أبشر الماحي الصائم

إلى مجمع الفقه وهيئة العلماء


[JUSTIFY]
إلى مجمع الفقه وهيئة العلماء

كان حدود إدراكنا أن النعيم الذي سنُسأل عنه يوم القيامة كما ورد في الآية الكريمة: “ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ”.. هو نعيم الصحة والفراغ.. غير أن أحد الفقهاء الزراعيين السودانيين قد أضاف إلى معلوماتنا نعمة (الأرض البور) أن لم نخضرها.. سنسأل عنها لا محالة يوم القيامة.. وإذا ذهبنا في هذا السياق تصبح مسؤولية تحرير قوت المسلمين من الوجوب بمكان.. سيما لو كان في المقابل أن الآخرين سيطعموننا مقابل ثمن باهظ جدا.. ألا وهو اتباع شرعيتهم الدولية وسننهم شبرا بشبر وذراعا بذراع.. فالجوع والمسغبة والحاجة يمكن أن تجعلك تدخل معهم جحر ضب خرب.. وقديما قيل الجوع كافر.. حتى أصبح أدب تقديم الخدمات والغذاء وسيلة (المنظمات الإنسانية) لغسل العقول وإعادة صياغة عقيدة الفقراء وفق الأجندة الصهيونية.. والذين يقرأون ما يكتب في هذه الزاوية ربما وقفوا على محاولات مقارباتنا بين (الخبز والأخلاق).. على أن الذي يود أن يصنع مشروعا قيميا عليه أن يبدأ من الحقول الزراعية حتى إذا امتلك قوته وحرر غذاءه.. حق له بعد ذلك أن يصعد على هامة الزمان وشاشات التلفزة العالمية.. ليعلن للملأ بأنه ذاهب إلى الله.. ومن كان له حديث آخر فليلاقيه من وراء وادي النيل.. ولك في المقابل أن من تجربة تعدديات مضت كان مصيرها حكوماتها بيد ربان سفينة على عرض البحار !!

لهذا وذاك أن ثمة علاقة مباشرة وقوية بين الخبز والهوية والوجهة.. فنحتاج أن تكون مطاميرنا وصوامعنا مليئة بالغلال لترفع مساجدنا عقيرتها بالآذان ولنمتثل للآية الكريمة.. “فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ”.. حتى أدبيات الاحتشاد حول المشروع تحتاج لحكمة العارف بالله الشيخ ود بدر رحمه الله تعالى (أكان ماعجيني منو البجيني).. وكان ما الكسرة ماجات الناس منكسرة!! فالجماهير لن تلتف حول أطروحة عاجزة عن تحرير قوتها.. وفي هذا نحتاج لمراجعة شعار (الإسلام قبل القوت) كما شيخ علي الذي احتاج لأربعة عقود من العمل الإسلامي والتجارب ليصدر عبارته الباهظة.. بأن شعار الإسلام هو الحل يحتاج إلى إعادة قراءة ومقاربة.. لأن ثمة بنية معرفية وإنتاجية متينة تحتاج لتشييد وتأهيل لتمر عليها قاطرة المشروع.. ففي البدء كان الخبز ثم الأخلاق !!

أهدر هذه الأحبار وانفق هذه الأفكار وأرهق خيل الطرح في هذا المشوار.. بحثا عن مقاربة بين العروة الوثقي التي لا انفصام لها.. وبين العروة الشتوية لمحصول القمح التي لا انفصال لها ولا فصل لخطابنا بمعزل عنها.. فالطريق يبدأ من هنا.. فمشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها.. فلعمري إن الخبز هو الإجماع وهو الوفاق وهو الدستور وهو الشرعية بل هو الشريعة و.. و.. فلئن كانت بيد أحدكم فسيلة نخل والساعة قائمة فليغرسها.. قيمة العمل وفريضة الإنتاج التي سقطت من حيثيات خطابنا الدعوي!!

مخرج.. إذن يا أيها الدعاة والعلماء والمصلحون والمجامع الفقهية انزلوا بالجماهير إلى المزارع والحقول.. فمن لم يملك قوته لا يملك حق أن يجعل أشواقه تمشي على الأرض.. وإن الله سائلكم عن الأرض لما زرعتموها وخضرتموها ..

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.. قوموا إلى حقولكم ورصوا صفوفكم.. إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج.. والأرض البور البلقع.. إني قد بلغت، اللهم فاشهد ..

[/JUSTIFY] أبشر الماحي الصائم
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]