العلاج بالكي

الأمراض التي يتم معالجتها بالكي .. القائمة الرابعة


الفصل السادس والأربعون
في كي الوثي
إذا حدث في بعض الأعضاء عن سقطة أو ضربة وجع ودام ذلك الوجع زماناً طويلاً ولم ينجع فيه العلاج بالأدوية، فينبغي أن تكويه بمكواة النقطة، ويكون كيّ كلّ عضو على حسب كبره وصغره، وضعفه وقوّته، وتمكّن الوثي والوجع منه، فإن برئ من الكي الأول وإلا فتعيد عليه الكي، لأن من عادة هذه الأوجاع أن تنتقل من العضو إلى ما قرب منه، فينبغي أن تتبعها بالكي حتى يبرأ العليل إن شاء الله تعالى.

الوثي Sprain قد يترافق بتمزق أربطة أو تمططها .

الفصل السابع والأربعون
في كيّ الجذام

أمّا المجذومون فقد ينتفعون بالكي نفعاً عظيماً، ولاسيما صنف الجذام الذي يكون من قبل تعفن البلغم والسوداء، فإذا أردت كيه نظرت فإن كان الجذام مبتدئاً وعالجته بما ذكرنا في التقسيم، ولم ينحط ولم يتوقف، وخفْت على العليل أن يستولي الفساد على جميع مزاجه، فاكوه على الرأس خمس كيات؛ الواحدة في وسط الرأس المعهودة، والثانية أسفل منها نحو الجبهة عند نهاية الشعر، واثنتين على القُرنين، وواحدة من خلف على نقرة القفا، وأمعن يدك بالكي قليلاً حتى تؤثر في العظم تأثيراً يسيراً وتنقلع منه قشور، ليسهل تنفس البخارات الغليظة منها، وتكويه كية أيضاً على نفس الطحال على ما تقدم.
وأمّا إن كان الجذام قد اشتهر على العليل وظهر ظهوراً بيّناً، فينبغي أن تكويه بهذه الكيات التي ذكرنا في الرأس، وكية على طرف الأنف، وكيتين على الوجنتين، وكيتين على فقارات العنق، وست على فقارات الظهر، وواحدة كبيرة على العصعص عند عجم الذنب، وأخرى فوقها في نفس المائدة، واثنتين على الأوراك على كل ورك واحدة، واثنتين على الركبتين واحدة على كل ركبة، واثنتين على المنكبين، واثنتين على المرفقين، واثنتين على ترائب الصدر، وتكويه على كل مفصل من مفاصل أصابع يديه ورجليه كية، وعلى كل كعب من رجليه وزندي يديه كية، وتحفّظ من العصب الذي على مؤخّر الكعبين لئلا تحرقهما، وقد يكوى كية على عظم العانة، وأخرى على فم المعدة، وأخرى على الكبد. واعلم أنك كلما زدت كياً كان أنفع وأنجع، واعلم أن العليل لا يجد للكي وجعاً كما يجده الصحيح من أجل أن بدنه قد خدر، وينبغي أن تكون المكاوي من الكبر والصغر على حسب الأعضاء والمفاصل، على ما تقدم من صفات الحديد، ثم عالج الكي بدقيق الكرسنة مع العسل، وسائر العلاج حتى يبرأ إن شاء الله تعالى.

عجم: عجز، وهو العَجْبُ: بالفتح أصل الذنب. وهو العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وعجب كل شيء مؤخره. وفي الحديث ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب.

الفصل الثامن والأربعون
في كيّ الخدر

متى خدر عضو من الأعضاء وعولج بالأدوية والأدهان والضمادات فلم يبرأ، فاكوِ نفس العضو المخدور كيات على حسب ما يستحق عِظَم العضو وصغره، وليكن كيك واغلاً في ثخن الجلد قليلاً ثم تعالجه بالمرهم حتى يبرأ. وقد يكوى لبعض الخدر الذي يعرض لليد والرجل، في فقارات الظهر عند مخرج العصب الذي يحرك ذلك العضو، فيذهب الخدر، ولا يقدم على ذلك إلا من كان بصيراً بتشريح الأعضاء ومخارج الأعصاب المحركة للبدن إن شاء الله.

الفصل التاسع والأربعون
في كي البرص

إذا تقادم البرص ولم تنجع فيه حيلة من حيل الطب، فاكو عليه كياً فيه عمق قليل على قدر ثخن الجلد، حتى يذهب البياض ويتغير لونه، ثم تعالجه بدقيق العدس مع دهن الورد وورق لسان الحمل، ودم الحمام أو دم الخطاطيف، من كل واحد جزء، ويخلط الجميع، ويطلى على خرقة، ويلزم الموضع حتى يبرأ إن شاء الله تعالى.

الفصل الخمسون
في كي السرطان

إذا كان السرطان مبتدئاً وأردت توقيفه، فاكوه بمكواة الدائرة حواليه كما يدور، وقد ذكر بعض الحكماء أن يكوى كية بليغة في وسطه، ولست أرى أنا ذلك، لأني أتوقع أن يتقرح، وقد شاهدت ذلك مرات، فالصواب أن يكوى حواليه بدائرة كما قلنا، أو بكيات كثيرة إن شاء الله.

الفصل الحادي والخمسون
في كي الدبيلة

إذا حدث بأحد دبيلة وقد أبطأت في النضج، إما من قبل الفضل الفاعل لها، وإما من قبل سن العليل إذا كان شيخاً قليل الدم، وإما من قبل الزمان، وأردت أن تسرّع في نضج الدبيلة، فاكو حواليها بكيات صغار كثيرة تنقيطاً، ثم اتركها فإنها تسرع في النضج، فإن أردت بطّها بالكيّ، فاحم المكواة التي هذه صورتها:

وأنزلها في وسط الدبيلة حتى تنفذ الجلد، ولتكن الكية مما يلي الأسفل ليسهل جري القيح، ثم تعالجها بما ينبغي حتى يبرأ إن شاء الله تعالى.

الدبيلة: الدمل Boil. Furuncle.

الفصل الثاني والخمسون
في كي الآكلة

الآكلة إنما هو فساد يسعى في العضو، فيأكله كما تأكل النار الحطب اليابس، فإن رأيت الآكلة في موضع يحتمل الكي بالنار، فاحم مكاو مسماريّة كثيرة، صغاراً وكباراً، على حسبما يصلح لذلك الموضع الذي فيه الآكلة، ثم اكوها من كل جهة، حتى تستأصل الفساد كله، ولا يبقى منه شيء البتة، ثم تتركه ثلاثة أيام، ويحمل على المواضع المكويّة الكبريت المسحوق مع الزيت، حتى تنقلع الخشكريشة كلها، وجميع الفساد، ثم تعالجه بالمراهم المنبتة للّحم، فإن رأيت بعد ثلاثة أيام أن اللحم ينبت نباتاً صحيحاً، لا فساد فيه، وإلا فأعد الكي على ما بقي من المواضع الفاسدة…وقد تعالَج الآكلة بالدواء الحاد، فإنه يقوم مقام الكيّ، إلا أن الكي بالنار أسرع نفعاً، وقد ذكرت علاجها بالدواء الحاد في التقسيم، فتأخذه من هناك متى أحوجت إليه، إن شاء الله.

الأكِلة :هي القرحة التي تأكل لحمها، يقال أكلت القرحة أكلاً فهي أَكِلة. والآكلة هي ما يسمى بالغرغرينة : Gangrene، أو Rodent ulcer

الفصل الثالث والخمسون
في كيّ المسامير المعكوسة وغير المعكوسة

كثيراً ما تحدث في أسافل القدمين هذه العلة، وهي شيء خشن متلبد يؤلم الرجل، والكي فيها على وجهين؛ إما الكي بالنار، وإما الكي بالماء الحاد، فأما الكي بالنار فهو أن تحمي المكواة المجوفة الشبيهة بريش النسر، تصنع من حديد، على قدر ما يحيط بالمسمار من كل جهة، وتكون رقيقة الحاشية، ثم تنزلها حامية على المسمار، ثم تدير يدك بالمكواة حول المسمار، حتى تصل المكواة إلى عمق المسمار، وتتركه ثلاثة أيام حتى تهم بالتقيح، ثم تضمدها بالخبازي البرّية المدقوقة بالملح، وتترك الضماد عليها ليلة، فإنها تنقلع من أصولها، ثم تعالج موضع الجرح بالمرهم المنبت للحم حتى يبرأ إن شاء الله تعالى.
فإن كانت المسامير غير معكوسة، وكثيراً ما تحدث في سطح البدن، ولا سيما في الأيدي والأرجل، فينبغي أن تأخذ أنبوبة من نحاس أو من حديد، أو ريش نسر، وتنزلها على المسمار أو الثؤلول، ثم تلقي في الأنبوبة من الماء الحاد قدراً يسيراً، وتمسك يدك وأنت تديرها مع غمز يدك قليلاً، لكي تؤثر حاشية الأنبوبة في أصل المسمار، أو يجد الماءُ الحادُّ السبيل إلى الغوص إلى أصل المسمار، ويصبر العليل قليلاً على لذع الماء الحاد ساعة، ثم تتركه فإن المسمار ينقلع بأصوله … هكذا تفعل بها واحدة واحدة، حتى تأتي على جميع ما منها في الجسم، ثم تعالج مواضعها، بعد أن تنقلع، بما ينبت اللحم من المراهم إن شاء الله تعالى.

الفصل الرابع والخمسون
في كي النافض

إذا حدث بأحد نافض من برد في العصب أو من حمى ربع أو غير ذلك، فينبغي أن تكويه أربع كيات أو خمساً على خرز الظهر، بين كل خرزتين كية، وفي صدره كية، وعلى معدته كية، بالمكواة الزيتونية، فإن النافض يسكن، ويسرع بنضج المرض البارد، إن شاء الله تعالى.

النافض Tremor ، النافض: هو الرِعدة التي تتقدم قبل صنوف الحمى ، وقد تكون بغير حمى ، وهو إذ ذاك مرض بذاته .

الفصل الخامس والخمسون
في كي البثر الحادث في البدن

قد يندفع في البدن بثور قبيحة، تكون عن مواد باردة غليظة فاسدة، فينبغي أول ظهورها أن يكوى على رأس كل بثرة كية لطيفة بعود آس قد أوقد طرفه بالنار، أو بأصل الزراوند الطويل، أو بمكواة عدسية… وقد تكوى الدماميل في أول اندفاعها على هذه الصفة، فلا تزيد ويتبدد الفضل الفاعل لها، ويبرأ منها العليل، إلا أنه ينبغي أن يكون ذلك بعد استفراغ العليل بالفصد، إن شاء الله.

الفصل السادس والخمسون
في كي النزف الحادث عند قطع الشريان

كثيراً ما يحدث نزف الدم من شريان قد انقطع عند جروح تعرض من خارج، أو عند شق ورم، أو كيّ عضو ونحو ذلك، فيعسر قطعه، فإذا حدث لأحد ذلك فأسرع بيدك إلى فم الشريان، فضع عليه إصبعك السبابة، وسدّه نعمّا، حتى ينحصر الدم تحت إصبعك، ولا يخرج منه شيء، ثم ضع في النار مكاوٍ زيتونية، صغاراً وكباراً عدة، وتنفخ عليها حتى تصير حامية جداً، ثم تأخذ منها واحدة إما صغيرة وإما كبيرة، على حسب الجرح والموضع الذي انفتح فيه الشريان، وتنزل المكواة على نفس العرق بعد أن تنزع إصبعك بالعجلة، وتمسك المكواة حتى ينقطع الدم، فإن اندفع عند رفعك الإصبع من فم الشريان وطفأ المكواة، فخذ مكواة أخرى بالعجلة من المكاوي التي في النار المعدّة، ولا تزال تفعل ذلك بواحدة بعد أخرى حتى ينقطع الدم، وتحفّظ لا تحرق عصباً يكون هناك فتحدث على العليل بليّة أخرى.
واعلم أن الشريان إذا نزف منه الدم، فإنه لا يستطاع قطعه ولا سيما إذا كان الشريان عظيماً إلا بأحد أربعة أوجه؛ إما بالكي كما قلنا، وإما ببتره إذا لم يكن قد انبتر، فإنه إذا بتر تقلصت طرفاه وانقطع الدم، وإما أن يربط بالخيوط ربطاً وثيقاً، وإما أن توضع عليه الأدوية التي من شأنها قطع الدم والشد بالرفايد شداً محكماً.
وأما من يحاول قطعه برباط أو بشد بالخرق، أو وضع الأشياء المحرقة، ونحو ذلك، فإنه لا ينتفع بذلك البتة إلا في الندرة.
فإن عرض لأحد ذلك ولم يحضره طبيب ولا دواء، فليبادر بوضع الإصبع السبابة على فم الجرح نفسه، كما وصفنا، ويشده جيداً حتى ينحصر الدم، ويَنطل من فوق الجرح على الشريان، والإصبع لا تزول من عليه، بالماء البارد الشديد البرد دائماً حتى يجمد الدم ويغلظ وينقطع، وفي خلال ذلك تنظر فيما يحتاج إليه من كي أو دواء إن شاء الله تعالى. الطب الشعبي http://www.khayma.com/cupping/index.htm