تحقيقات وتقارير

رفض تحويل أبيي لمنطقة تكامل


ما إن وردت تفاصيل ما سمي “مقترح أبيي” الذي تقدم به حزب المؤتمر الوطني لشريكه في الحكم الحركة الشعبية لتحرير السودان لجعل منطقة أبيي منطقة تكاملية بين شمال البلاد وجنوبها في حالة الوحدة أو الانفصال بعد استفتاء تقرير مصير الجنوب، حتى خرجت الحركة الشعبية والقبائل الجنوبية في أبيي بلاءات تبدو غاية في الصرامة برفض المقترح وعدم القبول به.

وفي الجانب الآخر ورغم اكتفاء المؤتمر الوطني بالصمت الكامل حيال المقترح، بدا قادة جنوبيون أكثر تمسكا بموقفهم المنادي بتنفيذ بروتوكول المنطقة وقرار محكمة لاهاي.

وتقترح الوثيقة حلا نهائيا لقضية أبيي بتحويل المنطقة إلى منطقة تكامل منزوعة السلاح تابعة للشمال والجنوب معا في حالة الوحدة أو الانفصال، يُمنح مواطنوها الجنسية المزدوجة وحق ممارسة حقوقهم الدستورية كاملة في الشمال والجنوب في آن واحد.

ويرى المقترح ضرورة صياغة اتفاق جديد حول أبيي بعيدا عن البروتوكول الوارد في اتفاقية السلام الشامل، مشيرا إلى أن المنهج الذي اتبع في الحلول “أبرز صورة ارتكازه على حل القضية بانتصار طرف وهزيمة آخر، الأمر الذي سيقود دون شك إلى نتائج مدمرة”.

كارلو أيويل كوجقور وقع على بيان يرفض إعادة التفاوض حول برتوكول أبيي (الجزيرة)
حقوق تقليدية
واقترح توزيع السلطة والوظائف مناصفة بين قبيلتي المسيرية والدينكا نقوك، مع التأمين على الحقوق التقليدية للمواطنين ومنح حكومتي الشمال والجنوب في حالة الوحدة أو الانفصال نسبا في ثروات باطن الأرض في المنطقة، على أن تمنح حكومة الشمال 40% والجنوب 40% ومواطنو المنطقة 20%.

وأكد المقترح ضرورة أن توقع حكومتا الشمال والجنوب على اتفاق بعدم التدخل في شؤون المنطقة وضمان سلامتها وعدم ضمها إلى أي منهما، مقترحا إجراء تكييف قانوني للتنفيذ على الأرض عبر صياغة اتفاقية تتناول كافة الموضوعات على رأسها المتعلقة بالوضع القانوني ومواطني المنطقة والموارد المالية والعمل والإقامة والنشاط المشترك شمالا وجنوبا.

لكن مجموعة من المنظمات الأهلية الممثلة لمنحدرين من أبيي في العاصمة الخرطوم، أعلنت رفضها للمقترح وانتقدت ما وصفته بنقض العهود المتكرر من جانب المؤتمر الوطني بشأن قضية أبيي.

وقطعت ما تعرف باسم “لجنة منظمات أبيي” حسب بيان مذيل بتوقيع رئيسها كارلو أيويل كوجقور تلقت الجزيرة نت نسخة منه, برفضها إعادة التفاوض حول برتوكول أبيي، متمسكة بروح ونص برتوكول المنطقة كما هو مضمن في اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي القومي ودستور حكومة الجنوب.

خطأ تاريخي
واعتبرت اللجنة أن المقترح سيكرس ما وصفته بالخطأ التاريخي الذي استقطع دينكا نقوك من محيطهم الإداري والاجتماعي والثقافي الطبيعي عام 1905 وضمهم قسرا إلى بيئة أخرى غريبة في كردفان، مما جعل أبيي مشكلة وطنية مستمرة.

أما رئيس تشريعي إدارية أبيي شارلز آبي فاعتبر مقترح المؤتمر الوطني برهانا كاملا على المخاوف التي أبدتها الحركة الشعبية من قبل “بأن المؤتمر الوطني غير راغب في تنفيذ اتفاقية السلام بكاملها”.

وقال إن المقترح بعيد عن بنود اتفاقية السلام، بل لا يشير إلى استفتاء منطقة أبيي أو قرار محكمة لاهاي، وأكد في حديث للجزيرة نت ألا علاقة للوثيقة بأبيي.

وأضاف “لا أتصور أن توافق الحركة الشعبية على ذلك”، مشيرا إلى أن المقترح “جاء منافيا للمواثيق الموقعة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بشهادة المجتمع الدولي”.

شارلز آبي: المقترح بعيد عن اتفاقية السلام (الجزيرة)
ظروف حرجة
أما الخبير في شؤون المنطقة سليمان الدبيلو فقد أشار إلى تأخر المقترح وعدم مناسبته للظروف الحالية التي وصفها بالحرجة، مؤكدا عدم قبول الحركة الشعبية مثل هذه المقترحات.

وقال للجزيرة نت إن القضية “وصلت مرحلة اللارجعة”، مؤكدا أن لكلا الطرفين المسيرية والدينكا رأيا يختلف عن الآخر بعدما نجح شريكا الحكم في تحويل الأمن الاجتماعي إلى “تنافر كبير”.

واستبعد الدبيلو عدم معالجة القضية “لأن هناك عيوبا في قرار لاهاي الذي أوجد عددا من المشكلات على الأرض”، منبها إلى عدم وجود ضمانات لحماية المسيرية إذا اختار الجنوبيون الانفصال.

وقال إن القضية بحاجة لأن يرفع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أيديهما عنها، “وأن يترك الأمر إلى أهل المنطقة لاختيار ما هو أنسب لحياتهم الاجتماعية”, ورأى أن “الصورة تبدو أكثر قتامة من ذي قبل”.
الجزيرة نت