بيانات ووثائق

بــيان الأستاذ/ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهوريةرئيس وفد السودان أمام الدورة (65) للجمعية العامة للأمم المتحدة


فيما يلي تورد(سونا) بيان الاستاذ/ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية رئيس وفد السودان أمام الدورة (65) للجمعية العامة للأمم المتحدة

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس

السادة أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات

السادة أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء الوفود

صاحب السعادة الأمين العام للأمم المتحدة

السادة أعضاء الوفود الموقرة

السيدات والسادة

يسعدني في البدء أن أتقدم لكم بالتهنئة الحارة بمناسبة إنتخابكم رئيسا للدورة (65) للجمعية العامة وهو إنتخاب مستحق ، كما أود أن أُعرب عن تقديرنا للإسلوب المتميز الذي أدار به معالي الأخ الدكتور علي عبدالسلام التريكي إجتماعات الدورة السابقة ونحمد له خبرته وحنكته التي إنعكست إيجاباً على نتائج أعمال الدورة

كما نتقدم بالشكر والتقدير لمعالي الأمين العام السيد بان كي مون ومساعديه وكل العاملين بالأمانة العامة للأمم المتحدة لاستمرارهم في بذل جهودهم المتصلة والمقدرة

السيد الرئيس ،،،

تابعنا بإهتمام وحرص بالغين وشاركنا بفعالية في التحضيرات المتعلقة بالإجتماع رفيع المستوى حول أهداف الألفية الإنمائية ، وقد قمنا باستعراض الإنجازات ، والوقوف على العقبات والتحديات علي النحو الذي يمكننا من الوفاء بإلتزامنا. ولاشك أن النجاح الذي تحقق والتوصيات البناءة التي خرج بها الإجتماع ستشكل حافزاً ودافعاً للدول الأعضاء لتحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال , ونود أن ننوه بصفة خاصة للأهمية القصوي لدور العون التنموي في تحقيق أهداف الألفية وضرورة المحافظة على هذا النجاح خاصة في أجواء الأزمات الدولية المتعاقبة وإستمرار تفاقم عبء الديون الخارجية على إقتصاديات الدول النامية وعلى قدرتها في تحقيق أهداف الألفية

السيد الرئيس ،،،

أنتهز هذه الفرصة لأقدم للجمعية عرضا سريعا لآخر التطورات السياسية في بلادي ، خاصة فيما يتصل بتنفيذ إتفاقية السلام الشامل الموقعة في 2005م ، والتي كانت موضوعاً للإجتماع رفيع المستوى حول السودان الذي عقد منذ ثلاثة أيام بدعوة من الأمين العام وبحضور عدد كبير من رؤساء وقادة الدول ، ونشير إلى البيان الختامي الذي أشاد بالتطورات الموجبة في تنفيذ إتفاقية السلام وخطوات إرساء السلام في دارفور ، كما أشاد الإجتماع بتنظيم الإنتخابات العامة في السودان في أبريل الماضي في أجواءٍ سادها الهدوء والسلام وشهد المراقبون الدوليون بمصداقيتها ونزاهتها

وتجري الآن الترتيبات لإجراء الإستفتاء لجنوب السودان في موعده المحدد حول خياري الوحدة والإنفصال ، ومن جانبنا نحرص كل الحرص أن يقول الإخوة المواطنون في جنوب السودان كلمتهم دون إملاءٍ أو إكراهٍ وفي مناخٍ تسوده الحرية والشفافية والنزاهة , كما أننا نعمل جاهدين أن تكون الوحدة هي الإختيار الطوعي لمواطني جنوب السودان ، ومن هنا ندعو الجميع لمساندة وتعضيد وحدة السودان ، كما ندعوكم للمشاركة في مراقبة إجراءات الإستفتاء ، ونرحب بقرار الأمين العام بتكليف الرئيس التنزاني السابق مكابا لرئاسة فريق الأمم المتحدة لمراقبة الإستفتا ء. السيد الرئيس ،،،

نود أيضاً من خلال هذا المنبر أن نُذكر بالجهود التي تبذلها حكومة بلادي من أجل إستكمال السلام في دارفور

لقد شهد الإقليم عدة تحولات ايجابية تدفع باستمرار نحو تطبيع الأوضاع فيها بما يعيدها إلي حيويتها التي تأثرت في الأعوام الماضية بالنزاعات التي أججها إنتشار السلاح والتدخلات الإقليمية والدولية

هذه التحولات الإيجابية هي التي مكنت من قيام إنتخابات في كل أنحاء دارفور وكرست المشروعية الديمقراطية وأنشأت مؤسسات منتخبة ، وأحدثت معطيات جديدة على أرض الواقع شجعت الحكومة على صياغة إستراتيجية جديدة لدارفور أجرينا حولها نقاشاً واسعاً بين أبناء دارفور أفراداً وجماعات ومؤسسات ، ومع القوي السياسية الوطنية كافة. كما حرصنا على التشاور حولها مع شركائنا في عملية السلام وفي مقدمتهم بعثة اليوناميد ، وفريق الاتحاد الأفريقي عالي المستوى الذي يقوده بجدارة وإقتدار الرئيس ثابو أمبيكي

كما وجدت الإستراتيجية الدعم والتشجيع من كثير من شركائنا في السلام من أعضاء الأسرة الدولية

تقوم الإستراتيجية الجديدة على خمس عناصر رئيسة هي : تحقيق الأمن ، وتكريس التنمية ، وإعادة توطين النازحين والمتضررين من الحرب ليعيشوا حياة كريمة ، وإجراء المصالحات الداخلية التى تُعزز مناخ السلام الاجتماعي ، والاستمرار في المفاوضات بهدف الوصول إلى وثيقة تسوية سياسية تنال رضا أهل دارفور عبر منبر الدوحة ، بجهود مخلصة ورعاية من دولة قطر الشقيقة

وفي سبيل تحقيق الأهداف التنموية لهذه الإستراتيجية رصدت الحكومة من مواردها الذاتية مبلغ مليار وتسعمائة مليون دولار تُُنفق على مدى السنوات الأربع القادمة لتغطية مشاريع تنموية ، هذا فضلاً عن ما ترجو الحكومة أن يتم توفيره من مساهمات الشركاء والمانحين

وتهدف الإستراتيجية إلى العمل بشكل وثيق مع بعثة اليوناميد ، والوسيط المشترك ، والهيئة التنفيذية رفيعة المستوى التابعة للإتحاد الأفريقي لتسهيل وتنظيم عملية المشاورات مع مواطني دارفور ، لتعميم المصالحات والعمل على تطبيق العدالة للجميع من خلال الآليات الوطنية وبالتشاور الوثيق مع قطاعات مجتمع دارفور

نشير إلى أن الإستراتيجية قد أحدثت منهجاً عملياً في التطبيق ينبني على ركيزتن : الأولى هي تبني فكرة الشراكة مع كل من يرغب في التعامل معنا وفق هذه الإستراتيجية من الدول والمنظمات، وفي مقدمة هؤلاء الشركاء بعثة اليوناميد والأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها ، والهيئة التنفيذية عالية المستوى للإتحاد الإفريقي ، والإتحاد الإفريقي ومؤسساته ، والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي

أما الركيزة الثانية فهي إيلاء جهد خاص لإشراك مواطني دارفور ، خاصة على المستوى القاعدي، وعلى صعيد النواب المنتخبين بالهيئات التشريعية ، ومنظمات المجتمع الأهلي ، والنازحين ، حتى لا يبقى مركز ثقل العملية السلمية بعيداً عن مجتمع دارفور ، وحتى تترسخ وصفات السلام في وجدان المجتمع فيتلقاها بالقبول

إن التطور الإيجابي في علاقتنا مع الشقيقة تشاد قد أعطى دفعة قوية لهذه الرؤية الإستراتيجية للسلام ، إضافةً إلى جهودنا الحثيثة لتقوية كافة علاقاتنا الإقليمية بما يعزز مناخ السلام في بلادنا

السيد الرئيس ،،،

سعياً منا لتدعيم الإستقرار في إقاليم السودان المختلفة وإزالة الأسباب التي قد تؤدي لنشوب النزاعات المسلحة ، توصلت الحكومة في العاصمة الإرترية أسمرا ، في أكتوبر عام 2006 إلى إتفاق مع (جبهة الشرق) تم بمقتضاه الإتفاق على مختلف الترتيبات التي أدت إلى بسط الأمن والسلام في كل أنحاء الإقليم ، ولتعزيز جهود الدولة لإنفاذ الإتفاق سيعقد مؤتمر دولي لتنمية وإعمار شرق السودان في الأول من ديسمبر لهذا العام ، ولقد وافقت دولة الكويت الشقيقة مشكورة على إستضافته وشارك في الإعداد له صندوق الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبنك التنمية الإسلامي بجده ، والصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية ، والمصرف العربي للتنمية بالكويت ، بالإضافة إلى الحكومة السودانية

وسيركز المؤتمر على ثلاثة محاور هي البنية الأساسية ، الخدمات والإستثمار

. ومن هذا المنبر أناشد الدول الأعضاء أن تنشط في المشاركة في هذا المحفل الحيوي لإستقرار هذا الجزء من السودان

السيد الرئيس ،،،

أننا مُلتزمون بمبدأ مكافحة الأفلات من العقاب وهو جزء لايتجزأ من مبدأ العدالة الدولية الذي يرفض التسييس والإنتقائية والتمييز

غير أن التسييس والإنتقائية قد غلبا على أحكام وسلوك مايُسمى بالمحكمة الجنائية التي أضحت أداة لكسر إرادة الشعوب في العالم الثالث، والهيمنة على مصائرها ، وفرض الإستلاب عليها ، وقد شهدنا جميعاً كيف تسارعت الخطى في عجلة لإخضاع دولة ليست طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة لسلطاتها وإختصاصاتها مما أوقع مبادئ القانون الدولي المستقرة ضحية للتدخل السياسي المغرض والظالم

لقد شهد السودان في السنوات الستة المنصرمة إنجازات كبيرة على صعيد التسوية السياسية عن طريق التفاوض مع الحركات المسلحة والحركات المطلبية في الجنوب والشرق والغرب , ويجيئ إقحام المحكمة الجنائية الدولية مهدداً مباشراً لعملية التسوية السياسية السلمية التي تنتظم البلاد ، ومن هنا فإننا نرفض تماماً هذا التدخل الذي ليس له من قواعد القانون ولا السياسة والمنطق ما يبرره

إننا نُقدر ونُشيد بمواقف الإتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية الأخري التي ينتمي إليها السودان والدول ذات الضمير الحي الملتزمة بمعايير العدل الدولي التي شجبت إدعاءات المحكمة الجنائية وأبدت رفضها القوي والحاسم لهذه الإدعاءات ، ومن هنا نطالب مجلس الأمن أن يعيد النظر في قراره وأن يسحب الملف نهائياً من المحكمة على ضوء الإجتماع رفيع المستوى الذي ضم جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن ودول أخرى عديدة في إجتماع يوم 24/9 والذي أشاد بجهود حكومة السودان في مكافحة الإفلات من العقاب ، ويحيله إلى القضاء الوطني السوداني ليقوم بواجبه العدلي في محاسبة كل من إرتكب خروجاً عن القانون وفقاً لمعايير العدالة المستقرة في القانون الدولي والقوانين الوطنية

السيد الرئيس ،،،

كان يحدونا الأمل بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل أن نجد من المجموعة الدولية تعاوناً يتفق مع ما حققه السودان من إنجاز في العديد من الجوانب ، وكان السودان يتطلع أن تشمله مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون وإعادة العون التنموي أسوة برصفائه من الدول الخارجة من النزاعات والتي تجد إهتماما وتعاوناً مقدراً تعكسه القرارات والتوصيات الدولية ذات الصلة ، هذا فضلاً عن المعاملة الخاصة التي يجب أن يتمتع بها السودان بإعتباره دولة أقل نمواً من مجموعة دول LDC

إننا نرى إضافة لذلك أن إعلان الدائنين عن العزم على إعفاء ديون السودان الخارجية سيزيل الكثير من الهواجس المتعلقة بالجوانب ذات الصلة بعملية تنظيم الإستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان والمفاوضات الجارية بين الطرفين الآن حول الموضوعات المتعلقة بترتيبات ما بعد الإستفتاء

نحن من هذا المنبر نطالب بإعفاء الديون على السودان وفقاً لذات المعايير التي طُبقت على كل الدول الأفريقية المنتمية لمجموعة الدول الأقل نمواً مثل السودان ، لأن ذلك من شأنه أن يُساعد على مكافحة الضمور التنموي الذي يقود إلى الصراعات المختلفة وزعزعة الإستقرار في الدول النامية

السيد الرئيس ،،،

ظلت القارة الأفريقية تُعاني من آثار الأزمة العالمية الإقتصادية والمالية والآثار السالبة للتغييرات المناخية وآثار ذلك على أسعار الغذاء والطاقة مما نتج عنه إتساع دائرة الفقر والجوع وإزدياد وتيرة التوترات الإجتماعية والنزوح والهجرة والنزاعات المسلحة وعدم قدرة الدول الإفريقية -خاصة النامية منها -على مواجهة الآثار الإنسانية للكوارث الطبيعية

ونود هنا ان نلفت الإنتباه لأولوية قضايا القارة ضمن الأجندة التنموية للأمم المتحدة من خلال مبادرة النيباد ، ومن خلال تعزيز قدرة المؤسسات الأفريقية ومؤسسات الإتحاد الأفريقي على حفظ السلام ، ومن خلال التمييز الإيجابي في تمويل مشروعات القارة لمكافحة الفقر وجائحة الإيدز والملاريا وتقديم المساعدات الإنسانية ورفع قدرات دول القارة لتعزيز جهودها في تنفيذ الأهداف الألفية للتنمية

السيد الرئيس ،،،

لقد ظلت القضية الفلسطينية مدرجة على أجندة الأمم المتحدة عقوداً طويلة وإستمرت على الأرض معاناة الشعب الفلسطيني نزوحاً وقتلاً وتشريداً وإبعاداً من أرضه وقد أصدرت المنظمة خلال تلك العقود العديد من القرارات التي رفضت إسرائيل ولازالت ترفض إنفاذها في تحد واضح وفاضح للإرادة الدولية ، إننا نطالب بانفاذ كل القرارات الدولية باسترجاع كل الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان ولبنان ، وستظل الدولة الفلسطينية المستقلة مطلباً نبيلاً وحقاً مشروعاً لأهل فلسطين تعززه نداءات كل الشعوب المحبة للعدل والسلام

أننا ندعو إلى شرق أوسط خال من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل ، ونؤكد على حق الدول في إمتلاك التكنولوجيا النووية للإستخدامات السلمية ، وعلى حل الخلافات عن طريق الحوار والمفاوضات والإبتعاد عن الدعايات المغرضة ونشر الخوف والذعر والتوتر في المنطقة

السيد الرئيس ،،،

لقد عقدنا الكثير من الآمال حيال نجاح التوافق الدولي حول قضايا البيئة والمناخ

وذلك بسبب التأثير القوي والمباشر لتغير المناخ على حياة الناس في بلادي وبلاد أخرى كثيرة

وهو ما أكدته الدراسات التي أعدها المختصون بهذه المنظمة الموقرة ووكالاتها المتخصصة. الأمر الذي حمل السيد الأمين العام بان كي مون إلى أن يلفت الأنظار إلى الصلة الوثيقة بين تغير المناخ وعدد من النزاعات المسلحة بالقارة الإفريقية وغيرها، لا سيما مسألة دارفور. ومن هذا المنطلق فقد توقعنا أن تكلل جهود التعامل مع التغيرات المناخية بالنجاح خلال مؤتمر كوبنهاجن ، وأن تتكفل الدول المتقدمة ، تأسيساً على مسؤولياتها التاريخية ، باعتماد إستراتيجيات وبرامج واضحة المعالم والأهداف لمعالجة الجذور المسببة لتغير المناخ ، وتوفير الموارد المالية اللازمة لتقاسم المسئولية المشتركة حيال المحافظة على هذا الكوكب ، مع الاحترام الكامل للمبادئ التي تم الاتفاق عليها في إعلان قمة الأرض في ريودي جانيرو عام 1992م

ويسعدني أن أشير إلى الإهتمام المقدر الذي توليه بلادي إلى موضوع تخفيف الأضرار الناجمة عن تغير المناخ عبر العديد من البرامج والخطط والمؤسسات ونشر الوعي اللازم للتنبيه بخطر الأمر على قطاعات عريضة من الناس ، على أن الأمر يظل التزاما أخلاقيا ومسؤولية ورسالة إنسانية تستوجب جهداً عالمياً مشتركاً للوفاء بها

وشكراً سيدي الرئيس