عبد اللطيف البوني

حنان.. ياسر.. وآخرون


[JUSTIFY]
حنان.. ياسر.. وآخرون

تقول الطرفة إن أحدهم جاء منتشياً من حفلة وأخذ يحكي لصديقه سبب نشوته قائلاً: “يا خي الليلة نص عمرك ضاع ما شفت الحفلة وما شفت الرقيص ما شفت الشباب ناس شيرين وناس رشان وناس نسرين”. وأثناء تعداده للأسماء وقعت عيناه فجأة على صديق ثالث لهما كان موجوداً بينهم كان قد تم ذكر اسم أخته، فما كان من صاحبنا إلا أن أضاف وبصوت مختلف يميل إلى الانكسار: (وناس حنان أختي…). لعل هذا ما حدث للسيد ياسر عرمان عندما طالب في البي بي سي بالحكم الذاتي للمنطقتين جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق. وبالطبع من غير المتوقع من شخص كان يقود وفداً وُضع فيه ممثلون لكل السودان وطالب بأن تكون الأجندة قومية وليست محصورة على المنطقتين يأتي بعد يومين ويطالب بحكم ذاتي للمنطقتين اللتين رفض التحدث باسمهما. لا شك أنه (شافها كبيرة) فأضاف الجزيرة وشرق السودان ودارفور قائلاً: “من حق أهلها أن يطالبوا بحكم ذاتي”، وخص الجزيرة بإدارة مواردها، فالجزيرة هنا تشبه موقع (ناس حنان أختي) تماماً.
غريب جداً أن تأتي المطالبة بالحكم الذاتي للمنطقتين ليس من مالك عقار أو عبد العزيز الحلو إنما من ياسر عرمان الدينمو المحرك لقطاع الشمال ثم للجبهة الثورية، فالواضح جدا أن ياسر عرمان يسعى جاهدا لتجميع كل المعارضة المسلحة وغير المسلحة لمواجهة الإنقاذ ليكون هو بداخلها رمزا قوميا ومن حقه ذلك، ومن حقه كذلك أن يقول إنه يسعى لحل قومي حتى لا تتجزأ البلاد إلى كانتونات ومقاطعات ولكن أن يطالب بحكم ذاتي لمنطقة ما فهذا دون شك هبوط اضطراري لا يمكن فهمه إلا بأن هناك شيئاً ما يدور داخل قطاع الشمال. فانفضاض محادثات أديس في الأسبوع المنصرم بسبب موقف أبناء دارفور في الجبهة الثورية الرافضين لأي اتفاق بين الحكومة وقطاع الشمال لم يقع لأهل المنطقتين موقعا مرضيا، وربما بدأت ململتهم من الجبهة الثورية، فجاء حديث عرمان عن منحنهم حكما ذاتيا مزايدة وترضية لهم، وهكذا لا بد لعرمان من أن يدفع كلفة عملية التجميع للمتباينات التي يقوم بها.
الكلام عن الحكم الذاتي لأهل المنطقتين، وإن صرح به ياسر عرمان، إلا أنه من الواضح مستبطن لدى قادة المنطقتين في قطاع الشمال، وهو يعني استبعاداً لمسألة المشورة الشعبية، فالحركة الشعبية قطاع الشمال ترى أنها قد تجاوزتها لأنها بسبب الحرب وبسسبب النشاط السياسي على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فقد أصبحت جنوباً جديداً، ومن حق أهل المنطقتين أن يطالبوا بالحكم الذاتي ثم الفيدرالي ثم الكونفيدرالي، ثم تقرير المصير، وهنا تكون نبوءة قرنق قد صدقت عندما وصف المشورة الشعبية (جنى صغير بتاع انفصال)، والحكومة من جانبها ترى أنها قد تجاوزت المشورة الشعبية على الأقل في الوقت الراهن، لأن الحركة الشعبية لتحرير السودان / قطاع الشمال غير مشاركة في حكم المنطقتين الآن، ففكرة الحركة المشورة الشعبية تقوم على إبداء الرأي في تجربة الحكم المشترك بين الحزبين، وقد انتفى ذلك على الأقل حالياً. المشورة الشعبية هذه أصلاً جاءت خروجاً عن ميثاق ميشاكوس الإطاري 2002 الذي يعتبر سياجا لاتفاقية نيفاشا، فهذا الميثاق يضع المنطقتين داخل حدود السودان دون أي خصوصية ولكن نقول شنو؟ سكتنا خلاص لحدي باكر إن شاء الله.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]