المقالات

عشبة الجاتروفا بدلا عن قصب السكر لإنتاج الطاقة المتجددة


أوصت دراسة أعدتها وزارة التجارة الخارجية أن تكون عشبة الجاتروفا جزءا أساسيا من إستراتيجية الدولة لإنتاج الطاقة المتجددة خاصة بعد أن كثر الجدل حول إنتاج الوقود الحيوي من الحبوب الغذائية والسكر. “كثيرة هي نعم الله التي تجود بها الطبيعة دون أن يستشعرها أحد”، كما تقول هالة أحمد الأمين رئيس قسم الدراسات بنقطة التجارة السودانية والتي أعدت هذه الدراسة، ومنها نبتة (جاتروفا) (jatropha) المتوحشة التي طالما اشتكى من أذاها المزارعون في فجاج الأرض، إذ تنمو بسرعة عجيبة، وتظهر أثناء ذلك سلوكاً عدوانياً من خلال الاعتداء على المجال الحيوي لمحاصيل المواد الغذائية المزروعة حولها

والجاتروفا (Jatropha curcas) شجيرة أو شجرة صغيرة يصل ارتفاعها الى 3-5 أمتار وأحياناً عند توفر الظروف البيئية الملائمة يصل إلى 8 – 10 متر

وهي من النباتات العشبية، ورقتها تشبه ورقة العنب وتطرح ثمرة على شكل جوزة لها حجم (كرة الجولف) تتضمن بذوراً ممتلئة بزيت مرّ الطعم

وتبلغ نسبة الزيت في البذور 35-40 % وفق موسم النضج، وتصل نسبة الدهون المشبعة إلى 20% و الغير مشبعة 79% ولا يستخدم الزيت في الاستخدام الآدمي ولكنه يستعمل في إنتاج الزيت الحيوي كوقود وذلك يرجع لاشتعاله دون انبعاث أبخرة ملوثة للبيئة حيث ان الزيت الناتج عن بذرة الجاتروفا يطلق عند احتراقه خمس من ثاني اوكسيد الكربون بالمقارنة مع البترول ، أي انه يوفر من هذه الناحية ، أربعة أخماس أضرار وتكاليف ثاني اوكسيد الكربون وبقية الانبعاثات الاخرى لذا يطلق عليه الزيت الصديق للبيئة كما يستخدم للإضاءة و عدة أغراض صناعية أخرى. وتوجد الجاتروفا بالسودان في العديد من المناطق مثل ولاية الخرطوم , وسط السودان , كسلا في الشرق وكردفان في الغرب ولكنها أكثر في الولايات الجنوبية وخاصة في بحر الجبل وبحر الغزال وقد بدأت من 1972 ولكن كان بحثاً عن الخواص الطبية والسمية للنبتة. ومن المشاريع النموذجية التجريبية التي أثبتت نجاحاً في السودان، مشروع كتم بشمال دارفور بمشاركة احد مراكز البحث الالمانية ، وهو مشروع للأبحاث العلمية وقد أعطى إنتاجية عالية جداً. وبما ان الجاتروفا تعتبر من النباتات الاستوائية وكل العوامل البيئة والمناخية تشير الى نجاح زراعتها في الأراضي السودانية بالإضافة إلى تجنبها الجدل الأكبر المحيط بالوقود الحيوي وهو النقاش الأخلاقي حول استخدام المصادر الزراعية الغذائية لإنتاج الوقود

وترى معدة الدراسة أن إيجاد مصدر بديل للنفط، لم يعد اختياراً بقدر ما أصبح طريقاً حتمياً وهدفاً إستراتيجياً تسعى إليه الآن أغلب الدول مما يوفر دافعا كبيرا للاهتمام بهذه النبتة المعجزة والتوسع في زراعتها “لان السودان يزخر بالأراضي الشاسعة والمياه الوفيرة والتنوع المحصولي فقد يصبح هذا البلد الإفريقي العملاق هو الأوفر حظا لإنتاج الديزل الحيوي من هذه النبته و بالتالى نلحق بركب الدول التي قطعت بالفعل شوطا كبيرا في إنتاج طاقة المستقبل”

وتقول أن إنتاج وقود ‘الإيثانول’ يتطلب تكاليف باهظة بسبب الحاجة لاستثمار مساحات ضخمة من الأراضي لإنتاج الذرة أو القمح أو قصب السكر، وهي المحاصيل التي يتم إنتاجه منها، إلا أن الجاتروفا يمكن أن تزرع على جوانب الطرق وفي الأراضي الحجرية والصحراوية التي لا تصلح للاستثمار في زراعة المحاصيل التقليدية. وبدأت ترتفع بعض الأصوات مؤخراً لانتقاد الأضرار البيئية والاجتماعية الكبيرة التي ينطوي عليها استزراع المساحات الهائلة من الأراضي لإنتاج المواد الأولية اللازمة لتحضير الإيثانول. وهذا يفسح المجال أكثر لنشر زراعة ‘الجاتروفا’. وعلى متخذي القرار في المستويات العليا مناقشة حاضر ومستقبل هذا النشاط في السودان. وبحسب وصاياها في الدراسة تقول الباحثةهالة “يجب إنشاء مركز تدريب لزراعة وتصنيع الجاتروفا وخلق كوادر فنية في هذا المجال. ويجب أن يكون التوسع في زراعة الجاتروفا في مناطق محطات معالجة مياه الصرف وعلى تلك المياه المعالجة فقط في الصحراء وفي الأراضي المهمشة التي لا تستخدم إطلاقا في الزراعة الخاصة بالإنتاج الغذائي.ويجب أيضا أن تكون زراعة الجاتروفا نشاط حكوميا خالصا باعتبار الوقود الحيوي موردا قوميا هام وحيوي.كما يجب إسناد تخطيط وتنفيذ برامج صناعة الديزل الحيوي من الجاتروفا إلى مؤسسة قومية، مع مشاركة فعالة من وزارات الزراعة والبيئة والري.” تسببت الزيادات المتتالية والمرتفعة في أسعار البترول والطاقة في نشوء عدد من الآثار السلبية على القطاعات الزراعية بصفة عامة وقطاع الغذاء خاصة منها، زيادة تكلفة استخدام الآلات الزراعية واستخدام الكيماويات الزراعية ، وكذلك تكلفة نقل مستلزمات الإنتاج إلى المزرعة، والمنتجات إلى الأسواق لاعتمادها كلية على الوقود. التحول لإنتاج واستخدام الوقود الحيوي، وبذلك تحول استخدام الأراضي الزراعية من إنتاج الغذاء إلى إنتاج الوقود؛ الأمر الذي أدى إلى نقص المعروض من تلك المنتجات، وبالتالي زيادة أسعارها بشكل كبير خاصة في الحبوب. زيادة في تلوث البيئة مما استتبع ذلك من تغيرات مناخية وخاصة فما يتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري وهذه التغيرات الضارة تعكس تخوفًا شديدًا من مستقبل النقاء البيئي. الانخفاض في مستوى ونوعية الموارد الطبيعية الأساسية مثل الأراضي الزراعية والمياه العذبة. وأدى استشعار المجتمع الدولي، الخطر من استخدام الغذاء في توليد الوقود الحيوي بدلاً من تغذية البشر، إلى بدء التفكير الجدي في الاستخدام والعناية ببعض الأشجار غير الغذائية، والتي تزرع في أراضي هامشية، ولاتحتاج بشدة إلى المياه ، ويمكنها توليد الطاقة أو إنتاج الوقود الحيوي،. وتمثل شجيرة ” الجاتروفا” أهم هذه الأشجار التي بدأ الاهتمام بها بدرجة كبيرة، وذلك في إطار مفهوم جديد اطلق عليه مشروع زراعة الطاقة، والذي يمكن من إيجاد بديل للوقود المشتق من البترول، أو يقلل من درجة الاعتماد عليه. في غمار انتشار حمى البحث عن بدائل الطاقة عقب ارتفاع أسعار النفط، تمكن بعض الهنود في ولاية بنجالور من إكتشاف القيمة الحقيقية الكامنة في بذور ‘الجاتروفا’ بعد أن عرفوا أن عملية معالجة كيميائية وفيزيائية لزيوتها تكفي لتحويلها إلى نوع من الديزل الحيوي المناسب لتشغيل محركات السيارات. وصارت هذه النبتة العدوانية بسبب ارتفاع أسعار النفط ، نجمة ساطعة في أفق مشاريع اكتشاف مصادر الطاقات البديلة للنفط في الهند. وتكمن ميزتها في ‘قوّتها الحيوية الخارقة’، فهي قادرة على النمو والانتشار بسرعة عجيبة وفي كل البيئات الزراعية من دون استثناء. وهذا يعني أن نشر زراعتها على نطاق واسع أمر بالغ السهولة حتى في الصحارى الجافة. ومن مميزات هذه النبتة أن زراعتها لا تحتاج إلا إلى قليل من الماء، ولاتتطلب استخدام الأسمدة. وهذا يعني أن التوسع في إنتاجها على أوسع نطاق لن يتم على حساب المصادر الزراعية المستخدمة في إنتاج المحاصيل الغذائية التقليدية. وتنطوي هذه الخصائص على أهمية كبرى عند البحث في هوامش الأمن والسلامة البيئية لأي مصدر جديد للطاقة. الموطن الأصلي للجاتروفا هو أمريكا الجنوبية والتي تحمل الاسم العلمي (jatropha curcas) ومنها انتشرت الشجيرات إلى العديد من المناطق الجافة وشبه الجافة و الاستوائية في العالم خاصة في مناطق امريكا المدارية وغرب اسيا. ويوجد 476 نوع للجاتروفا من بينها 12 نوعا سجلت في الهند وافضل الانواع هو جاتروفا كاركاس (Jatropha Curcas). فيما كانت ماليزيا أول دولة في العالم تستثمر الجاتروفا وتستخرج منها الزيت وتسير أول سيارة في العالم باستخدام هذا زيت بنسبة 100% منذ العام 2006

ومن ثم انتشرت الجاتروفا إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وباقي دول العالم.

سونا
إشراقة عباس