تحقيقات وتقارير

الخدمة الوطنية …اذا اردت ان تطاع فأطلب المستطاع


قبل فترة قصيرة بشرتنا ادارة الخدمة الوطنية بقرار الغى كل مستوفى الخدمة ممن ولودوا قبل منتصف الستينات من اداء الخدمة العسكرية ومن اى التزامات تتعلق بمنعهم من السفر او طلب الوظيفة العامة وبذلك خرج مئات الالوف من ابناء السودان واصبح من حقهم ان يسافروا دون ان يسألهم احد فى مطار او ميناء وهنا لابد من الاشادة بعقلية المراجعة التى اتبعتها ادارة الخدمة الوطنية فى ذلك القرار.
لكن ما يحز فى النفس الاصرار على ان يدفع كل مسافر قيمة ما يعرف بكرت السفر وهو السماح للمواطن المستوفى شروط الخدمة الوطنية ان يسافر مؤقتاً مقابل رسوم مالية والمؤسف ان تلك الرسوم تتفاوت حسب الوظيفة لتصل فى اقصاها مبلغ مائتين وسبعين جنيهاً لحاملى جواز السفر التجارى فعلى سبيل المثال اذا قدر لصاحب ذلك الجواز ان يسافر فى العام الواحد عشر مرات ففى هذه الحالة عليه ان يدفع الفين وخمسمائة جنيه سودانى وما بالك لو سافر أكثر من ذلك.
حقيقة هنالك اجحاف بحق حاملى الجواز التجارى فمن المفترض ان يتم تحفيزهم بكرت سفر سنوى بقيمة ثابتة للعام كله فمثلا يمكن ان يمنح كرتاً دائم الاستخدام لمدة عام كامل بسعر ثابت مثلا الف جنيه اسوة بما تقدمه ادارة الجوازات والهجرة التى تمنح تأشيرة خروج متعددة بقيمة لا تتجاوز الخمسمائة جنيه وبعد ذلك لا يهمها كم مرة تسافر.
والسؤال المهم ايضا الى متى يستمر ذلك الوضع فيتحول حامل جواز السفر التجارى الى بقرة حلوب، أليس من الافضل له ان يؤدى الخدمة الوطنية (ويتخارج من الموضوع كله)؟
هنالك دول من حولنا اجازت ان يشترى المواطن خدمته الوطنية بان يدفع مبلغاً معلوماً وهو افيد من الموجود الآن. ان خلق افكار جديدة لاداء الخدمة الوطنية تبدو الطريقة المثلى لتجاوز عقبة مصاريف كرت السفر المرتفعة، فيمكن الزام الشخص برعاية اسر محتاجة او رعاية الايتام او الصرف على التعليم وكل ذلك مقابل مبالغ معلومة سلفا يتم جدولة سدادها خلال فترة محددة.
لقد فتحت تكلفة رسوم استخراج كرت السفر العالية الباب لممارسات ليس هدف هذا المقال الافصاح عنها ولكن ادارة الخدمة الوطنية تعلم الكثير من تلك الممارسات ،التى تهدف فى مجملها الى التهرب من سداد تلك المبالغ.
والشىء الذى يغيب عن بال ادارة الخدمة الوطنية ان ظروف الازمة الاقتصادية العالمية حتمت على رجال الاعمال مراجعة منصرفاتهم فلم يعد محتملا دفع مصاريف تبدو بسيطة سابقا ولكنها بعد الازمة اصبحت عبئا على رجال الاعمال الذين يفضل بعضهم الآن السفر على متن الطيران منخفض التكاليف ناهيك عن أن يدفع مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً لكل سفرة لكرت السفر ومن الواجب لاتحاد اصحاب العمل ان يتبنى مهمة المطالبة بتخفيض قيمة رسوم كرت السفر بالنسبة لرجال الاعمال.

بقلم : علي ابراهيم
الراي العام