صلاح شكوكو

حوارات أسرية


[ALIGN=CENTER]حوارات أسرية[/ALIGN] كثير من المشاكل المنزلية سببها سوء الحوار المنزلي بين الأزواج .. والمثل الشهير يقول : (( أن 85 % من المشاكل اليومية سببها حدة الصوت )) .. والغاية أصلا من الحوار هي الوصول الى نتائج .. حتى يصبح الحوار حوارا ابناءا .. لكن الحوار الذي لاهدف له سيقود حتما الى تصادمات ومشكلات جديدة لأنه أصلا حوار لا يحقق الوصل والتواصل للوصول الى نقطة مرضية .

وربما يكون الحوارا إستجوابيا بحيث يكون السائل فيه متحمسا ومهتما بينما المسؤول على عكس ذلك .. لذلك تأتي الإجابات مقتضبة وبلا مبالاة فتؤثر هذه الإجابات على السائل فيزداد في إنفعالاته وأسئلته مما يجعل الموقف يتأزم أكثر مما كان .

ومعلوم كذلك أن للإنسان مقدرة كبيرة في إصطناع المشاعر والتمثيل ولبس الأقنعة .. فتجده بين الناس وكأنة خال من أي مشكلات .. وأقل درجات الإصطناع هو الصمت أثناء ثورة الآخر مما يجعل الآخر في وضع نفسي سيء .. والأعقد من ذلك كله أن هناك مشكلة اخرى هي أكثر عمقا وخطورة وهي مشكلة الصمت بين الأزواج بمعنى إنعدام الحوار تماما .

بعض الدراسات في الوطن العربي تشير الى أن المرأة تتكلم في اليوم حوالي (( 13000 كلمة )) بينما يقف معــدل الرجل عند (( 800 كلمة )) في الظروف العادية .. بينما هناك مشكلة أخرى لدي الأزواج العاملين الذي يتذرعون بحجة التعب والإرهاق بعد العمل مما يجعلهم يتعمدون الذهاب للفراش للنوم في مكان منفصل بينما هم غائبون ألا عن المنزل وبعضهما كل النهار .

وللازواج العاملين مشكلة أخرى تتلخص في إحساسهما العميق بالإستقلالية المادية .. مما يجعلهما يحسان بعدم حاجتهما للآخر خاصة في الجوانب المادية والتي قد تجعل هذا الإحساس يطغى على الجوانب الأخرى فتبدو المرأة وكأنها تحمل لواء التمرد وحب الإستقلال في القرارات العامة وبصفة خاصة القرارات المنزلية مما يولد لدي الرجل إحساسا بالندية والضجر من هذه الحالة التصامية اليومية والمستمرة .

ولعل الحوار الناجح هو الذي يتأتى بأسلوب واضح وهاديء .. يخلو من النبرات الحادة والأسئلة التقريرية والإستجوابية التي تستفز الآخر وتجعل منه متهما في كرسي الإعتراف .. مما يجعل الحياة جحيما لا يطاق بل يجعل المنزل لا يحقق غاية السكينة والهدوء فتهتز جوانبه ويهرب منه الجميع حتى الابناء .. لأن كثرة الصياح توتر الأجواء وتحول عنصر السكينة والراحة شحناء وقلق .

أما الهاتف السيار في عالم اليوم فقد أضحى مشكلة أو قنبلة موقوتة بين الأزواج .. فتارة يبحث الرجل في هاتف زوجتة وتبحث هي عن ضالتها في هاتفه .. وحتى المكالمات التي تأتي يطلب أحد الطرفين إنهاءها حتى يتمكن من قول ما يريد .. وبذلك أصبح الهاتف الذي صنع للرفاهية وقضاء الحوائح قد تحول الى متفجرات تلهب اللحظة ..

وكثيرا ما يتم الحوار عبر الهاتف بين الزوجين ويكون الحديث فيه بصيغة أوامر للطرف الآخر حتى لنجد أن كل منهما يتحاشي الرد على الآخر في الاماكن العامة أو مكان العمل وهذا الموقف بدوره قد يكون خميرة لمشكلة جديدة بسب عدم الرد او تجاهل المحادثة ..

ومشكلة الهاتف أنه يغيب (( لغة الجسد )) وهي الحركات والإيماءات التي تخرج منهما أثناء الحديث وهذه ضرورية جدا بين الزوجين ودونها يكون الحديث خاليا من المشاعر والأحاسيس التي يحتاجان إليها لتجعلهما أكثر إئتلافا وإنسجاما بإعتبارهما يفهمان إيماءات بعضهما البعض ..

وقد يستغرب المرء كثيرا حينما يدب الشجار بين الزوجين ونجد كل منهما يتحدث عن كرامته ويدعي أن كرامته لا تسمح له بقبول أمر ما أو أن هذه الكرمة قد خدشت .. في وقت كان ينبغي فيه لكرامتهما أن تتوحد وتذوب في إطار واحد طالما أنهما أصبحا في شراكة الزوجية التي تذوب الفواصل المشتركة لتجعلها في كيان واحد إسمه الأسرة وشكل واحد وإطار موحد .

كذلك لابد للزوج من أن يستوعب المتغيرات الفسيولوجية والنفسية التي تمر بها المرأة في حياتها المختلفة نتيجة لمجموعة من العوامل تتمثل في ( الطمث الحمل – الولادة – مابعد الولاده ) وهذه تغير سلوكها في أحايين كثيرة مما يستوجب علية إفراد سعة من العذر لها ..

ولها أيضا أن تقدر للرجل معاركته الحياتية وزحمة إنشغالاته والضغوط اليومية التي يتعرض لها في العمل والطريق .. الى جانب محاولاته المضنية لتوفير قوت الأسرة وخططه المستقبلية المتمثلة في التخطيط لمستقبل الأبناء ودراستهم مما يجعل الهموم تتكالب علية ولابد من وسادة حانية تهديء سعير هذا المرجل المستمر .

كما لابد للأسرة من أن تضع لنفسها برامج ترفيهية تعينهم على الترويح والخروج من بين الجدران التي تكبل حركتهم وتجعلهم في إحتكاكات يومية الى مساحات رحبة يحس الإنسان من خلالها بسعة الدنيا ورحابة المكان وراحة الذهن والخاطر وتجعل الأبناء في نوع من الفرح الذي ينعكس على الوالدين .

أما الجوانب السلبية العميقة في الحوار في أن يكون أحد الزوجين محاورا بأجندة تملى علية من أطراف أخرى .. وقد تكون هذه الأطراف معلومة او خفية كأن تكون أم الزوجة أو أم الزوج مما يجعل الحوار بعيدا عن أطرافه ومثل هذه المواقف تقود حتما الى حالات من الشدة والإنفعالات الزائدة التي قد تؤدي الى الإنفصال .

أما تأثيرات الحوار الإنفعالي فتكون مباشرة على الأبناء الذين يتاثرون بها بصورة مباشرة فتظهر جليا في المستوى الدراسي أو الحالة النفسية أو النوم .. حيث يكون الشرود عرضا لهذا التأثر .. رغم أن الطفل قد لا يجد رابطا مباشرا بين شروده والحالة الأسرية لكن ذلك يكون جليا وواضحا .

وكثير من الأطفال تنتابهم نوبات من التبول الليلي الا إرادي … أو السير أثناء النوم أو الفزع الشديد عند النوم والذي بدوره قد يتحول الى هواجس وتوجسات تصيب الطفل ببعض المشاكل النفسية التي قد تستفحل مع مرور الأيام وتترسب في اللا شعور فيكره الطفل أحد والديه وهنا تظهرمشكلة أخرى تتمثل في ميل الطفل الى طرف دون آخر .

هل يستطيع الأنسان أن يخطط للحوار الأسري ؟؟؟

نعم .. فالرجل يستطيع أن يخطط ويهيء نفسه لحوار هاديء بعدي عن الإنفعال من خلال وضع خطة معينة وهو في طريقة من العمل الى البيت … وقد يتصل بزوجتة ويقول لها بأنه في السوق أو في احد المحال الكبيرة ويشركها في نوعية الاشياء التي يود شراءها .. وليكن الحوار وكأنه يتحدث الى أصغر أبناءه بلطف .

ويستطيع أيضا أن يستزيد فيما اتفق علية بشيء تحبه الأسرة وهنا سيكون منطلق الحوار حتما .. حيث سينطلق الحوار من نقطة الرضاء ومنها يستطيع ان ينطلق الى حديث آخر في تدرج هاديء بعيد عن أي إنفعالات أو أصوات عالية .

تعالوا نجرب أي أسلوب غير تقليدي وستكون النتائج باهرة .. وقديما قيل :-
(( خير ما يقدمة الزوج لأبناءه أن يحب امهم )) فهل نستطيع أن نصنع الحب لنجعل الأسرة الوديعة في وسائد الحب ؟؟ من خلال المرأة التي كانت أساسا إختياري الأوحد ؟؟ بالتأكيد يمكن ذلك كثيرا أن خلعنا نظارة العاصفة ولبسنا نظارة العاطفة .. وقتها سيتحول البيت الى جنة صغيرة نشتاق إليها كلما بعيدين عن دورنا .

——————
ملء السنابل تنحني بتواضع ….. والفارغات روؤسهن شوامخ
—————–

صلاح محمد عبدالدائم
شكوكو
shococo@hotmail.com