الطيب مصطفى

حزب الميرغني وتصحيح المسار


[JUSTIFY]قد يتساءل البعض لماذا أبدي كل هذا الاهتمام بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وأُكثر من الكتابة عنه؟

أقول إن أكثر ما يعنيني كيف يحكم السودان وكيف نحقق استقراراً لوطننا بعيداً عن الاحتراب والاحتقان السياسي وكيف ننقله إلى مرحلة سياسية جديدة يسودها التداول السلمي الديمقراطي للسلطة والذي يفضي إلى حكم راشد وفصل بين السلطات يحقق لبلادنا نهضة طال انتظارها.

إصلاح الممارسة السياسية التي يمكن أن تحقق هذه الأهداف ينبغي أن يكون شغلنا الشاغل في الصحافة السودانية وما من شيء ينبغي أن ينصلح حاله أولاً سوى الأحزاب السياسية حتى ينصلح شأن الممارسة السياسية، ذلك أن الأحزاب تعتبر بمثابة المواعين التي تجمع الولاء الوطني وتعبّر عن رغبات الشعب في من يحكمه ويتولّى أمره، وبما أن فاقد الشسئ لا يعطيه فإن على الأحزاب أن تمارس داخل مؤسساتها ما تطلب أن يسود في الساحة السياسية من ديمقراطية وشورى.

الجهاز التنفيذي الذي ينبغي أن يتحقق من سيادة القيم الديمقراطية ويفرض ذلك على الجميع هو مجلس شؤون الأحزاب الذي ينبغي أن يتمتّع بسلطات هائلة يضمن بها فرض ممارسة سياسية راشدة على الجميع وما لم يقم ذلك الجهاز التنظيمي بدوره ويُعمِل القانون بحزم فإنه لا أمل في إصلاح سياسي وممارسة ديمقراطية.

حزب الميرغني الذي أكثرنا من الحديث حوله يعتبر من أكبر الأحزاب التاريخية التي تتمتّع بقاعدة صلبة هي الطريقة الختمية شأنه شأن حزب الأمة الذي يستند على طائفة الأنصار والمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي اللذين يقومان على الحركة الإسلامية كقاعدة صلبة بالرغم مما أصابها من هزال بعد أن انقلب عليها طالبو لعاعة الدنيا والمنغمسين في مستنقعها الآسن واختطفوا بوصلتها وأحالوها إلى حُطام. على أن ما ينفرد به حزب الميرغني أنه دون غيره من الأحزاب يعاني من ضعف هيكلي مريع وانعدام غريب للمؤسسية ويكفي أنه لم ينعقد له مؤتمر عام لما يقرب من خمسين عاماً بما يعني أنه لا يوجد نظام أساسي يحكمه نظراً لأن ذلك النظام يُجاز أو يُعدل بالمؤتمر العام الذي يختار الرئيس ومجلس الشورى والذي بدوره يختار المكتب القيادي فأي مؤسسية تحكم هذا الحزب في غياب المؤتمر العام والنظام الأساسي، وما هي السلطة التي يتمتع بها ابن الميرغني المسمى بالحسن ومن أين استمدها غير أنه ابن الميرغني ومن الذي منح الحسن هذا سلطة تكوين اللجان وإقالة من يعترض على قراراته؟!

إذا كان الميرغني ظل مقيماً في لندن منذ ما يقرب من عام ونصف لم تضطره كل الأحداث والتطورات السياسية إلى العودة إلى السودان ولو ليوم واحد والرجوع إلى لندن فماذا عن ابنه الذي يحتل منصب مساعد رئيس الجمهورية ويقيم مع والده كذلك في لندن، وهل يحدث ذلك في أية دولة في العالم أن يقيم أحد أكبر شاغلي المناصب الدستورية خارج بلاده ومن نلوم حزب الميرغني أم الحزب الحاكم الذي يرضى بهذه (الخرمجة) بدون أن نسائله ـ نحن الشعب ـ عن سلوكه هذا ونحاسبه سياسياً وكيف يخالف الحزب الحاكم قانون الأحزاب ويخرب الممارسة السياسية ويدفع للميرغني فاتورة ذلك السلوك غير القانوني في شكل أعطيات ضخمة يتحملها الشعب السوداني المغلوب على أمره؟

أقسم بالله أنني لست راضياً عن الانشطارات والانقسامات التي تحدث للأحزاب السياسية وأعلم أنها بفعل فاعل يريد أن يضعف تلك الأحزاب حتى يدوم له الأمر الذي لو دام لغيره لما وصل إليه، ولكن هل من حل لإصلاح حزب الميرغني بعد صبر امتد لعشرات السنين غير الثورة التي يقودها أبو سبيب وعلي السيد وعلي نايل وغيرهم والتي انتظمت قيادات الحزب في شتى الولايات؟
لو كان الحزب فقيراً لالتمسنا له العذر وقبلنا على مضض أن يعطل انعقاد المؤتمر العام لإقامة المؤسسات الشرعية التي تحكم الحزب لكنه من أغنى الأحزاب السياسية في الساحة السياسية فهو يقبض ولا ينفق وما من أحد يعطل انعقاد المؤتمر سوى الميرغني المحتكر لكل القرارات والذي يسوق قيادات ونخب وقواعد الحزب كما تُساق القطعان بنظرية (إن المريد لشيخه كالميت بين يدي الغاسل)، وقد قالها أبو سبيب مؤخراً (من الآخر) إن مشكلة الاتحادي الأصل تكمن في الميرغني فلا فض فوك أخي أبو سبيب.

إلى متى يصبر مجلس شؤون الأحزاب على ذلك الحزب وما هي فائدة ذلك المجلس أصلاً إذا كان ينشغل بالنوافل دون الفرائض، ومتى ينضبط المؤتمر الوطني ويقدِّم مصلحة الوطن على مصالح أفراده، ولماذا يجيز مجلس شؤون الأحزاب للحزب الحاكم التحالف مع أحزاب غير شرعية كحزب الميرغني؟

إنني أدعو أبو سبيب والقيادات الثائرة إلى مواصلة تصحيح مسيرة الحزب، فذلك والله ما سيحفظه لهم التاريخ، أما الصمت على ما يجري في حزبهم من خروج على المؤسسية فسيحاسبهم عليه الله قبل أن يحاسبهم التاريخ.[/JUSTIFY]