الطاهر ساتي

اليكم


[ALIGN=CENTER]اليكم[/ALIGN]

٭ (أعلى الممالك ما يُبنى على الأسل)
هكذا صرخ شاعر العرب أبو الطيب المتنبي، في قصيدة سارت بها الركبان.
والأسل: أسنة الرماح.
والطاهر ساتي رمحه قلمه..
٭ جاءنا الأخ الطاهر، من مدرسة (ألوان)، بطباشيره وعلبة (ألوانه) وأحباره الجميلة، وسرعان ما اندغم في مدرسة (الصحافة)، صحفيين واداريين وعاملين، وصار واحداً منا (سيفه سيفنا وجرحنا جرحه).
٭ ومن الوهلة الأولى، تربع بعموده (اليكم)، على عرش الصفحة الأخيرة، يطل على القراء كل صباح، سافر خارج الخرطوم، أو ازدحم بيته، بأهلنا (الدناقلة)، او أرسلته زوجته (سميرة) في مهمة عاجلة، كان في كل الأحوال يكتب، ولا ينقطع عن الاطلالة اليومية.
٭ وكان في عموده، (لا ينحني ليلتقط ما سقط من عينيه أبداً)، في كل صباح، يطرح فكرة جديدة، أو مداخلة مسؤولة او تساؤلات مشروعة، أو يكتفي بخاطرة ذكية، وفي كل ما يكتب، كان يحرك بركة، أو يثير غبارا، او يفتح جرحا.
٭ والطاهر حين يفتح الجرح، يفتحه بغية تنظيفه من القيح، فهو من أولئك الذين لا يقبلون تضميد الجراح على قيح، ولهذا يبدو أحيانا «مشاغباً» وفي تقديري، من حق الصحفي أن يشاغب، ومن حق الصحافة أن تزعج وتقلق وتصفع.
٭ وعموماً الأخ طاهر، قلق، (ان وضع في الجنة بحث عن سرداب في النار)، وقلمه أكثر قلقا منه (كأن مداده من ريح)، ولهذا السبب يبدو احيانا (لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب).
٭ وبعيداً عن رجب وشعبان ورمضان، أشهد الله أن عمود (اليكم) كان بالنسبة لي أقرب الى (طعم العيد)، وشوال وذي الحجة، وهو من الأعمدة التي (من وعدها، ما ملكنا المستحيل بها، منها الهوى والرؤى منها الأناشيد).
٭ بالأمس، قال الطاهر: حين يصبح حرف الوداع عصياً، على اليراع، يبقى التواصل دثاراً يخفي وطأة الحزن.
٭ ذهب منا الطاهر (مترقياً)، لقيادة سفينة جديدة، في بحر الصحافة المتلاطم، وهذا قدر (الصحافة) الصحيفة.. ان تقدم لبلاط صاحبة الجلالة، أجمل ما عندها من ثمار كل اصدارة جديدة.
٭ ذهب الطاهر.. و(اذا كان لكل امرئ من اسمه نصيب)، كما جاء في الأثر، فقد أخذ نصيبه غير منقوص.
حسن البطري

اليكم ..الصحافة-العدد 6005
tahersati@hotmail.com