عثمان ميرغني

شهادة زور!!


[JUSTIFY]أحياناً يتصل بي بعض الأصدقاء والمعارف.. وبكل عفوية وأريحية يطلبون خدمة– في رأيهم- بسيطة سهلة.. (عاوز شهادة خبرة) مثلاً.. رغم أنه لم يعمل معنا مطلقاً..
والفهم.. إنها (شهادة والسلام) لا تضرّ من يكتبها، بينما تنفع من تُكتب له.. وكنت أردّ عليهم بأن (الشهادة.. شهادة) لا تختلف (شهادة الزور) أمام القاضي في المحكمة عن (شهادة الزور) التي تمنح لمن يطلبها دون أدنى اعتبار لمحتوى الشهادة..
وفي تقديري أن المواطن الذي يطلب مثل هذه الشهادة هو (فاعل بالوكالة)، بينما الحكومة هي مرتكب الفعل بالأصالة؛ لسبب بسيط هو إصرار الحكومة على إرغام المواطنين أبراز شهادات لا لزوم لها.. منها على سبيل المثال لا الحصر (شهادة السكن).
شهادة السكن مثلاً.. غالباً يشترك في جريمتها اثنان.. الحكومة حينما تصرّ على أن تُرفق في أي طلب يتقدم به المواطن.. واللجان الشعبية التي تعودت على إصدر هذه الشهادة وبراءة الأطفال في عينيها لكل من يطلبها ما دام سيدفع (الرسوم).. فهي في نظر اللجنة الشعبية مجرد (شهادة والسلام) لا مسؤولية فيها.. ولا يشترط لمنحها أن يكون حاملها من سكان الحي..
الأوفق أن تراجع الحكومة حزمة المطلوبات للإجراءات الحكومية، وتزيح كل ما هو غير ضروري.. فعلاوة على أن ذلك ييسر الإجراءات الحكومية، ويعفي المواطنين من خطيئة الحصول على شهادات زور.. فهو- أيضاً- يقلل أكوام الأوراق التي تحتفظ بها السجلات والدوائر الحكومية بلا معنى.
كنت كلما مررت بإجراءات الجوازات في الشرطة (تأشيرة خروج أو غيرها)، احتار- للغاية- في إصرار الشرطة على إرفاق صورة من الجواز.. رغم أن الشرطة- هي نفسها- صاحبة الجواز، وهي من إصدرته.. ومع تكرار السفر تصبح في سجلات الشرطة عشرات من الصور لنفس الجواز.. أين تحفظ كل هذه الأوراق؟!.
سهولة استخراج الشهادات العفوية هذه تتسبب في عقاب جماعي لكل المواطنين.. فلو ارتفع منسوب (الصدق الرسمي) لدى المواطن والجهات الحكومية لربما أمكن (تنزيل) الإجراءات إلى أدنى مستوى.. مثلاً لاستخراج جواز سفر جديد يتقدم المواطن بطلبه إلى اللجنة الشعبية في الحي.. وهي تتولى نيابة عنه الحصول على الجواز من الجهات الرسمية، وتسليمه للمواطن، لكن لأن الحكومة تدرك أن اللجنة الشعبية (ذمتها بلاستيكية).. وأن المواطن ميال للحصول على أي شهادة بلا اكتراث لصدقيتها.. فإن الحصول على المستندات الرسمية يصبح عملية محفوفة بكل التوجس والاتهام.. ويظل (المواطن متهماً حتى يثبت اتهامه)..
في تقديري مطلوب دراسة إستراتيجية توضح كيف يمكن تعلية أسوار الصدق لدى المواطن، والجهات الرسمية في مختلف مستوياتها.. فالواقع- الآن- أن الكذب المتبادل هو أساس العلاقة بين الحكومة ومواطنها.[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. صدقاً لتحليلك عند استخراج تاشيره خروج تطالب بكرت سفر من الخدمه بعد دفع الرسوم وبمجرد خروجك من البلد ترمى ومايكون عندها اى فايده بالرغم من تصوير وطباعه وتكلفه

  2. قبل ان نعلي اسورة الصدق ان نهدم صنم الكذب المتمثل في صحافة الكذب والنفاق واكل لحوم الناس بالباطل .
    كنت صادق عندما اشرت لمكمن الفساد ولكن باقي الاصابع تشير اليك يا عثمان واقصد الصحافة