الطاهر ساتي

كان الماضي عريقاً يا .. مستقبل ..!!


[ALIGN=CENTER] كان الماضي عريقاً يا .. مستقبل ..!! [/ALIGN] ** قبل سنتين ، لاحظ ولاة أمر التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية بالسعودية أن بعضا من تلاميذ المدارس الإبتدائية بالمنطقة يعانون من مشاكل تعليمية وأخرى سلوكية ، تم حصرها في الآتي : صعوبة في الكتابة والقراءة وفهم مادة الحساب ، التأخير عن حضور طابور الصباح ، عدم المشاركة في الدرس بالنقاش ، كثرة الحركة أثناء الجلوس على المقاعد وابداء بعض علامات الملل كالتثاؤب .. تلك كانت بعض ملاحظاتهم على تلاميذهم .. فتم حصرهم ثم إجراء دراسة عليهم وعلى أسرهم بواسطة خبراء ومرشدين ، فتوصلت الدراسة على أسباب تلك المشاكل وكيفية معالجتها إجتماعيا وإقتصاديا وتعليميا ، ورفعت اللجان توصياتها بمحاورها التي طالبت بأهمية توفير المعلم الكفؤ والمرشد الاسري ثم تقديم دعم مادي للأسر الفقيرة ..!!
** والحدث أعلاه موثق بصحيفة عكاظ – 6 ديسمبر 2007 – وفيه كل السرد التفصيلي الذي يعكس تضامن كل الجهات ذات الصلة بأمر التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية لتصحيح المسار التعليمي والسلوكي لبعض تلاميذ المنطقة ..نعم بعضهم وليس كلهم .. وفي سبيل هذا البعض سخرت تلك الجهات جهودها بحيث تشمل الدراسة التلميذ وأسرته أيضا ..وكما وفرت الجهات وسائل المعالجة لمشاكل التلميذ في المدرسة ، أيضا وفرت وسائل المعالجة لمشاكل أسرته بتنفيذ برامج إرشاد للآباء والأمهات ودعمهم ماديا ..كل هذا الجهد التعليمى والتربوي فقط لأن بعضا من التلاميذ تململوا أثناء الدراسة بالتثاؤب – وغيره – وبعضهم تأخر عن طابور الصباح وبعضهم عجز عن مشاركة أستاذه في النقاش ..فتأمل – صديقي القارئ – ملامح هذه المشاكل التعليمية والسلوكية التي أرقت مضاجع ولاة الأمر هناك بالمملكة ، بحيث أرغمتها على دراسة الحال وإيجاد الحلول .. تأمل تلك المشاكل وحدق فيها مليا ثم دعها في المملكة و..هيا إلي سوداننا الحبيب ..!!
** قبل أسبوع شهدت منطقة سودري بشمال كردفان حدثا كان – ولايزال – كل حظه من النشر عبارة عن خبر صغير جدا بالصفحات الداخلية لبعض الصحف و ( خلاص ) ..نعم هذا النوع من الحدث يختلف عن مؤتمر الحزب الحاكم ومؤتمر جوبا وغيره ، بحيث لايأبه به – أو له – أحد ..وفحوى الحدث هو أن تلاميذا بإحدي مدارس أساس سودري أحرقوا مدرستهم حريقا شاملا تحولت بأثره ثمانية فصول دراسية ومكاتب معلمين إلي رماد ..تحرت الشرطة وكشفت بأن الفاعل هم بعض التلاميذ بذات المدرسة ، والسبب كما إعترف الصغار هو : خوفهم من الامتحانات..وبالفعل نجحوا في حرق أوراق الإمتحانات ، كما قالت السلطات هناك ، والتي قدرت خسائرها المادية ب ( 24 الف جنيه ) ..وهى تكاليف كل المدرسة المشيدة بالمواد المحلية .. فدع الخسائر المادية ، وتأمل مليا في المشاكل التعليمية والسلوكية التي يعاني منها صغار تلك المدرسة بسودري ..تأملها وحدق فيها مليا ، ولاتقارنها بمشاكل تعليم وسلوك مدراس المنطقة الشرقية بالسعودية لكى لاتكتئب ..!!
** هناك ملاحظات من شاكلة التثاؤب أثناء زمن الدرس والتأخر عن موعد طابور الصبح ، تجد حظها من الدراسة والبحث عن الحلول لدي أعلى السلطات..ولكن هنا يبلغ التلميذ من سوء السلوك بحيث يحرق كل فصول مدرسته ومكاتبها توجسا من الإمتحان المرتقب ، ولايجد سوء سلوكه من المعالجة والتصحيح غير تبليغ الشرطة عنه وربما فصله أو حبسه في سجن الأحداث .. نعم ، تلك طرائق تفكيرهم في تربية وتعليم أجيالهم ، وهذه طرائق تفكيرنا في تربية وتعليم أجيالنا ، والبون – كما يتجلى لكم – شاسع ، بل شاسع جدا .. فلايذهب بك الظن بأن واليا هناك أوزيرا سوف يأمر بتشكيل لجان من العلماء والخبراء لمعرفة المشاكل الجوهرية التي يعاني منها صغارنا بتلك المدرسة المحترقة ، كما فعل ولاة الأمر بالمنطقة الشرقية بالمملكة.. بل الحدث هنا مجرد جناة صغار حرقوا مدرستهم ، فاجلدوهم أو أفصلوهم و ( خلاص ) .. هكذا تفكر عقولنا التربوية والتعليمية ، وما مدرسة اساس سودري إلا نموذج ..ولهذا كل من حولنا يتقدم ، ونحن – كما نحن – أمة الأمجاد التي تغني لل ..( ماضي العريق ) ..!!
إليكم – الصحافة الاحد 04/10/2009 العدد 5846
tahersati@hotmail.com


تعليق واحد

  1. الاخ الطاهر سلام

    انه لامر هام ما كتبت وهي واحدة من قضايانا الجوهرية (قضية التربية )وفي اعتقادي ان معظم ما نعانيه جميعا كسودانيين يدخل من باب هذه القضية الهامة جدا … اين رجالات ونساء التربية في بلادنا … هم في اكناف دول اخرى يبدعون ..ومن بقي فقد صار مهمشا منذ سنوات .. اصبح التعيين الوظيفي مرتبط بالعلاقة او الولاء .. ومرهون بالموقف السياسي .. ففقدنا ما فقدنا تربويا .. والنتيجة هي هذا الانسان السوداني المحبط الذي افتقد الكثير من اسس التربية السوية منذ الطفولة فارتبط الامر عنده بذاته بلا ولاء لو مرجعيات وعندما ينظر حوله يجد الكثير من الوسائل الغير مشروعة قد صارت مشروعة فينمحي من عقله القليل المتبقي من قيمه ومرجعياته ويتدحرج في سلوك الغاية تبرر الوسائل وندفع جميعا الثمن سياسيا واقتصاديا والاخطر اجتماعيا .. هؤلاء التلاميذ ظاهرة تستحق الدراسة فعلا وتقدم فيها البحوث والرؤي التي يستمتع باستقصائها كل حريص حادب .. وهم مثل غيرهم يعانون من انواع الظلم والاهمال .. ولكننا في بلد انشغل بانصرافية السياسة ومظهرية السطحيين .. وتطاول المشبوهين .. وجشع اللصوص .. فانفرط العقد كما ترى .. وغدا سنسمع انا وانت والاخرين العجب العجاب .