حيدر المكاشفي

حلايب وحكاية الثعلب وأبومركوب


[JUSTIFY]
حلايب وحكاية الثعلب وأبومركوب

هاهي قضية حلايب وعلى طريقة (سيك سيك معلق فيك ) تعود لواجهة الأحداث والأخبار مجددا، بالتصريح الصحفي المنشور أمس برسم السيد رئيس المفوضية القومية للانتخابات البروف الأصم، والذي أعلن فيه ما ملخصه أن مفوضيته خصصت حوالى تسعين مركز تسجيل لمنطقة حلايب وشلاتين في اطار تحضيراتهم للانتخابات المزمعة،وهذا تصريح من حيث النظر والتنظير لا نملك الا أن نستحسنه،ولكن يداخلنا شك كبير أن أثره سيتعدى القاعة التي أطلق فيها، ولن يكون حظه من التنفيذ أفضل من التعداد السكاني الخامس والانتخابات السابقة التي أعقبته،فبرغم الاستعدادات والتحضيرات التي أذيعت أوانذاك عن العزم على اجراء التعداد ومن بعده الانتخابات هناك،الا أن كليهما لم تقم له قائمة الى أن حان موعد الانتخابات المزمعة،بل حدث العكس بأن مضت مصر خطوات واسعة على طريق التمصير،هذا الوضع الذي عليه حال الجانب السوداني مع هذه القضية،كلما تعمد تناسيها أو تطنيشها،اذا بحدث ما يفرضها عليه ويعيدها الى الواجهة على رأي الفنان محمد الأمين (وين حنهرب منو وين)،هذا الحال المرتبك والمضطرب ذكرني بحكاية طائر أبو مركوب مع الثعلب،كلما أدار أبومركوب رأسه للاتجاه العكسي الذي تأتي منه الرياح،جعلها الثعلب الماكر تأتيه منه الى أن اضطره لدفن رأسه تحت جناحيه لينقض عليه ويلتهمه…

الواقع أن قضية هذا المثلث المتطاولة شاء السودانيون أم أبى أشقاؤهم المصريون، وحتى لو عبرت هذه القضية (مأزق الانتخابات)، فلا أحد يأمن أو يضمن أن لا يثيرها (مثير) آخر من حيث لا تحتسب حكومة السودان أو تتصور الحكومة المصرية، والأفضل لكلا الطرفين أن يتواضعا على حلٍ دائم ونهائي يعزز بينهما علاقة الجوار ويمتّن صلة الرحم، بدلاً من هذا الوضع غير مأمون العواقب، وحتى لا تترك هذه القضية عرضة لأية أزمات عارضة أو طارئة لم تخلُ منها علاقات البلدين ولا يضمن أحد أن لا تشوبها شائبة، ولكي لا تصبح حلايب (أداة) جاهزة لتعميق مثل هذه الطارئات والعوارض التي لا ينجو منها أي بلدين متجاورين، فالمشكلة أصلاً قائمة حول تبعية المثلث بما فيه ومن فيه، ولو قدمت السلطات المصرية الضمانات التي تجعل بروف الأصم يجري انتخاباته هناك على أتم وجه وأكمل صورة لكان ذلك اعترافاً صريحاً منها بأيلولة المثلث للسيادة السودانية، وهذا ما لا نتوقع حدوثه بل وأزعم أنه لن يحدث إلا في اطار حل يتم التفاوض حوله ثم التراضي عليه بين الطرفين،ولهذا لا نرى سبيلا لحل نهائي من غير فتح هذا الجرح بدلاً من (غطغطته) بالاسمال و(رمّه) على فساد حتى تبرأ العلاقة تماماً بين البلدين من أية (مهيجات) يدركانها ولا يقربانها، ولن يتأتى مثل هذا الحل الناجع إلا بأحد مسارين، إما مسار مجلس الأمن – ولا أظنه المسار المفضل لدى الطرفين، أو مسار التفاوض والحوار المفضي إلى اتفاق مرضي عنه وتوافق مجمع عليه…. هذا أو ذاك، المهم أن لا تظل حلايب وميض نارٍ تحت الرماد يمكن أن يكون لها ضرام في أي وقت…

[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي