زهير السراج

حليل بلدي وحليل ناسا


[ALIGN=CENTER]حليل بلدي وحليل ناسا !![/ALIGN] * تحسرت أمس الاول على الفرقة القومية للفنون الشعبية السودانية التي كانت في يوم من الايام مصدر فخر واعتزاز لكل سوداني وهي تؤدي عروضها الرائعة المترعة بالفن الراقي الذى يعبر عن تراثنا بكل تنوعه البديع وما يختزنه من جمال وقيم إنسانية جميلة، على مسارح العالم المختلفة وتحظى بالاعجاب الكبير والآهات والتصفيق الداوي، وما زلت أذكر حتى الآن حفلين أدتهما الفرقة في دولة قطر وفي إحدى الدول الاوروبية، أعتقد أنها الدنمارك أو السويد ( إن لم أكن مخطئا)، التي إحتضنت مهرجان الفن الشعبي الافريقي في آواخر سبعينات القرن الماضي.

* كان الحفلان اللذان عرض التلفزيون السوداني تسجيلين لهما في ذلك الوقت واحتويا على تعليقات بعض المشاهدين عليهما، حديث كل من شهدهما واستمتع بهما، وعلقت عليهما صحف الدولتين بالخطوط العريضة وقالت مجلة (الدوحة) القطرية (إن الفرقة السودانية هزت الدوحة بعروضها البديعة، ولم يصدق معظم الذين حضروا العرض أن تكون بالسودان مثل هذه الفرقة الرائعة التى بزت كل الفرق العالمية التي قدمت عروضها في الدوحة في أوقات مختلفة)، وكذلك كان تعليق صحف الدول الاوروبية التى نشرت مقتطفات لها الصحف السودانية آنذاك، كما نالت الفرقة الميدالية الذهبية في ذلك المهرجان وسعت دول كثيرة للتعاقد معها، وبالفعل سافرت الفرقة الى العديد من الدول الاوروبية بتمويل من مؤسسة الاسواق الحرة وقدمت عروضها المبهرة وعادت بالكثير من السمعة الطيبة للسودان التي لا يمكن لمئات الوفود والبعثات الدبلوماسية أن تعود بها!!

* وما زال الكثيرون يذكرون العروض المبهرة التى كانت الفرقة تقدمها أمام الضيوف الاجانب ورؤساء الدول الذين كانوا يزورون السودان في عهد الراحل الرئيس الاسبق جعفر نميرى، وإليه يعود الفضل فى تأسيس ورعاية هذه الفرقة وإشرافه الشخصي عليها، ولا بد أن ذلك كان إدراكا منه لأهمية الفن والدور الكبير الذي يلعبه في حياة الشعوب وتوثيق عري العلاقات مع الشعوب الأخرى.

* وقد تجلى إهتمامه في جوانب أخرى كذلك مثل المهرجان الثقافي السنوي الذي كان بمثابة تجديد لدماء الفن واكتشاف المواهب الجديدة ورفع الروح المعنوية للمبدعين، ولأفراد الشعب الذين كانوا يتابعون فعاليات هذا المهرجان باستمتاع كبير في المسرح القومي أو مسرح قاعة الصداقة فيما بعد أو على شاشة التلفزيون ومايكرفون الاذاعة وتعليقات الصحف عليه.

* ولا أنس أيضا فرقة الاكروبات، والمواسم المسرحية المنتظمة، والحفلات والمسابقات الغنائية التى كانت تنظمها إذاعة أم درمان ويبرز من خلالها الكثيرون، وسهرات التلفزيون التى يقدمها عمالقة الشاشة مثل متوكل كمال وحمدي بولاد وحمدي بدرالدين وعبدالمجيد السراج وليلى المغربي وغيرهم، بالاضافة الى الليالي الغنائية لفرقة ( فلاح) واتحاد الفنانين وغيرهما.

* كانت تلك أياما جميلة للفن والفنانين والمواطنين، لعب تشجيع الرئيس نميرى دورا بارزا فيها قبل أن يصيبه ما أصابه من تكلس فكري أطاح به وبالاشياء الجميلة التي بناها وهدمها بيديه، ثم اكتملت عملية الهدم فيما بعد حتى صرنا نشتاق لمسرحية أو حتى حفل غنائي في مناسبة زواج بدون أن يفسده البعض، ولولا إبداعات الاستاذ بابكر صديق وتلفزيون النيل الأزرق وحفل بلجيكا الاخير لقتلنا جفاف الحياة التي نعيشها !!

* تحسرت أمس الأول وأنا أتابع عبر شاشة التلفزيون مهرجاناً للفن الشعبي الكاريبي في مدينة (تورنتو) الكندية ظلت الصحف وأجهزة الاعلام تروج له شهرا كاملاً، ولم أر فيه شيئاً غير العري وهز الارداف ويسمونه فناً شعبياً. حليل فرقتنا القومية للفنون الشعبية، وحليل رقصة الزاندي والكمبلا والنقارة والشرق والشمالية، وحليل ليالينا الغنائية ومهرجاناتنا الغنائية ومسارحنا وأيامنا الجميلة !!

مناظير
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 4 أغسطس ، 2009