مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «السموأل» من الاستقالة إلى الإقالة


[JUSTIFY]حكومة الإنقاذ الوطني.. هكذا نسميها بالاسم العتيق رغم الأجواء الديمقراطية التي أطلقتها بقوة منذ ادخال اتفاقية نيفاشا حيّز التنفيذ عام 2005م.. هذه الحكومة بعد أكثر من ربع قرن من الزمان عجزت تماماً عن تجهيز مديري فضائيات وإذاعات قادرون على النجاح في تحقيق أهم ثلاثة حلول لأهم ثلاث مشكلات هي مسايرة الظروف المالية في دولة تعاني من الفقر الشديد وتعتمد في اقتصادها على الحلول السحرية التي يجتهد في انتاجها بنك السودان ووزارة المالية ممثلة بإدارة التنمية وبرنامج الاستثمارات الخارجية. ولكن حتى لا نظلم الناس أشياءهم نقول باستثناء مدير قناة وإذاعة الخرطوم الاستاذ عابد سيد احمد.
والمشكلة الثانية هي تطبيق النظام الإعلامي الذي يعكس بذكاء الثقافات الحالية لمختلف المناطق ويدعم العمل الدعوي الذي كان من أجله ومن المفترض تحرك 30 يونيو 1989م، حينما أصبح الحكم الديمقراطي في عهد الصادق المهدي لقمة سائغة لطموحات خلايا أخرى داخل الجيش كان قد انفضح أمر بعضها بعد فشل محاولات انقلابية تحت شعارات مضللة تقول باسترداد الديمقراطية لكسب الشارع في وقت معين.
إذن هذا الفشل الذي تجاوز عمره ربع القرن الى متى ستتعافى منه هذه «الحكومة الاسلامية»؟!
إلى متى ستستنسخ شخصية إدارية متوازنة ومناسبة للمرحلة مثل الأستاذ عابد سيد احمد الذي كان في يوم من الأيام اصغر رئيس تحرير صحيفة في البلاد؟!
إن الاستاذ عابد يفهم تماماً قدرات الدولة المالية ويقدّرها ويقّدر كل شيء.. ويفهم تماماً خط الدولة الاعلامي ويعرف بحنكة كيف يتعامل معه، وله في ذلك انجازات ضخمة رغم القيل والقال. فإن أي نقد تعرض له من البعض لا يعدو ان يكون بسبب الجهل في استيعاب الوقائق والحقائق المحيطة بالادارة.
ان قناة مثل قناة الخرطوم، وإذاعة مثل إذاعة الخرطوم يمكن ان تصبح مثلهما من حيث النجاح الباهر صحيفة مثل صحيفة الرائد التي صُرف عليها بسخاء وكان هذا سبب فشلها اصلاً.
الآن ما تقوم به «قناة الخرطوم» و«إذاعة الخرطوم» وهما يحملان اسم العاصمة. وهو اسم يحمل عدة مؤسسات مختلفة. أعرق جامعة وأعرق بنك وصحيفة عريقة.
ما تقومان به تجاه المواطن قبل الحكومة من توعية وتسلية ودعوة وترفيه، وعكس الإنجازات الحكومة باسلوب غير ممل، ويحمل عناصرالتشويق للمشاهدة يغني عن بقية الفضائيات اذا لم يغن عن بعض الاذاعات الاخرى.
هذه المقدمة الطويلة ترى لماذا؟!.. لأن هذه الايام تتداول وكالات الأنباء والصحف ومواقع التواصل الالكترونية خبر إقالة المدير الجديد للهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون وكما قيل على خلفية صعوبات مالية. ونعلم ان هذه الصعوبات تواجه بصورة أشد وأقسى قناة الخرطوم وإذاعة الخرطوم. ونسمع «هنا أمدرمان» لأن الإذاعة القومية العريقة في ام درمان.. ويمكن ان نسمع «هنا ولاية الخرطوم» لأن اذاعة الخرطوم لو كانت في امدرمان فهي داخل ولاية الخرطوم.. فالفرق في أن واحدة تجد الدعم وتنتشر بالامكانات في معظم انحاء البلاد، أما الثانية فهي متكئة على إدارة «عابد».
قناة الخرطوم الآن تفتقر لأبسط المطلوبات، وليس هناك صُعوبة مالية أشد من ذلك. واستضافتي لمرات كثيرة في استديو القناة والاذاعة من خلالها فهمت حجم الدعم والتمويل.. وقدرة الإدارة على مجابهة الصعوبة المالية. ونفس هذا السبب «الصعوبة المالية» كان وراء استقالة السيد السموأل خلف الله من إدارة تلفزيون الخرطوم قبل ان يصبح قناة فضائية ويحتاج للمزيد من الدعم والتمويل. ففي مامضى كانت «استقالة» بسبب الصعوبة المالية من تلفزيون الخرطوم.. والآن هي «إقالة» لذات السبب. ومن الاستقالة الى الوزارة الى الإقالة، نفهم ان السيد السموأل يصلح ان يكون مدير وسيط اعلامي رسمي في بلاد ثرية بخلاف جمهورية السودان التي تعاني دفع فواتير الامن والاستقرار والخدمات الضرورية. السيد السموأل رجل مناسب للإدارة ولكن ليس في السودان الفقير.. وحظا أوفر.[/JUSTIFY]