقك في حفظ معلوماتك الطبية باعتبارها تندرج تحت (الخصوصية).. حتى المشافي الأخرى لا تستطيع الوصول إلى ملفك الطبي إلا بعد موافقتك كتابة.
قبل نحو شهرين قمت ذات صباح مبكر لإحضار دواء ضغط لشخص يهمني أمره.. لم اكن احمل وصفة طبية.. فقط بين يدي صندوق دواء سابق.. حينما دخلت وجدت شابا يقف وراء (الكاونتر).. أخذ الشاب يقارن بين صندوقي وصناديق أخر.. حينما لاحظت ارتباكه سألته عن الصيدلي.. رد بسرعة “لم تخضر بعد”.. ببعض الهلع.. غادرت المحل.. حينما أبصرت للشاب وجدته قد شرع في نظافة الصيدلية.. لم يكن ذاك الرجل سوى عامل نظافة.
حملت إحدى الصحف تصريحا لمسئول في مجلس المهن الطبية والصحية.. المسئول أكد أن مجلسه اكتشف عدداً من الأجانب يديرون معامل طبية لمعالجة الإنسان السوداني.. مؤهلات هؤلاء الخبراء الأجانب لم تتجاوز درجة علمية في الإنتاج الحيواني.

تراسيم – عبدالباقي الظافر
صحيفة التيار