** بمستشفى الأسنان التعليمي كل شئ كان يمضي هادئا حتى منتصف الشهر الفائت .. حيث فيه أصدرت الإدارة توجيها روتينيا بصرف حوافز لبعض العاملين .. ولكن المراجعة الداخلية رأت بأنها حوافز غير مستحقة لأصحابها ، ورفضت التوقيع على إذن صرفها .. كان على المدير أن يقنع المراجعة بمشروعية تلك الحوافز أو يلغيها بأعتبارها مخالفة في حال إقتناعه بموقف المراجعة الداخلية .. ولكن هذا لم يحدث ، بحيث لم يتفاوضا في مشروعية الحوافز وعدمها .. بل تجاوزت الإدارة سلطة المراجعة الداخلية وأصدرت توجيها مباشرا للصراف بصرف تلك الحوافز.. ولكن الصراف الملم بخط سير أذونات الصرف رفض توجيه الإدارة ومديرها ، وطالب بضرورة توقيع المراجعة الداخلية على أذن الصرف حتى تكتمل الدورة المحاسبية التي تمكنه من صرف الحوافز لمستحقيها ..هكذا كان موقف الصراف .. إلي هنا الأمر مجرد سوء فهم للوائح المال العام وقوانين الخدمة المدنية بين المراجعة الداخلية وادارة المستشفي وصرافها ، وكان يمكن تداركها بقليل شرح لتلك اللوائح والقوانين .. ولكن هذا لم يحدث ..!!
** الإدارة التي لم يرضها رفض المراجعة والصراف لتوجيهاتها ، تمادت في الغضب وأصدرت قرارا بإيقاف الصراف ، ثم طالبت رئاسة ديوان الحسابات بوزارة المالية بصراف آخر مطيع ..ولكن رئاسة الديوان تلكأت في الرد على الطلب ، فأرسلت الادارة طلبا آخر ، تجاهلته رئاسة الديوان أيضا ، ثم أرسلت طلبا ثالثا ، أيضا وجد ذات التجاهل .. كان على الإدارة أن تواصل التفاوض و إرسال الطلبات حتى تقنع رئاسة ديوان الحسابات .. ولكنها لم تواصل التفاوض ولم ترسل خطابا رابعا ، وعوضا عن هذا وذاك إتجهت الإدارة إتجاها آخر ، غريبا جدا .. حيث أمرت العاملين بقسم الحسابات بكسر الخزينة وإستبدال أقفالها بأخرى، ثم تسليمها لصراف آخر كان زميلا لذاك الموقوف الذي بيده أقفال وأمانات تلك الخزينة المراد كسرها .. وتم تنفيذ التوجيه الإداري بالحرف الواحد ..كسروها .. ولم تنته الأزمة بتكسير الخزينة واستبدال أقفالها وصرافها كما توقعت الإدارة .. لا .. !!
** تصرف الإدارة تجاه الخزينة أغضب رئاسة ديوان الحسابات ، ولذا أصدرت قرارا غريبا بسحب كل المحاسبين والصيارفة والمراجعيين الداخليين من المستشفى ، وإعادتهم الي حيث يتبعون : ديوان المحاسبة .. هكذا كان رد فعل الديوان .. سحب قواته العاملة في قسم حسابات المستشفى .. فشلت حركة الحسابات بالمستشفى أسبوعا وآخر .. حيث لاصادر ولاوارد ولا حوافز ولا يحزنون .. فتأزم الوضع .. وهنا تدخلت الجهات التي تجيد لعب دور الأجاويد وجماعة باركوها ياجماعة .. حيث بتدخل تلك الجهات والجماعة أجتمع طرفا الصراع – ديوان الحسابات والمستشفي – تحت مسمى : لقاء تفاكري .. وتفاكروا بعيدا عن اللوائح والقوانين وخرجوا بالتوصيات التالية .. أولا ، إعتبار كل الحدث كأنه لم يكن .. ثانيا ، إعادة المحاسبين والصيارفة الي المستشفى .. ثالثا ، توفير خزينة مؤمنة بدلا عن تلك ( الشلعوها ) .. رابعا ، أن تباشر هذه اللجنة – الأجاويد- الاشراف على تنفيذ توصيات هذا ( اللقاء التفاكري ) … هكذا إنتهت .. والتوصيات ، منذ السبت الفائت ، في مرحلة التنفيذ .. فتأمل صديقي القارئ ، كيف بدأت الأزمة وكيف تطورت ، ثم كيف إنتهت ..؟.. فى ثناياها ستجد ملامح بداية وتطور وانتهاء كل أزمات السودان .. فقط المدهش فى هذه الأزمة أن لقاء الأجاويد سمي ب( لقاء تفاكري ) …كنت أحسب أن التفاكر من مشتقات الفكر وليس ..( الكسر ) ..!!!!
إليكم – الصحافة الثلاثاء 04/08/2009 العدد 5786
tahersati@hotmail.com