زهير السراج

رئيس جمهورية ودنوباوى شمال


[ALIGN=CENTER]رئيس جمهورية ودنوباوى شمال !! [/ALIGN] * أعجب كثيرون باستراحة الأسبوع الماضى التى حملت اقتراحي بتحويل كل المواطنين إلى مسؤولين كوسيلة فعالة لوضع حد لمعاناتهم وتحويلهم من خانة الفقر المدقع والاكتئاب الشديد إلى خانة الثراء العريض والراحات والسكن المريح فى حي (كافوري) و(المجاهدين) !!
* أغراني هذا الإعجاب بالاستطراد فى الكتابة وتوضيح تفاصيل الاقتراع عساه يجد آذاناً صاغية من أصحاب السلطة فيحن قلبهم على المواطنين الغلابة ويعملوا على تحويلهم الى مسؤولين حتى يتذوقوا طعم الراحة ويتركوا الشكوى ويرتاح المسؤولون من أناتهم التى لا تنقطع لحظة واحدة!!
* وشجعني أكثر ان أحد اصدقائي المقربين يعاني من مطاردة (الديانة) وقد استنفد كل طرق الزوغان المعروفة وغير المعروفة مثل الدخول الى منزله بـ(حيطة) الجيران الذين يفتح باب بيتهم على الشارع الخلفي، والاستفادة من خاصية تحويل المكالمات بجهاز الهاتف المحمول التي أتاحت له الفرصة لتحويل المكالمات الواردة إليه إلى تلفون أرضي مقطوع حسابات فيبدو وكأن هاتفه الموبايل موقوف من الخدمة لعدم تسديد الفواتير ويرتاح فى الوقت نفسه من مكامات الجزار وسيد الدكان وسيد اللبن وكل الأسياد الآخرين !!
* وقد لجأ إلى هذه الوسيلة بعدما احتد معه الجزار ذات يوم فى مكالمة هاتفية ووجه إليه أقذع الاتهامات ومن بينها إنه (محتال وحرامي) وإلا كيف يكون قادراً على شراء موبايل وإعادة شحن الرصيد كلما نفد بينما يعجز عن تسديد حساب اللحمة، ثم هدده وتوعده بأخذ حقه بذراعه القوية، وهنا أحس صديقي بخطورة جهاز الموبايل عليه، وبما انه لا يستطيع الاستغناء عنه لأسباب عديدة منها الاحتفاظ بشخصيته بين زملائه وزميلاته فى العمل وأصدقائه الذين يحمل كل منهم موبايل لزوم الوجاهة، فقد اهتدى إلى فكرة تحويل المكالمات الى هاتف المنزل المقطوع منذ وقت طويل، ومنذ ذلك اليوم ارتاح من مكالمات الديانة إلى ان اكتشف أحدهم ان الرسالة المسجلة التى يسمعها كلما اتصل بهاتف صديقي ليست هاتف موبايله بسبب اختلافها عن رسالة الشركة التى يسمعها الشخص عندما يتصل بهاتف موبايل موقوف من الخدمة، فجاءني مشتكياً من صديقي فأحسنت استقباله وطيبت خاطره، ولم أهنأ منذ ذلك اليوم بالراحة حيث صرت الملاذ الدائم والآمن لشكاوي الدائن ومطارداته التى لا تتوقف حتى أخلص له حقه من صديقى !!
* كما أننى لم أسلم من مطاردات صديقي لتسليفه بعض المال مما اضطرني لمطاردة الأخ رئيس التحرير للحصول على بعض استحقاقاتي المالية المتأخرة .. وهكذا صرت معذبا بين مطاردات الدائن ومطاردة صديقي لي ومطاردتي لرئيس التحرير ولم أتذوق طعم الراحة منذ ذلك اليوم التعيس، وعندما خطرت لي فكرة تحويل المواطنين إلى مسؤولين كان أول من فكرت فيه هو صديقي حتى أرتاح منه ومن دائنيه، كما خطر ببالي بالطبع رئيس تحرير هذه الصحيفة الذى ما ان يراني أمامه حتى يسرد على مسامعي نفس القصة الطويلة عن مشاكل الورق وديون الصحيفة فحفظتها عن ظهر قلب .. ولكنها لم تشفع لي بالحصول على متأخراتي، ومما يسرني بالطبع ان يتحول رئيس تحريرنا إلى مسؤول كبير ومرتاح لديه منزل بالريموت كنترول بحي (كافوري) ببحري ويتمتع بالثراء العريض ولا يخشى صروف الدهر وتقلباته، لا لكي أخلص حقي منه، ولكن لارتاح فقط من قصته الطويلة !!
* ولكي يكون بالامكان تحويل قرابة اربعين مليون مواطن الى مسؤولين ووزراء وولاة .. إلخ ، فاننى اقترح تقسيم الولايات الى ولايات أصغر وكذلك المحافظات والمحليات، فيكون لدينا على سبيل المثال ولاية أب روف ، ولاية ودنوباوي، ولاية الملازمين، ولاية شمال شرق أبروف شمال .. إلخ، ويكون لكل ولاية والي ووزراء ومحافظون ومحافظات ومحليات الى أن يتم تعيين جميع المواطنين فى مناصب دستورية وحكومية رفيعة وتنتهى بالتالي جميع مشاكلهم ومعاناتهم ويرتاح المسؤولون من شكاويهم وصراخهم!!
* إذا تم تنفيذ هذا الاقتراح لن نجد شخصاً بعد اليوم يعارض الحكومة لأن الكل سيكون حكومة، ولن نرى شخصاً مزنوقاً فى دفار أو ماشياً على رجليه أو حاملاً قفة الملاح ومحتاراً من أين يأتي بالنقود ليملأها وهكذا ، ولن يجد النيل من يغرقه بفيضانه السنوي أو يجد السحائي من يطيح برأسه، فهل عمركم سمعتم برئيس أو وزير أو حتى محافظ أغرقه الفيضان أو قضى عليه السحائي أو انفلونزا الخنازير فى السودان ؟!
* وبهذا نكون قد رفعنا العبء عن كاهل الجماهير .. لأنه ببساطة لن يكون هنالك جماهير، ولكن ما يحيرني هو من سيذيع أخبار كل هؤلاء المسؤولين، كما أن نشرة الأخبار (إن وجدت) ستتحول بدون شك الى نشرة وفيات فقط، فليس من المعقول إذاعة نبأ وفاة الحاجة كلتوم وزيرة شؤون البصل والتوم بولاية أم دوم، والدة كل من والي ولاية جنوب شرق ام دوم وحبوبة والي ولاية ام دوم غرب وخالة الوزيرات هالة ومحاسن وعشة وانتصار فى آخر النشرة ، وكل عام وانتم بخير!!

صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
1 يناير 2010