منوعات

هل أصبح الموت أمنية ولو في مثل شعبي؟؟؟


[JUSTIFY]تولد الصراع الدائم بين الأفراد في مجتمعنا هل ينعكس على نفسيتنا لدرجة يجعلنا نتمنى الموت في تلك اللحظات التي نشعر فيها بالحزن الشديد، نتمناه بشدة لنهرب إلى تلك الحياة التي عجزت عقولنا عن إدراكها، ثمة أمر غريب في داخلنا قد يكون همس لكل منا وجعله يتمنى الموت في لحظة ما، لكن عندما يكون الموت هدفا يسعى له يختلف الأمر كثيرا ويجعلنا نطرح سؤالا على أنفسنا لماذا نقوم بتأسيس حياتنا ونخطط لكل صغيرة وكبيرة بها؟.. لما نحتمل الكثير من ضربات الحياة ونتحدى أنفسنا والآخرين بين الحين والآخر لإثبات ذاتنا ومن ثم نستغني عن كل هذا ونهدمه في لحظات إن استطعنا تجاوزها لتغيرت مسارات حياتنا؟؟
كثير من الناس عند شعورهم بالحزن أو الضيق يجعلون الحزن يسيطر على حياتهم، وينسون أن الحزن هو موت الأحياء، أو تحاصرهم المصائب أو يرهقهم التعب فيتمنون الموت، كثير منهم يتمناه للهروب من ثرثرة الأحياء مثل ذلك الرجل الذي قال في لحظة غضب (اريتو كان كسر رقبتي).
* وإليكم قصة هذا المثل..
قيل إن (رجلا في ذات يوم كان يجلس بالقرب من البحر ليغسل وجه، فضربه تمساح في رقبته، فقام بلف رقبته ودخل الحلة.. والسودانيون بطبعهم بموتوا في الشمار وبقي كل واحد يسأل براو يا زول مالك؟ فيحكي صاحبنا قصته مع التمساح واستمر الحال كلما لقي واحدا يسأله إن شاء خير، الحصل شنو؟ سلامتك القصة شنو؟ حتى حمودي ما رحموا، صاحبنا خلاص تعب من الحكي وقال يا جماعة مشيت البحر اغسل وشي التمساح ضربني وجات سليمة بس “اريتو كان كسر رقبتي”)
وهذا تماما يشبه حالنا، فقد أصبحنا نحب الكلام أكثر من الفعل.. ومع كثرة الضغوطات التي تواجهنا يوميا يطل السؤال هل بات معظمنا يتمنى الموت ولو عبر مثل؟ هذا مع ملاحظة ماثلة تقول بازدياد أعداد المتجهين نحو الخلاص من حياتهم ليبقى الانتحار في مجتمعنا من أكثر الظواهر التي مست كل الأسر السودانية.
قصص وحكايات نسمعها كل يوم، عن طريقة موت أحدهم اختارها ليضع حدا لحياته، مما جعل الانتحار ظاهرة منتشرة في مجتمعنا، وكأنها صيحة لبلوزة ما أو بنطال، ببساطة صار بيتنا السوداني يتعامل مع (ظاهرة الانتحار) وكأنه ماركة ستنتهي بظهور أخرى أكثر جاذبية.
الطبيب الشرعي (صديق عركي) يبدأ تفسير الأمر بالقول إن المجتمع السوداني الآن يقف فوق الخط الأحمر، وهذا ما أدى إلى ظهور تلك الأسباب الجديدة للموت، وكذلك أسلوب الجريمة الذي بات فيه الكثير من الوحشية التي لا تشبه صفات أفراد مجتمعنا، لذلك تعد ظاهرة الانتحار اليوم أو الشروع فيه فاجعة على الصعيدين الفردي والاجتماعي، لأنها أضحت من الظواهر التي تستحق التوقف والتصدي والبحث بل والعلاج، خاصة وأن من يقدمون على الانتحار من الشباب وأطفال المدارس ويستخدمون أساليب مختلفة. الظاهرة حديثة في مجتمعنا لكنها فرضت حالها ودقت كل الأبواب، فلكل منا قريب أو حبيب طالته، وتلوى بألم الفراق.
أتساءل هل ما نحتاجه ليستيقظ شعورنا هو بديل لكلمة (انتحار) لنشعر بما وصلنا إليه من استهتار في التعامل مع الأشياء حتى الموت (ذهاب روح بلا رجعة)؟!
وبعد أن كان الموت كلمة تقشعر لها الأبدان وصدمة لا يُتعافى منها إلا بعد حين، صار الخبر وكأنه بشارة لأم عاقر أمكنها الإنجاب.. فلتدق الطبول!!

صحيفة الاخبار[/JUSTIFY]