تحقيقات وتقارير

ثلاثة مسارات لمستقبل السودان السياسي


[ALIGN=JUSTIFY]استضاف معهد الدراسات الافريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم البروفيسر مدثر عبدالرحيم مدير جامعة امدرمان الاسلامية الاسبق ورئيس وحدة ابحاث الاسلام والحداثة وحقوق الانسان وشؤون الاقليات بالمعهد العالمي للفكر والحضارة الاسلامية _ ماليزيا _ حالياً ، في ندوة بعنوان ( مستقبل السودان السياسي : المسارات والفعاليات ) حدد فيها صاحب كتاب ( التطورات الدستورية والسياسية في السودان من الاحتلال الى الاستقلال) ثلاثة مسارات لمستقبل السودان السياسي ، الاول سودان يتوحد فيه اهل البلد بتجاوز الفروق والتنوع العرقي والديني ( واستعمال هذه الفروق للتواصل بحيث تكون جسور للتآلف ) ، والثاني يقوم على تغلب مجموعة او مجموعات على مجموعات اخرى ، والثالث ان نقبل هذا الذي يراد لنا وهو تقسيم السودان، وتقدم ( الصحافة ) هنا رصدا لما دار في قاعة الشارقة صباح امس :
وقال البروف عبد الرحيم اذا اردنا سودانا موحدا يجب تجاوز الفروق العرقية والقبلية لا بمعنى ان ننساها او نتبرأ منها ( وهذا الشيء غير متاح ) لكن باستعمال هذه الفروق للتعاون بحيث تكون جسورا للمرور والعبور نحو التواصل والتآلف وبالالتزام بما يحقق مصالح الجميع وبحيث لا تكون هذه الفروق مما يعرقل الوحدة . مشيرا الى ان البلاد التي نالت استقلالها بعد السودان حققت صور ملموسة في هذا الجانب مثل ماليزيا التي اصبحت جنة الله في ارضه بالرغم من الفروق الموجودة فنجد سكانها من الصينيين 30% والهندوس 10% والملايو 55% وهم لهم فروق اكبر بكثير من الفروق التي توجد بين مجموعات السودان. ولكن الماليزيين جعلوا من هذه الفروق مصدر ثراء وتعاون بدلا من التفرقة، موضحا ان التآلف والتكاتف ليس امرا بدعا او خارج نواميس الطبيعة في تاريخ الامم و احسن خيار في السودان ان نتعايش ولا نتعايش مرغمين بل بكامل ارادتنا وحريتنا. ( وان لم نتجاوز هذه الخلافات ونستجمع شعوبنا وقوانا في كيان وطن واحد سوف تسير الامور الى الصعب والى ما لا تحمد عقباه) اما المسار الثاني يشبه المسار الاول من حيث الشكل والحفاظ على السودان في حدوده ولكنه يقوم علي فكرة تغلب مجموعة او مجموعات على مجموعة اخرى بقهرها ( ولقد اندهشت واستغربت عندما قرأت ان المجموعات العربية يجب ان تهيمن على الاخرين واعتبر ان هذا الكلام ليس له لزوم ولا مبرر له وغير منطقي وهو غير ممكن . كما قرأت عن تيار يدعو الي التخلص عن الصفات المعروفة للسودان في اطار الاسلام لانها جلبت لنا المصائب لذلك لابد ان نستبد لها بثقافة وتوجه وعنصر افريقي.. ). واريد ان اشير في مواجهة هذه الدعوة التي تدعو الى العنجهية انها لا مكان لها في الاسلام وهذه دعوة عنصرية قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم دعوها انها منتنة والعنصرية ونحن نجد السودان في الستينيات صورة مصغرة لافريقيا تاريخيا معروف ان السودان مفتوح لجميع التيارات الاغريقية والمصرية والافريقية وغيرها.. وهذه التيارات التي صبت في بلورة شخصية السودان سارت الى ان وصلت قلب السودان لكن استحالت ان تتبلور في الجنوب نسبة للمناخ والارض. وكتب عنها الرومان عندما كلف الامبراطور نيروز مكتشفي بالسير والتحرك عبر النيل وصلوا الى مكان فيه نباتات كثيفة يصعب مرور المراكب والمشي عليها وشبهت كأنها جدران سميك هنا العزلة استثنائية ولها آثار مختلفة اكثرها مما اصاب البشر. اذا اخترنا مسار التخاصم واضيفت اليه ابعاد اخرى مثلما قال من قال ( ان ايسر الاساليب لجلب الثروة والسلطة في افريقيا هي استثارة النعرات القبلية ) لذلك يجب ان نتعرف علي هذا المسار جيدا.. خصوصا ان هنالك جهات كثيرة في العالم بما فيها امريكا تقوم على صياغة هذه المجتمعات وتتبنى الاقليات بصور تختلف عن ما يريد اهلها. لذلك نحن نريد سودان جديد لكن برؤانا وحسب رغبتنا.. واشير هنا انه وقبل خمسة وعشرين عاما قدمت وثيقة كان جوهرها ان بقاء اسرائيل واستمرارها في مقبل الايام يستلزم تفتيت واضعاف وازالة الدول المحيطة بها وان من اهم الوسائل لتحقيق ذلك تبين نقاط العجز والضعف في ادارة هذه البلدان والتسرب من خلال الشقوق لا سيما فيما يتعلق بالعرقيات والظلم الذي يقع على بعض الاقليات لاستغلال الاحساس بالظلم لهدم الكيان الوطني ، والعراق مثال واضح لاستمرارية اسرائيل اما السودان فيكتب عنه اسرائيليون بهذا المنظور منذ الستينيات . وقد قيل لي ان السودان في عام 2050 لن يكون كما هو ( ولن تكون خارطته مثل التي تراها الآن ) وفي منتصف هذا القرن لن نجده.
والمسار الثالث: ان نقبل هذا الذي يراد لنا من تقسيم للسودان وتفتيت له وكأنه قدر ورأيي و احساسي الخاص ان هذا لن يخدم مصالح اي مجموعة لأن التفتت يمكن ان يتداعى على هذه المجموعات ( واذا انفصل الجنوب عن الشمال يمكن ان تتواصل عملية التفتت في داخل هذين الاقليمين ) وربما كان هذا السبيل مغريا لمجموعة او اخرى، ولكن اذا استضاءت السياسة بالعقل يجب ان يصرف النظر عن هذا المسار ويتم تجاوزه .
مداخلات :
الدكتور الحسن فرح قال ان البروف طرح المسارات الثلاثة طرحا اكاديميا ولكننا نريد حديثا عن واقع السودان متسائلا، اين نحن من هذه المسارات وهل ثبتنا احد هذه المسارات مشيرا الى اننا في خلال العشرين سنة الماضية اخترنا مسارا وثبتناه ( واذا اردنا ان نحل مشاكلنا لابد ان نسمع بعضنا وعلينا ان نعالج جروحنا الفاسدة لان السودان في منعطف خطير واذا اعترفنا وانتقدنا انفسنا بكل جرأة وشجاعة لا تستطيع اي قوة التدخل لتفتيتنا). اما البروفيسور زروق فاشار الى ان المسار الاول يفترض الوحدة ويحفز الناس لتبنيها والمسار الثاني يثير سؤال استخدام القوة والثالث خاضع لرغبات الناس وما اذا كانت الاقليات تريد ان تفرض نفسها على الاغلبية بينما قال محمد ابراهيم كبج ان الوحدة على اسس عادلة هو الشعار المنقذ من التفتت وان واجب الدولة والحكومة ان تلبي احتياجات السكان بطريقة عادلة (وهذا الشيء لم يحدث مما رسب الغبن الاجتماعي اضافة الى التنمية غير المتوازنة في السودان و الحكومات التي جاءت بعد الاستقلال لم تنتبه الى نمط التركيز حول اواسط السودان التي كرسها الاستعمار الانجليزي لخدمة مصالحه ).وعبر احمد الامين بشير عن تفاؤله قائلا ان الذي يحدث في السودان عملية انصهارمستمرة يفعلها الشعب السوداني وذهب الدكتور محمد نوري الى ان الحل في الديمقراطية الليبرالية الحقيقية معبرا عن خشيته من تلاشي السودان مراهنا على انه اذا جرت انتخابات نزيهة تعود القواعد الى طبيعتها مقترحا ان تنضم القوى اليسارية الى الاتحاديين على ان تعود الحركة الاسلامية الى الانصار ( لتكون لدينا قوتان في الشمال )
عبد الله دينق نيال قال ان الانسان هو الكائن الوحيد في الكرة الارضية الحر وهو الذي يختار( واعتقد ان هذه الدنيا محكومة بثنائيات حرب وسلام، عدل وظلم ـ وحدة وانفصال بذلك الشعب له حرية الاختيار ثم بعدها الفطرة شرط من شروط الوحدة من الحرية بكامل اختيارهم فنجد مثلا الجنوبيين اختاروا ان يعيشوا في اقصى الشمال. والعدل يعطينا الوحدة وهي فطرة ) الدكتور عدلان الحردلو اشارايضا الى الحياد الاكاديمي الصرف في الطرح ، مشيرا الى ان السودان الان يمر بمفترق طرق ويجب ان نعرف الى اي مسار السودان اقرب.
هويدا المكي الحسن :الصحافة [/ALIGN]