الطاهر ساتي

البشير رئيساً… لماذا ..؟؟


[JUSTIFY]
البشير رئيساً… لماذا ..؟؟

:: ذات مساء، و في برنامج إستقصائي بقناة دولة عربية ذات حكم ملكي، أسهب السياسي المعارض في نقد الحكومة وأجهزتها وخدماتها..ثم تفاجأ بوزير الإسكان يدخل إلى البرنامج عبر الهاتف مُعقباً عليه برسالة مختصرة وواضحة فحواها : ( لا داعي إلى المزايدة علينا، ولا تنسى بأن الحكومة التي تنتقدها هي حكومة جلالة الملك).. فتلعثم السياسي المعارض قليلا، ثم رد على الوزير بهدوء : ( إذا كنتم أنتم حكومة جلالة الملك، فنحن معارضة جلالة الملك)..!!

:: فالإحتماء بجلالة الملك كان ملاذا للسياسي المعارض، وبالإحتماء أنقذ نفسه من عواقب التمادي في المعارضة..وهكذا تقريباً لسان حال الحزب السياسي الملقب – إعلامياً – بالحاكم، وما هو بحاكم..فالشاهد قبل التشكيل الوزاري الأخير، كان كل ذي لسان وشفتين بالحزب الحاكم يتحدث عن ضرورة التغيير والتجديد، ورفعوا سقف هذا التغيير والتجديد إلى حد الرئاسة..ولكن التشكيل الوزاري الأخير، والذي أكسب الحكومة كامل طعم و لون ورائحة المؤسسة العسكرية، كان بمثابة رسالة مختصرة و فصيحة ، فحواها : ( بلاش مزايدة معاكم، ولا تنسوا بأن الحكومة التي تريدون تغييرها وتجديدها هي حكومة جلالة المؤسسة العسكرية)..!!

:: ومن هنا، كان لزاماً على دعاة التجديد والتغيير بالحزب الحاكم أن يستوعبوا تلك الرسالة الواضحة، ثم يحتموا بالمؤسسة العسكرية بلسان حال يقول هذه الأيام بمنتهى الهدوء : ( ترشيح المشير البشير للرئاسة).. نعم، ليس في الدورة الإنتخابية القادمة فحسب، بل إذ أمد الله لهم مائة دورة إنتخابية أخرى، فلا ملاذ للحزب السياسي الملقب بالحاكم غير الإحتماء بالمؤسسة العسكرية التي جاءت به إلى (سدة الحكم).. ومن لم يتعلم من درس المفاصلة الذي أبعد القيادة التاريخية للمؤتمر الوطني حين سعت إلى بسط سيطرتها على صناعة القرار، فقد تعلم من درس دُعاة تجديد و تغيير ما قبل التشكيل الوزاري الأخير.. فالمؤسسة العسكرية أولاً، والباقي تفاصيل و كومبارس.. هكذا الواقع !!

:: ذاك واقع، والواقع الآخر..قبل سنوات، عندما كان الأستاذ علي عثمان محمد طه نائباً أول لرئيس الجمهورية، وكثر الحديث عن التجديد والتغيير في مجالس سادة الحزب و إعلامهم، سألت قيادياً تاريخياً بالمؤتمر الشعبي عن فرص وإحتمالات خلافة الأستاذ طه للمشير البشير في الدورة الانتخابية القادمة، وكان صريحاً في التحليل والإفادة .. (طوال تاريخه السياسي، منذ أن كان طالباً بجامعة الخرطوم، لم يُكن طه يسعى إلى الموقع الأول، بل كنا نخطط ونعمل ونجهز له هذا الموقع الأول)، ثم دخل في لب السؤال قائلاً بالنص : ( ولكن اليوم، من يجب عليهم مهام ترتيب وتجهيز منصب الرئيس لطه هم ذاتهم يصارعونه وينافسونه للفوز بهذا المنصب، ولذلك اتوقع صراعاً عنيفاً في حال تخلى البشير عن الرئاسة)..أي الرئيس البشير، وإلا فالبديل صراع قد يصل مرحلة التشظي..وعليه، بما أن المؤسسة العسكرية و ليست البرامج والأفكار هي ( الملاذ الآمن) لحزبهم، وبما أنهم – في بعضهم – يتنافسون في القيادة لحد الصراع، فالسادة بالحزب هم أكثر أهل الأرض حرصاً على رئاسة البشير..فما هي آثار هذا الحرص على الحاضر و المستقبل؟.. من هنا، يتواصل الحديث ..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]