تحقيقات وتقارير

واحد من بين كل (600) بريطاني يعتنق الاسلام


تضاعف عدد البريطانيين الذين دخلوا في الدين الاسلامي خلال السنوات العشر الماضية، لماذا؟ وللتحقق من هذا الأمر قام كل من جيروم تايلور وسارة مورسون باعداد التقرير الضافي التالي:
جاء في مستهل التقرير ان اعداد البريطانيين الذين اختاروا ان يصبحوا مسلمين قد تضاعفت خلال العقد الماضي حسب احدى أكثر المحاولات شمولا لتقدير عدد الاشخاص الذين اعتنقوا الاسلام.
ففي أعقاب الانتشار العالمي لعنف قام به مسلمون، واجه المسلمون البريطانيون تدقيقا أكثر تجاههم واصبحوا تحت دائرة الضوء كما تعرضوا للانتقادات والتحليل أكثر مما تعرضت له اي مجتمعات دينية أخرى. وبالرغم من ذلك وبالرغم من الصورة السلبية للاسلام فان الآلاف من البريطانيين اصبحوا يعتنقون الإسلام كل عام.
وظل تقدير اعداد معتنقي الاسلام من سكان بريطانيا امراً عسيراً دائماً لان قاعدة معلومات التعداد السكاني لا تفرق بين ما اذا كان الشخص المتدين قد تحول الى دين آخر ام انه ولد بذلك الدين؟ وقد كانت التقديرات السابقة قد وضعت اعداد الذين تحولوا الى الدين الاسلامي في المملكة المتحدة بما يتراوح بين (14.00) و(25.000) شخص.. بيد ان دراسة جديدة اجراها مركز أبحاث العقائد المسمى (شؤون العقائد) تقول إن العدد الحقيقي قد يكون بلغ (100.000) شخص. ويتحول حوالي (500) شخص في المملكة المتحدة الى الاسلام كل عام.
وباستخدام معلومات من التعداد السكاني الاسكتلندي لعام 2001م – وهي عملية المسح الوحيدة التي تسأل الاشخاص المستهدفين بالاحصاء عن ديانتهم عند مولدهم – وقام الباحثون بتفصيل نسبة المسلمين الذين تحولوا الى الاسلام حسب الاعراف ثم عمموا الارقام على بريطانيا بأجمعها.
وكانت نتيجة جملة تقديراتهم وجود (60.699) من الذين اعتنقوا الدين الاسلامي ويقطنون في بريطانيا في العام 2001م، وبما انه ليست هناك عمليات تعداد جديدة حتى العام المقبل فقد قام الباحثون باجراء استطلاعات في المساجد الموجودة بمدينة لندن لمحاولة احصاء عدد الذين يتحولون إلى الدين الاسلامي كل عام وتمخضت النتائج عن عدد (1400) من الذين دخلوا في الاسلام في العاصمة خلال الاثنى عشر شهراً الماضية وعندما طبق الاستطلاع على المملكة المتحدة باجمعها وجد الباحثون ان حوالي (5200) شخص يعتنقون الاسلام كل عام. وعندما قورنت هذه الأرقام بدراسات اجريت في المانيا وفرنسا اتضح ان هنالك حوالي (4000) شخص يتحولون الى الاسلام كل عام.
واعترف (فياز ماقول) مدير مركز (شؤون العقائد) البحثي بأن الوصول الى تقديرات موثوق بها لاعداد الذين تحولوا الى اعتناق الدين الاسلامي عملية عسيرة. وقال (هذا التقرير هو افضل نهج عقلي باستخدام ارقام التعداد ومعلومات السلطات المحلية والاستطلاعات في المساجد). (وبكلتا الطريقتين فان قلة من الناس تشك في ان اعداد الذين دخلوا في الاسلام في المملكة المتحدة قد إرتفع على نحو مثير خلال السنوات العشر الماضية). وعندما سئل عن الاسباب التي تحمل مثل هذه الاعداد الكبيرة الى التحول الى اعتناق الاسلام اجاب قائلاً: (اعتقد ان ثمة علاقة لا تخطئها العين بين زيادة اعداد معتنقي الاسلام وبروز الاسلام على الصعيد العام. ذلك ان الناس مهتمون بمعرفة ماهية الاسلام وحقيقته وعندما يقومون بذلك يسيرون في اتجاهات شتى. ومعظمهم يهزون اكتافهم في لامبالاة ويعودون الى حال سبيلهم، ولكن البعض سوف يفضي به الامر حتما الى حب ما اكتشفه وبالتالي يعتنق الإسلام.
وقالت (بتول التوما) الايرلندية المولد التي اعتنقت الاسلام وهي في الخامسة والعشرين من عمرها وتعمل في المؤسسة الاسلامية وتدير (مشروع المسلمين الجديد) وهو واحد من اوائل المجموعات التي تم تأسيسها خصيصاً للمساعدة في الدخول في دين الإسلام- قالت ان الارقام الجديدة تشير الى الأعداد المتزايدة من معتنقي الاسلام، وتعتقد اعتقاداً جازماً بأن ثمة زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة. أما عنايت بنقلاولا مؤسسة مسلمي المملكة المتحدة رقم (4) التي تروج لمشاركة المسلمين الفاعلة في المجتمع البريطاني فقالت ان الارقام معقولة ومقبولة. ومضت الى القول ان حوالي واحد من بين كل (600) بريطاني يعتنق الاسلام.
وان الاسلام دين تبشيري وكثير من المنظمات الاسلامية وخاصة الجمعيات الاسلامية الطلابية لديهم برامج نشطة للوصول الى الآخرين صممت من اجل ازالة الاعتقادات الخاطئة لدى الشعوب عن عقيدة الاسلام. والذين يعتنقون الاسلام ويتحولون الى متطرفين أو ارهابيين فان وجود بعضهم حقيقة، ولكن ما يقلقني ان حدوث مثل هذه القصص اذا تكاثر فإن ذلك يحمل مخاطر دمغ جميع معتنقي الاسلام بكونهم بعض جزء من المشكلة. في الوقت الذي لا تسلك الغالبية مثل هذا النهج.
اما كاثرين هسلتاين (31) عاماً التي اعتنقت الاسلام اصبح لها تاريخ هذا العام حيث اصبحت اول انثى تتحول الى الاسلام ويتم انتخابها رئيسة لمنظمة المسلمين البريطانيين (لجنة الشؤون العامة للمسلمين).. وقالت: وسط فئات معينة من المجتمع ثمة عدم ثقة عميق تجاه معتنقي الاسلام وهنالك شعور لدى البعض بان هنالك شيئاً واحداً اسوأ من المسلم وذلك هو الشخص الذي يدخل في دين الاسلام لانهم يعتقدون بان هذا المعتنق الجديد اكثر تمسكاً بمعتقده من المسلم العادي. وعلى العموم اعتقد ان تلك الاحاديث قد اثارت حب الاستطلاع أكثر من اثارتها للكراهية.
كيف تصبح مسلماً؟
الاسلام واحد من أسهل الديانات التي يتم التحول إليها فمن ناحية فنية كل ما يحتاجه الشخص الذي يريد اعتناق الدين الاسلامي هو ان يردد (الشهادة) وهي الاعلان الرسمي للدخول في الاسلام وتوضح الشهادة انه (لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله) اذاً كل ما في الأمر هو ان تردد بإخلاص الشهادة لتنضم الى زمرة المسلمين. ولكن معظم من ينوون اعتناق الاسلام يفضلون ان يتم ذلك أمام شاهدين على الأقل على ان يكون احدهما إماماً.
قصص بعض من اعتنقوا الإسلام
هناء تاجيما (23) عاماً – مصممة ازياء – تحولت الى الدين الاسلامي عندما كان عمرها (17) عاماً وبادئ الامر احبطت بسبب الافتقار الى التنوع في الازياء الاسلامية بالنسبة لمن يتحولون الى اعتناق الاسلام ولذلك اقدمت على تأسيس (دار مياسة) للأزياء وهي دار للموضة ابتدعتها لتصمم ملابس مستوحاة من الازياء الغربية وتتوافق مع الحجاب.
وقالت: (حقيقة لم افكر في يوم من الايام في اعتناق الاسلام ولم تكن هناك لحظة محددة أدركت فهيا انني أريد ان اكون مسلمة ولم تكن اسرتي متدينة وكنت مهتمة بالدين ولكن كنت غير مهتمة في الكيفية التي يرتبط فيها بحياتي. ونشأت في منطقة ديفون في الريف البريطاني وكان والدي من أصل ياباني، وعندما كنت ادرس في كلية (جيف بيكلي) قابلت كثيراً من الاشخاص من خلفيات مختلفة، فمنهم من يفضلون حياة الرقص والليل وتعاطي الكحول والبحث عن ملذات الحياة. كما قابلت قليلاً من المسلمين وصادقتهم خلال دراستي الجامعية واستغربت وفوجئت بعدم رغبتهم في ارتياد الاندية الليلية وفي ان يكونوا اجتماعيين بذلك المفهوم، وكيف يعزفون عن مثل تلك الحياة وهم في ريعان شبابهم؟ وفي تلك الفترة بدأت دراسة الفلسفة. وبدأت اشعر بالارتباك في حياتي فانا محبوبة جداً بين جميع الموجودين حولي ولدى مجموعة من الاصدقاء ولدى كل ما يفترض ان يكون لي، ولكني مازلت اتساءل (هل هذا هو الوضع الأمثل؟)، وقرأت المزيد عن الاديان ووجدت أشياء بعينها جذبتني الى الاسلام وكان ما قر في نفسي لم اجد له مثيلاً في حياتي السابقة.
وحقيقة ان القرآن هو ذات القرآن الذي انزل تعني ان هناك نقطة للمرجعية وكلما اكثرت من القراءة ألفيت نفسي في توافق مع الافكار الكامنة واستطعت ان ارى كيف ان الاسلام جعل حياة اصدقائي المسلمين زاخرة بالالوان نابضة بالحياة. وجاءت اللحظة التي لم استطع ان اقول فيها بانني غير مسلمة. ومضت الى القول ان الجزء الأكثر سهولة في هذا الأمر هو إبلاغ اسرتي. لاني اعرف انهم سيكونون سعداء بسعادتي ويرون ان هذا امراً ايجابياً بطريقة لا تصدق. اما اصدقائي فكان بعضهم غير مكترث والبعض الآخر كان مؤيداً لي.
دينيس هورسلي (26) عاماً (معلمة رقص):
تسكن دينس هورسلي في شمال لندن واعتنقت الاسلام في العام الماضي وقررت ان تتزوج من صديقها المسلم وقالت (تعرفت على الأسلام من خلال صديقي نواشاد. وظل كثير. من الناس يتساءلون عما إذا كان تحولي الى اعتناق الدين الاسلامي لسبب صديقي. ولكن في واقع الأمر ليست له صلة بهذا الأمر. لقد كنت مهتمة بعقيدقه، ولكني مضيت بمفردي في رحلتي هذه بغية اكتشاف المزيد عن هذا الدين).
ومضت الى القول (لقد اشتريت احمالاً من الكتب حول مختلف الديانات – ولكنني ظللت اعود الى الاسلام – لقد كان هناك شيء في هذا الدين ينم عن المعقولية. وكان يبدو لي انه يجيب على جميع الاسئلة التي كانت تدور بذهني. وكنت اقضى الساعات الطوال في مكتبة مسجد متنزه ريقنتس واطلع على كل شيء من حقوق المرأة وحتى الطعام. ولا شك ان الناس اذا رأتي اؤدي الصلاة سيقولون انها لم تكن مسلمة في السابق وإذا قالوا ذلك فانهم لا يكترثون. وخلال شهر رمضان كنت أواظب على الجلوس والاستماع الى تلاوة القرآن وكنت أشعر حينها بالدفء والسعادة الغامرة. وذات يوم قررت الدخول في الاسلام وترديد الشهادة. وتوجهت الى صالة الاستقبال وقلت انني اريد اعتناق الاسلام. لقد كان الأمر بكل تلك البساطة. وقد شعر اصدقائي واسرتي ببعض الصدمة، واعتقد ان مرد ذلك انهم كانوا يتوقعون حفلاً ضخماً للتعميد ولكنهم كانوا جميعاً مؤيدين جداً لقراري. واعتقد انهم كانوا مسرورين لسعادتي وباهتمامي بشيء بكل هذا الحب. وكانت نشأتي مسيحية وتلقيت تعليمي في مدرسة كاثوليكية – وكان الاسلام بالنسبة لي امتداداً طبيعياً للمسيحية. ذلك لأن القرآن زاخر بمعلومات عن عيسى ومريم والملائكة والتوراة فهو جزء من تحول طبيعي. والآن أرتدى الحجاب ولكنه لم يكن شيئاً استخدمه من أول وهلة. والحجاب مفهوم مهم جداً في الاسلام ولكن الأمر لا يتعلق بالملابس ولكن بالتواضع في كل شيء تفعله. ورأيت أنه قبل ان ارتدي الحجاب كنت اريد اولاً ان اشعر اني مرتاحة في دواخلي قبل ان اوجه اهتمامي الي الخارج. والآن اشعر بأني في حماية تامة عند ارتداء حجابي. ووجدت ان الناس يعاملونني بمستوى جديد من الاحترام ويحكمون على المرء بافعاله وبكلماته وليس وفقاً لمظهره وهذا هو نوع الاحترام الذي يريده كل اب لابنته. وقابلت بعض المشاكل في باديء الأمر، ذلك لأني عزلت نفسي نوعاً ما فور اعتناقي الاسلام واعترف الآن ان تلك كانت غلطة وليست من تعاليم الاسلام. وعندما كنت استقل الحافلة ذات يوم اتذكر ان سيدة ابدت غضبها الشديد عندما علمت انني اسلمت لدرجة انها كانت توجه الشتائم لي. ولاحظت ان عدداً قليلاً جداً من اصدقائي توقفوا عن مهاتفتي. واعتقد انهم ضاقوا ذرعاً بسماعي وانا اقول لهم لا لارتياد النوادي ولا للتوجه الى المراقص والملاهي الليلية. ولكن اصدقائي الافاضل تقبلوا واقعي الجديد. فكانوا بكل بساطة يجدون اشياء اخرى يفعلونها عندما أكون في معيتهم. وفي نهاية الأمر مازلت نفس الشخص فيما عدا حقيقة انني لا احتسي الخمر ولا آكل لحم الخنزير وأصلى صلواتي الخمس. أما فيما عدا ذلك فما زلت انا (دينس) ذاتها.
داؤد بيال (23) عاماً
كان داؤد في بداية أمره عنصرياً ممعناً في عنصريته وكان لا يعرف شيئاً عن الاسلام وهو الآن مسلم ويصف نفسه بأنه سلفي. والسلفيون هم فئة محافظة اجتماعياً لدرجة كبيرة وهم طائفة أصولية اسلامية يحاول اتباعها ان يعيشوا عيشة النبي صلى الله عليه وسلم ذاتها. وقال: (لقد كنت شديد الجهل بالاسلام في معظم حياتي ثم ذهبت خلال احدى عطلاتي الى المغرب وكانت تلك أول مرة التقى المسلمين عن كثب. وما ان توجهت عائداً الى بلادي بالطائرة بعد اسبوع حتى قررت ان ادخل في الدين الاسلامي)، واعتقد ان الاسلام ليس بالديانة الاجنبية ولكنه يحتوي على كثير من اوجه التشابه بما كنت اعتقده أصلاً. وعندما عدت الى قريتي لم أجد مسجداً ولم ألتق بمسلمين. ولكن أخيراً قابلت احد الصوفيين المسلمين الذي اصطحبني الى قبرص لاعتناق الاسلام. ثم توجهت الى لندن وانضممت الى (حزب التحرير) وهو مجموعة سياسية تنادي بقيام الدولة الاسلامية. ولكن بالرغم من ايماني بفوائد قوانين الشريعة إلاّ أني تركت هذه الجماعة. ومشلكتهم انهم غارقون في السياسة بدرجة تفوق اهتمامهم بالممارسات الدينية.
واعتقد اننا في حاجة الى دولة اسلامية ولكن الطريق الى تحقيقها ليس عبر النشاط السياسي أو القتال. ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
الراي العام
اعداد: جيروم تايلور- سارة مورسون (الاندبندنت) ترجمة: محمد رشوان