جمال علي حسن

رغيف الشعب بيد فرتكان


[JUSTIFY]
رغيف الشعب بيد فرتكان

هل من المنطق أن يكون خبز المواطن رهيناً لأوضاع وظروف ثلاثة مطاحن للغلال.. سيقا وويتا وسين.. تتحكم في سلعة أساسية ومهمة مثل الخبز..؟

جدل عقيم يتكرر كل عام بين اتحاد المخابز وشركات المطاحن الثلاث والحكومة..!! ثم يستدعي المنظراتية أحلام توسيع الرقعة الزراعية للقمح وتقميح مشروع الجزيرة والتقاوي والمناخات وتلك القصص والحكايات المملة..

ولا تحدث هذه الندرة في رغيف الخبز في بلادنا إلا في الوقت الذي يتحدث فيه أهل الاقتصاد عن بدايات تعاف اقتصادي وفي الوقت الذي يتحدثون فيه عن انخفاض سعر الدولار وعن البشريات التي نستشرفها.. لكن عودة صفوف الخبز و(شلهتة) المواطنين بين نوافذ المخابز تقطع قول كل خطيب وتكذب كل المزاعم وتفضح الأوهام.

مكتوب علينا أن لا ننتقل شبراً واحداً من مربع الدهس المعيشي ومعاناتنا التليدة طالما أن بلادنا تستورد القطارات الفارهة والبصات المكيفة بنفسها ثم تترك أمر الخبز الذي هو أكثر أهمية وحساسية تتركه لمطاحن غلال خاصة يملكها فلان وعلان وفرتكان..!

ثم يأتي مسؤول اقتصادي رفيع ليحدثنا عن أن القمح والخبز ليس هو خيار المواطن السوداني.. بل (الكسرة) و(العصيدة).. يغالطنا في بطوننا..!!

خيارنا الغذائي هو الخبز.. الرغيف.. المصنوع من القمح.. والذي يجب أن لا نقبل أي تفكير في رفع الدعم عنه ولا نقبل بعد اليوم أي تقصير في توفيره للمواطن.

هذا هو المحك.. هذه هي القضايا التي لا يجب أن يجامل فيها المواطن الحكومة إطلاقاً.

نحن كمواطنين لا نريد أن نفهم كيف توفر الحكومة الخبز في متناول يد المواطن.. لا نريد أن نفهم سبب المشكلة بل نريد فقط أن يتوفر الخبز بأي شكل من الأشكال وبأية طريقة من الطرق.

الدولة التي تركت حبل الغلال لتلك المطاحن يجب أن تعرف كيف تعالج قضيتها دون شرح ولا توضيح.

الدولة التي تركت جزءاً مهماً من مسؤوليتها خارج يدها تتحمل نتيجة ذلك بطريقتها.. فقط لن نتحمل نحن أية ندرة في رغيف الخبز ولن نتفهم أية تبريرات لهذه الندرة.

كل شيء يمكن أن نتحمله إلا الخبز والماء والدواء والأمن فحدوث أي شح أو انعدام لتلك السلع الأساسية يعني الفشل الكامل للحكومة.

الشعب السوداني يمكن أن يتفهم الوضع الاقتصادي الخانق لو كان السبب فيه سد ثغرات أمنية لكنه لا يتفهم انعدام الرغيف، لأن الرغيف ليس سلعة يمكن التخلي عنها إطلاقاً وأتحدث عن الرغيف وليس الكسرة أو العصيدة أو الأرز فنحن غير مجبورين على أن نأكل الكسرة لو لم نكن نحب أو نريد ذلك.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي