جمال علي حسن

إبل الرحيل العطشانة


[JUSTIFY]المواطن السوداني لم تعد أخبار وبشارات زيادة الإنتاج تهمه أو تعنيه في شيء.. هي أخبار غير مهمة بالنسبة له وأخبار غير قادرة على استحضار إحساس التفاؤل بانصلاح حاله المعيشي وذلك بحكم تجربته المحبطة مع ( بشارات الإنتاج ) ..

بشرته الحكومة من قبل بالنفط حين كانت دولتنا تنتج كميات محترمة من النفط قبل الانفصال، لكن المواطن لم يشعر بأثر ذلك على استهلاكه من تلك المواد النفطية ولم تنخفض أسعار المحروقات يوماً من الأيام، بل ظلت تشهد زيادات مستمرة ..

هذا المواطن بشرته الحكومة بزيادة إنتاج البلاد من اللحوم وزيادة صادراتها بنسب كبيرة خلال السنوات الماضية، لكن ذلك لم ينعكس على أسعار اللحوم التي يستهلكها، فهي السلعة الاستهلاكية التي ظل المواطن من الطبقة المتوسطة الحال يحتفظ بنسبة وجود رمزي لها في مائدته.. أما الفقراء فيكتفون بمشاهدتها خلف زجاج الجزارين ..

وقبل يومين يبشره وزير الزراعة والغابات إبراهيم محمود بأن السودان تمكن من زراعة أكبر مساحة في تأريخه في هذا الموسم.. والتي بلغت 52 مليون فدان من المحاصيل المختلفة، لكن وبكل الأسف لا يوجد إحساس بأن تنعكس هذه النسب على حياة المواطن وعلى أسعار الخضروات ولا حتى أسعار تلك المحاصيل التي يتحدث عنها الوزير.. لأن المواطن جرّب التفاؤل بذلك من قبل ألف مرة ..

لم تعد بشارات زيادة الإنتاج تهم المواطن إطلاقاً لأنه وببساطة لا يشعر بأي فرق أو اختلاف في حياته ومعاناته في الحصول على السلع الاستهلاكية المختلفة .

وقد تقول الحكومة إن المحصولات النقدية ليست بالضرورة أن تنعكس نسب إنتاجها على المواطن مباشرة في السلع المحددة بحكم أنها سلع نقدية للتصدير الخارجي الذي يعني إنعاش الاقتصاد وتماثله للشفاء من الأنيميا التي يعانيها، لكن هذا منطق صحيح وغير حكيم لأن تشجيع المواطن على الإنتاج يكون بإحساسه المباشر بثمرة الإنتاج تلك.. هذا الإحساس الذي يتحقق عن طريق دعم الحكومة لحصة الاستهلاك الداخلي من السلع النقدية نفسها، وهذا هو الشيء الذي يشعر به مواطن الدول النفطية مثلاً. حيث إن الدولة تدعم أسعار النفط حتى يشعر المواطن أنه يعيش في دولة نفطية وينعم بخير إنتاجها.. وكذلك مواطن كل الدول الزارعية والصناعية. حيث تكون السلعة المنتجة أقل سعراً في دولة الإنتاج أو دولة المنشأ.

لكن منظراتية الاقتصاد في بلادنا لا يدركون أهمية وطرق تشجيع الإنتاج داخلياً وتشجيع المواطن المنتج للسلع النقدية على زيادة إنتاجه بتحفيزه المباشر عبر تسهيل عملية توفير حصة الاستهلاك المحلي بأسعار معقولة تجعل المواطن يشعر فعلا ًبأنه يعيش في بلد زراعي وبلد إنتاج حيواني.. وليس مثل حال ( إبل الرحيل شايل السقا وعطشانة) وليس كبلد يصدر اللحوم الطيبة للآخرين ويعاني هو من جرائم ذبح اللحوم الكريهة والمحرمة والنافقة التي انتشرت ظاهرتها مؤخراً.. والغريب أن تلك الظواهر كانت متزامنة مع الأخبار التي تتحدث عن أعلى نسبة تصدير للماشية السودانية والتي بلغت 4 ملايين رأس العام الماضي..

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]