مقالات متنوعة

منى عبد الفتاح : اختراق داعش والسحر الأمريكي


[JUSTIFY]جاء تشديد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على ضرورة إصلاح نظام أمن المعلوماتية بعد الهجوم الالكتروني الأخير على مواقع القيادة المركزية الأمريكية في «تويتر» و«يوتيوب»، في وقت يعاني فيه الأمن والاقتصاد العالمي من أضرار حدثت بالفعل وأخطار متوقعة.
وقد نجحت أمريكا بشكل ما في استعداء العالم، بعد أن ملكته سلاح المعلوماتية والتكنولوجيا، وفشلت في الوصول إلى مجرم محدد نظرا لطابع العمليات وشكلها الانتقامي. وهنا تتبدى أشباح المجرمين منهم الحقيقيون ومنهم المدعون. وتطالعنا بين حين وآخر إعلانات عن حروب كونية آخرها إعلان هاكرز حربا «عالمية ثالثة» يدعون قيامها عقب هجوم بحري للصين على سفينة حربية أمريكية.
ترى هل من علاقة بين عملية القرصنة الأخيرة التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية والتهديدات السابقة من كوريا الشمالية على أعقاب عرض فيلم «المقابلة» الذي يتناول بسخرية الزعيم الكوري الشمالي؟ ففي معرض اتهامها للرئيس الأمريكي بتحريض دور العرض على تقديم هذا الفيلم يوم عيد الميلاد عمدت اللجنة الوطنية الكورية الشمالية إلى التهديد بأنه: «إذا واصلت الولايات المتحدة الوقاحة والطغيان واستخدام أساليب العصابات على الرغم من التحذيرات المتكررة (من كوريا الشمالية)، فعليها أن تبقي في ذهنها أن أفعالها السياسية الفاشلة ستؤدي حتما إلى ضربات قاتلة».
هذا شيء وتعبير كوريا الشمالية الساخر العنصري في نفس السياق شيء آخر، وهو ما جاء في نفس البيان بأن أوباما متهور دائما في أقواله وأفعاله مثل قرد في غابة استوائية. وهذا الوصف ليس وصفا بريئا أو لا مباليا بل يقع في باب العنصرية غير المخبوءة ويشير صراحة إلى أصول الرئيس الأمريكي الأفريقية.
ليس من شك في أن أغلب الإرهابيين الذين يهاجرون إلى الغرب بدعوى اكتساب المعرفة والتكنولوجيا لحرب الغرب نفسه وتفجيره، من بينهم أعضاء القاعدة وطالبان وجماعة تنظيم داعش وغيرهم، يعلمون اكتمال تأهيلهم في هذا الجانب لدرجة التبجح بهذه المكاسب التي لولا الغرب لما حصلوا عليها. ولكل ذلك فإنه من الممكن أن يرتقي الأمر إلى درجة تعظيم حظ داعش من هذه المكاسب، لدرجة الادعاء بإمكانية التدمير باختراق موقع البنتاجون وغيره. كما أنه من الوارد أن العملية المعلن عنها والتي أطلق على منفذيها «سايبر خلافة»، بشعار داعش الأسود ليست سوى تمويه أو عملية قرصنة بالوكالة. ربما يكون الأمر مجرد عبث في ثغرات الصفحات الرسمية غير السرية وهي الصفحات المتفاعلة مع الجمهور.
إن عملية الاختراق والقرصنة في حد ذاتها ليست مستحيلة بالنسبة لجماعات جعلت هذا الهدف نصب أعينها وصممت على إنجازه. ولكن المشكلة في اعتراف واشنطن بقدرات داعش مما يلقي في روع العالم المنتظر خصوصا الشرق الأوسط، الإجابة على السؤال البديهي عن مدى جدية الولايات المتحدة في الحرب على داعش، وهل «الائتلاف الدولي» الذي أعلن أوباما أنه يضم 40 دولة قبر أم ما زال على قيد الحياة. وهل من بد إلى زحزحة الخمول من الشرق الأوسط لتكوين حلف عربي وإقليمي بديل للحلف الدولي؟
وبالنظر إلى تطور تكنولوجيا المعلومات والتواصل عبر شبكة الانترنت، فإن الخطورة تكمن في تواصل داعش والقاعدة وغيرها مع منظمات إرهابية أخرى تتفق في هدف تدمير العالم وإزاحة الآخر المختلف. والملاحظ أن هذه المجموعات تقوى عقيدتها التدميرية مقابل تهاونها الفقهي الذي يهتم بتحريم كل شيء عدا ما تقوم به وما يناسب مظهرها وأفعالها.
قد يكون التحدي الواقع على الإدارة الأمريكية أخطر، ولكنه مقدور عليه، فأمريكا تمسك بخيوط اللعبة ولن تسمح بأن ينقلب السحر على الساحر. أما هنا فنحن نعيش هذه الحياة ونستخدم نفس التكنولوجيا التي تستخدمها المنظمات الإرهابية. وسيظل عالمنا الشرق أوسطي يرقب تحولات الأمس وبؤس الحاضر وغموض المستقبل، وتظل المساحة في تباعد متسع بين الاعتقاد والقول والفعل. وسنظل كما نحن ننتظر حتى يخترق داعش «البنتاجون» ثم نندهش دون أن نسلم بخبلها أو نرى من يقف وراءها.
[/JUSTIFY]