قير تور

مساخة وبياخة


[ALIGN=CENTER]مساخة وبياخة[/ALIGN] تحكي طرفة شعبية – غالباً القصص والطرف الشعبية لا يعرف لها مؤلف معين – عن أحدهم مسافر بقطار في رحلة جمعته القمرا (القمرا لمن لا يعرفون القطار سوى ما يشاهدونه في التلفزيون، عبارة عن غرفة صغيرة مخصصة لعدد معين من الركاب، أقصاها حسب ما اعرف عندما كانت رحلات القطار مستمرة في السودان ستة أشخاص وأدناها شخصان) برجل إنجليزي. حدث شئ ما جعل مزاج صاحبنا غير صاف وصار قلقاً، فجعل يضرب كفا بكف تارة، ثم يضرب خديه مرة أخرى، ويقوم ويجلس على الكرسي والإنجليزي صامت في كرسيه المخصص له لا يحرك بنت شفة فهو مشغول بقراءة كتاب بين يديه… ووصل صاحبنا مرحلة فتحه شباك القمرا ليقذف عبره بعض ممتلكاته الشخصية وعندما جلس في مكانه وذاك لم يتحرك نحوه بكلمة، تطوع من تلقاء نفسه بالسؤال قائلاً: “إنت معقول ما قاعد تحس؟”. فرد الإنجليزي وهو لم يرفع رأسه من كتابه بعد: “لا أحس بماذا؟”. رد هذا: “كل العملتو دا واللا تقول ساي مالك بتعمل كدا؟”. عنده أهتم الإنجليزي بكلام محدثه وأنزل الكتاب قليلاً ثم قال لمحدثه: “الحاجات اللي رميتها دي مش حقتك؟”. رد بـ: “ايوه!!”. فقال الانجليزي: “طيب… واللي بيخصني فيها شنو؟”. ثم سكت وأعاد كتابه إلى وضعه الأول.
وحسب سماعي للرواية فالراوي يفيد بأن رفيق الرجل الانجليزي كان سودانياً، وفي افادات بعض من استمعوا للقصة واستمتعوا بها فالمقصود من روايتها بيان برود الانجليز. وعلى الوجه الآخر فالقصة تعكس تعميم مخل يريد البعض صبغه على السوداني فهو إن لم يتدخل في ما ليس له فقد يتطوع لادخال آخرين في موضوعه. ومثال ذلك ما تتداوله النكات المحلية التي حكت بعضها عن طفل صغير جاء يبكي عندما صادفه رجل اكبر منه فسأله لماذا يبكي فذكر له بأن والده جلده… وتنتهي القصة بأن الرجل بعد ما قام بتأييد ضرب الطفل ثم عرج للطفل سائلاً عن سبب الجلد فرد الطفل: “ابوي دقاني عشان تحشرت متل تحشرك دا”.
ليس صحيحاً ولا الغالب بأن الشخصية السودانية تعود في التدخل في ما ليس له دخل، لكن بعض أصحاب النزعة السلطوية لهم ما يشبه حب التدخل في ما يخصهم أو ما لايخصهم. والتدخل في ما لا يخص الشخص لا يأتي بدون (قصد شريف) أو (نية سليمة) بل الكارثة الكبرى أن تكون كل الصفات الجميلة هي غلاف حشر الأنوف في أمور الغير.
فمثلاً يمكن ملاحظة ذلك في تصنيف بعضنا للبعض بحكم الأعمار فالاجيال السابقة اليوم ليست لديها أجمل من أغاني الحقيبة حتى اقتنع البعض من ابناء جيلنا بذلك فتجده يقول كما سمعت من إحدى مذيعات إحدى قنواتنا تقول: “زمن الفن الأصيل”.. أنا شخصياً مندهش حتى اليوم هل قارنت تلك المذيعة كل فنون اليوم بفنون الأمس التي لم تعشها؟.. والبعض الآخر بحكم وظيفته فهو أعلم منك… و.. و.
ما يهمني هو: هل سبق وتم وصفك بالشخص البارد والمسيخ والتقيل… وكل الصفات السلبية حسب قاموسنا العام ممن حولك خاصة من أسرتك؟. تأكد إذن بأن هناك حاجة في بعض الأحيان إلى هذه الصفات. طبعاً هذه الصفات حسب تجربتي لا تقال للشخص أمامه غالباً إنما هي عبارات تنطلق في غياب الشخص، ولذا أعتبرها غير مؤذية كما أن نقلها لك غير مفيدة.

لويل كودو – السوداني
7 أبريل 2010م
grtrong@hotmail.com


تعليق واحد

  1. اخى الكريم
    انا شخص مسيخ كما يقولون ولكنى اضطر الى هذا الاسلوب .فيحكى ان احدا ركب المواصلات جمبو واحدة جميله داير يفتح معاها موضوع قال ليها ساعتك عامله كم قالت ليهو ساعتى واقفه قال ليها واقفه فى كم!