الطاهر ساتي

حكاية بلا عنوان ..!!


[ALIGN=CENTER]حكاية بلا عنوان ..!! [/ALIGN] ** مواطن سوداني بالميلاد أبا عن جد.. بالكد الدؤوب بعيدا عن ظلال الحكومات أنعم الله عليه ببعض الكسب الحلال .. كان باستطاعته أن يذهب بكسبه هذا إلي أي مكان بعيدا عن هم : الكهربا قطعت وغم : الموية ما جات ..و لكنه رأى بأن يشرك بلده في كسبه هذا من خلال مشروع يستوعب بعض الأهل وينتج بعض الخير .. هكذا فكر ، ثم قرر إنشاء مزارع للاستزراع السمكي بأي مكان على شاطئ النيل الممتد من نمولي إلي حلفا ..هكذا قرر ، ثم جاء بخبراء وطنيين من ذوي الكفاءة والخبرة في هذا المجال لدراسة الفكرة وتنفيذها..!!
** صرف عليهم وعلى دراستهم وجولاتهم حتى استقر بهم المقام بأرض جبلية ما بين النيل الأبيض و جبل الأولياء ..حيث لاتصلح للزرع ولا للسكن ، ولكن أهل العلم اختاروها مكانا يصلح لهذا المشروع ، ورفعوا تقريرهم لمن كلفهم بهذا الأمر .. فطرق صاحبنا أبواب السلطات لامتلاك أو إيجار هذه الأرض الجبلية ..فاستجابت السلطات لرغبته ، وسلمته شهادة البحث بعقد إيجار يسري عشرين عاما ، عليها ختم وتوقيع سلطات أراضي الخرطوم .. خمسة أفدنة فقط لا غير ، خالية من الموانع ، ثم قيمة الرسوم مكتوبة بالخط العريض ، هكذا نص شهادة البحث.. فرح هذا المواطن السوداني بالاستلام ، وشرع في إجراءات تحقيق غايات ما بعد الاستلام .. الإنتاج والتسويق والتصدير ..!!
** أرسل وفدا إلي الخارج ليأتي بالخبرة الأجنبية ثم المعدات والآليات.. وتم كل شئ كما يجب ، وفق خطة علمية محكمة وقف وراءها الخبراء ..تم تسوية الأرض الجبلية ومدها بالماء والكهرباء وتم تجهيز الأقفاص العائمة والشبكات والثلاجات وكل ما يلزم المشروع من خارج البلد بالعملة الصعبة .. وفجأة ، ولا يزال العمل جاريا ليلا ونهارا نحو تحقيق الحلم ، تلقى هذا المواطن قرارا من والي الخرطوم السابق يقضي بنزع الأرض بحجة : المصلحة العامة .. لم يصدق الأمر ..إذ كيف تمنحك الحكومة أرضا ثم تنزعها بين ليلة وضحاها ..؟..ولماذا منحتك إن كانت هناك نوايا النزع ..؟.. وماذا عن الخسائر ..؟.. كلها أسئلة حالت بينه وبين تصديق قرار المتعافي ..ولكن أعاد البصر كرتين الي القرار، فصدقه أخيرا .. لم يستسلم ..!!
** ذهب بملف الأرض وشهاداته وكل وثائق المشروع طاعنا ومتظلما الي المحكمة ..فانتصرت له و ألغت قرار النزع ، بل قالت حيثيات قرارها نصا : ليس لوالي الخرطوم ، أو أي والٍ ، سلطة نزع الأرض ، وهذه من سلطات السيد رئيس الجمهورية أو من يفوضه ، والسيد رئيس الجمهورية لم يفوض الوالي بالنزع ، وعليه : هذا القرار الولائي الصادر بالنزع معيب بعيب عدم الاختصاص وأن الوالي مارس سلطات تفويضية لم تمنح له .. هكذا حكمت محكمة الاستئناف – الطعون الإدارية – .. بل أيضا ألزمت الولاية بدفع الرسوم والأتعاب .. فخرج المواطن هذا سعيدا من قاعتها ، وتوجه فورا الي حيث مشروعه لمواصلة العمل الذي توقف بآثار القرار الولائي المفاجئ .. عاد الى هناك حالما باكمال المشروع ..!!
** ولكن ما لم يخطر في بال هذا المواطن وهو يخرج من قاعة المحكمة سعيدا هو أن الولاية لم تكن تسلك في خضم هذا النزع – والنزاع – المسار القضائي فقط ، بل كانت تسلك مسارا ثانيا ليس باستطاعة المواطن أن يجاري فيه الوالي .. ونجحت الولاية في هذا المسار ، حيث جاءت للمواطن بقرار رئاسي ينزع الأرض لمصلحة عامة ، وهي محطة مياه .. ثم يقرر أيضا تعويضه تعويضا عادلا ..هكذا كان القرار الرئاسي الصادر بناء علي توصية والي الخرطوم السابق ، فالتزم به هذا المواطن تقديرا للسلطة الرئاسية وحقها في النزع للمصلحة العامة..فسلم الولاية أرضها الجبلية وسحب آلياته ومعداته وعمالته مغادرا المكان ..!!
** هذا ماحدث قبل ثلاث سنوات..وإلي يومنا هذا لم يستلم التعويض العادل الذي ورد في القرار الرئاسي ..لا قيمة أرضه ولا خسائر المشروع ..لم يستلم مليما بحيث تحدثه نفسه بانه التعويض العادل ..« أمشي وتعال ، الليلة ، بكرة » ..هكذا حاله مع الولاية في درب التعويض منذ ثلاث سنوات وإلي فجرنا هذا ..قد يكون هذا المواطن حزينا على تأخير التعويض ، ولكني حزين على ضياع مشروع سوداني – بغض النظر عن أثره في خارطة الاقتصاد الوطني – كان قد يستوعب بعض الأسر السودانية بالكد الحلال ..نعم ضاع مشروع الأقفاص العائمة لأن الوالي السابق لم يجد – في طول جبل أولياء وعرضها – مكانا غير تلك الأرض الجبلية لمحطة مياه المدينة ..والمدهش ان مكتشف الأرض هو فكر وجهد ومال هذا المواطن… انتهت الحكاية ،وعذرا صديقي القارئ : إني مرهق ، فاختر لها عنوان .. !!
إليكم – الصحافة الخميس 06/08/2009 العدد 5788
tahersati@hotmail.com


تعليق واحد

  1. الاستاذ الطاهر ساتي …
    شكراً نشر مثل هذا الموضوع الهام لمسيرة السودان الحديث
    ام بالنسبة للسوداني الاصيل .. بقول له الحصل هذا حسد ليس إلا … وللاسف مازل في البلد في ناس وللاسف في مناصب عليه بقنعوا الراي العام بأنهم عيونم على الصالح العام .. ولكن لو جات الفرصة بالمشاركة بالمشروع بدون اي راس مال ولا تعب ولا حتى بالرأي لكان المواطن مشروعو بالوقت منتج .. ياريت الموضوع هذا يلاقى اهل السلطة … ويقرروا مصلحة البلد وين .. وربنا يوفق الموطن بي مشروع احسن وخير وفير …

  2. الاخ الطاهر سلامات

    ازال عنك ربي الرهق ، واعتقد ان سببه هذه الصدمة التي اصابتك واصابتنا ، اعتقد ان رئاسة الجمهورية حين اصدرت قرارها اكدت حق التعويض العاجل للمواطن ولكن هناك من يحول دون ذلك !!!! لماذا والي متى ؟ هذا ما لايعرفه الا اهل العلم بلامر وهم ادرى … اما العنوان المناسب حسب اعتقادي هو .. نداء لرئاسة الجمهورية .. انهم يذبحون مواطنيكم . ودمتم

  3. هي ما يشوف ارض تانيه حتي الخبراء في تشييد المشروع ده ما يساعدوه لذلك اقترح العنوان شفوا لي حلل