عثمان ميرغني

اعتذار!!


[JUSTIFY]
اعتذار!!

الحمد لله- عدت مساء أمس الجمعة من القاهرة بعد زيارة سريعة؛ للمتابعة الطبية بعد الإصابة التي لحقت بي جراء الهجوم الإرهابي في 19 يوليو الماضي.. الجريمة هي الوحيدة في تأريخ الشرطة السودانية- الناصع- التي لا تزال مسجلة تحت عنوان (ضد مجهول).. ليس لعجز الشرطة.. لكن لعجز القانون.. وعلى كل حال عاقبة الصبر الجميل أجمل.. مهما طال ليل الظلم فهو قصير..
وصلت القاهرة وإعلامها يضجّ بهواجس التظاهرة التي دعا إليها الإخوان المسلمون، وبعض حلفائهم.. وما وجدت القاهرة أكثر أمناً ممّا كانت عليه في أيامي الثلاثة التي أمضيتها فيها.. الحياة أكثر من عادية رغم أنف الإعلام المصري الذي بات يقتات من افتعال خطر لم يعدّ موجوداً إلا في البيانات والمنشورات- وجدت روح الثورة الشعبية قد انتقلت إلى آفاق جديدة.. التطلع إلى التنمية، واستدراك الاقتصاد الذي كان أبرز ضحايا الانفلات خلال السنوات الماضية.. والتطلع إلى استعادة الدور، والثقل المصري الدولي.. الذي فرط فيه نظام حسني مبارك.. وجعل مصر مجرد دولة عربية أفريقية تنازلت عن كل ريادتها التأريخية.. وقيادتها التي كانت في يوم من الأيام قيادة للعالمين العربي والأفريقي، بل ودول عدم الانحياز..
خلال أيامي في القاهرة كتبت- هنا- في (حديث المدينة) عن العلاقات السودانية المصرية.. لأنها كانت موضوع حوار طويل مع بعض الإخوة المصريين في القاهرة.. وخالجني إحساس كبير من سياق الحوار معهم أن الجرح الذي تعرضت له هذه العلاقات أعمق كثيراً ممّا نتصور.. وربما وضعها في مسارٍ يحتاج إلى (مشروع مارشال) إعلامي؛ لاستعادة وضعها الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه..
الإحساس العام في مصر أن السودان تفرس في الطريق أمامه فوجد نفسه بين خيارين.. إما السير شمالاً.. أو الالتفات جنوباً.. وأن السودان اختار الثاني..
والحقيقة في تقديري- التي لا تزال غائبة عن الجميع.. السودان ومصر.. أن موقع السودان يؤهله للجمع بين الشمال والجنوب.. وليس فقط الاختيار بين الاثنين.. بل أعظم مؤهلات السودان- الدولة- هو موقعه، وتنوعه، وثقافته التي تجعله جزءاً من الجنوب بكل انسجام فطري وطبيعي، وجزءاً من الشمال بكل انسجام فطري- أيضاً.. فهو ليس في حاجة إلى المقارنة والتفرس في الاتجاهين.. ليختار أحدهما..
العلاقات السودانية المصرية فريسة السياسة والساسة.. يديرونها حسب الطقس الذي توفره مواسم القبلات أو الركلات.. وتغيب عنها النظرة الإستراتيجية البصيرة بمصالح شعبي وادي النيل.. وبكل أسف إذا لم يتدارك الشعبان هذه العلاقات، وتصحيح الأساس الذي تقوم عليه، فلن يتغير إلا عناوين الصحف التي تغطي الأخبار.. وتنقل حال السياسة والساسة.. لا حال الوطن والمواطن..
ويجدر بي أن أقدم إلى القارئ اعتذاري عن انقطاع حلقات التحقيق الصحفي (من ضيع السودان؟)؛ بسبب السفر.. ونعاود الآن- بإذن الله.
[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]