زهير السراج

كفاية تبليط


[ALIGN=CENTER]كفاية تبليط !![/ALIGN] * استفحلت (كارثة) التصريف المائي بولاية الخرطوم بسبب سياسات كثيرة خاطئة مثل توزيع الاراضي السكنية واقامة المنشآت في المجاري الطبيعية للسيول والامطار فتسببت في إغلاقها واعاقة سريان الماء الى مجاري الانهار، بالاضافة الى اغفال إنشاء شبكات التصريف المائي تماما في الخطط المتعاقبة، فكان من الطبيعي ان تتسبب أية أمطار تهطل في كارثة، ليس بسبب كمية الامطار وانما بسبب سوء التصريف !!

* حتى مشروعات الطرق الكثيرة التي أنشأتها الحكومات المتعاقبة لولاية الخرطوم أغفلت بدرجة كبيرة أهمية التصريف المائي وانشاء مصارف، أو حتى خيران، وشيد بعضها في مجاري المياه، والبعض الآخر بدون ردميات، والبعض أعلى بكثير من المنشآت والمساكن التي تحيط بها فصارت وبالا عليها ..إلخ، وكل ذلك بدعوى تقليل المصروفات !!

* أذكر أنني كتبت كثيرا جدا وتحدثت مع مسؤولين ومهندسين بولاية الخرطوم منهم الاخ الوالي السابق الدكتور المتعافي والاخ وزير التخطيط العمراني المهندس عبدالوهاب محمد عثمان، عن موضوع الطرق التي تشيد بدون مصارف للمياه أو بدون مراعاة لتصريف المياه، فتنهار في وقت وجيز، أو تتسبب في استفحال مشكلة التصريف، وكانت الاجابة الدائمة والمفضلة هي أن الهدف هو إنشاء (طرق قليلة التكلفة)، أي بدون مصارف أو إنارة أو تلتوارات أو حتى الردميات المناسبة أو الطبقات المعروفة للطرق الاسفلتية، أو،أو … يعنى مجرد (تبليط)، وكنت اكتب وأقول لهم أن ما تظنونه تكلفة قليلة هو في حقيقة الامر تكلفة مضاعفة، لانكم تضطرون فى معظم الاحيان الى صيانة الطريق أو إعادة إنشائه بالكامل عدة مرات قبل ان يمر عليه وقت يذكر (وضربت الكثير من الامثلة)، أو معالجة العيوب التى تنجم عنه مثل سوء التصريف، بالاضافة الى المشاكل الاخرى لمثل هذه الطرق الرخيصة كزيادة استهلاك الوقود والاسبيرات وارتفاع حوادث المرور … إلخ، وكلها تعنى بشكل أو بآخر زيادة الصرف المالي وهزيمة فكرة (تقليل النفقات) التي تتحجج بها حكومة الولاية من الأساس، وأوردت الكثير من الامثلة، إلا أن الاجابة ظلت كما هي لم تتغير .. (طرق قليلة التكلفة) !!

* كل اهتمامات الحكومات السابقة لولاية الخرطوم، وعلى الاخص الحكومة السابقة انحصرت في الطرق والجسور قليلة التكلفة، ولم تعط اي اهتمام او حتى أدنى تفكير في مشروعات البنية التحتية الاساسية مثل انشاء مصارف المياه وتحديث شبكات المياه وزيادة القدرة الانتاجية لمحطات المياه، بل حدث العكس تماما .. فمن أجل (الشو) الاعلامى كانت مصارف المياه الطبيعية تتحول الى طرق قليلة التكلفة تعترض سريان المياه او تتحول الى مستنقعات مياه ثم تتشقق وتتحفر وتنهار فى مدة وجيزة وتحتاج الى إعادة تشييد وصرف مالى أو تهدد حياة الناس بحوادث السير او الغرق .. إلخ !!

* لا اريد البكاء على اللبن المسكوب، ولن يفيد البكاء عليه، ولكن يجب ان يتوقف نزيف اللبن الذى نريقه على الطرق (قليلة التكلفة) بغرض (الشو والمنجهة وشوفونا)، وأن يتوجه العزم نحو المشروعات والانجازات الحقيقية التى تفيد الناس وتترك ذكرى طيبة لمنجزيها !!

drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى،1سبتمبر2009م


تعليق واحد

  1. دكتور زهير سلامات
    ان من يريد ان يترك ذكرى طيبة لابد ان يفعل طيبا … هذا قانون الاخذ والعطاء في هذه الحياة .. ان فكرة التكلفة القليلة هي حق يراد به الباطل .. فاي تكلفة قليلة تلك التي تهدد حياة الانسان السوداني ؟ (برغم اننا عارفين انو نحنا حياتنا ما مهمة ) وتعرض حياته لكل هذه المعاناة التي يعيشها الان بسبب هذه التكلفة القليلة … اي تقليل للتكاليف الذي يتسبب في انهيار بيوتنا واملاكنا التي تعبنا فيها طوال عمرنا حتى اقمناها ؟ (برغم اننا برضو عارفين انو املاكنا دي ما مهمة ولا حاجة ) اي تقليل للتكلفة الذي تسبب في انهيار المدارس واغلاقها ؟ (برغم اننا عارفين انو تعليم عيالنا ما مهم !) واي تقليل للتكلفة ……. الخ الخ الخ الخ … الموضوع مظهرية السياسة البغيضة .. وامر اخر … ما حاقولوا لانو الشعب السوداني كلوا بقى عارفوا … بس في سؤال بريء لما الموية تقيف في الاسفلت لايام .. الاسفلت بيخرب وينتهي وبالتالي الشارع يبقى كلو حفر ومطبات .. وعايز صيانة .. والصيانة ميزانية وعطاءات … وشركة تنفذ الصيانة … صاح ولا لا ؟؟؟ وكلوا موجود … ويتم الانجاز .. لحدى الخريف الجاي السوق ينتعش من جديد .. وكل خريف وانت بخير ….