عبد اللطيف البوني

مراجعات


[ALIGN=CENTER]مراجعات[/ALIGN] في إحدى مقالات هذا الأسبوع أشرنا إلى الاحتفالات الكبيرة التي صاحبت إعلان نتيجة مرحلة الأساس في الخرطوم بينما نتيجة الولايات لم يلتفت إليها أحد وقلنا إنّ الشهادة الثانوية تمضي على ذات المنوال فهي الأخرى أضحت عاصمية بحتة لأنّ كل التفوق فيها من العاصمة. المهندس حسين النور كتب معلقاً على هذا المقال قائلاً (الخرطوم رأس السمكة. وآخر ما يموت في السمكة رأسها، فعندما يتحرك رأس السمكة فقط فاعلم أنها نهاية النهاية).. أصدقكم القول أنّ تعليق الأخ حسين أفزعني لما فيه من حقيقة فإنّ موت كل أجزاء السودان لا يعني حياة العاصمة بل هو بداية لموتها هي الأخرى فالخرطوم التي تستأثر الآن بكل شيء وبفضل السياسات العرجاء المتبعة وعلى حساب الأقاليم أنّها بذلك تحفر قبرها وقبر السودان فهذا الوطن مثل الشجرة إما أن تكون كل فروعها مخضرة أو تجف كلها ولا يمكن أن يخضر فرع ويحتضر فرع في ذات الشجرة كتبت في الآونة الأخيرة عدة مقالات عن مسألة مياه النيل التي طفت على سطح الأحداث بفضل الاتفاقية الإطارية التي وقعتها أربع من دول المنبع ورفضتها مصر والسودان، فكتبت لي الأستاذة بنت المنى الطاهر واصفة ما كتبت بالرمادي وأنني مسكت العصاية من نصفها، فالأستاذة ترى أنني مع دول المنبع وضدها ومع التنسيق بين مصر والسودان وضده وطالبتني بالوضوح. أقول للأستاذة بنت المنى إنّ أي أمر في الدنيا يمكن النظر إليه من عدة أوجه، ففي تقديري أن دول المنبع لديها مشكلة حقيقية ومن حقها أن تاخذ و توثق حقها من مياه النيل، وأن هذه الدول هي الآن (محرشة) وهناك عنصر خارجي في الإشكالية، وأن التنسيق بين دول البحيرات وإثيوبيا مخيف، وفيه بعد سياسي لأنّه لا علاقة بينها وأن هذا التنسيق يضع مصر والسودان في سرج واحد ولكن هناك اختلافات لا بل تنازع بين مصر والسودان فحتى اتفاقية 1959 التي ترفضها إثيوبيا هناك سودانيون كثر يرفضونها وأنّه رغم كل شيء يمكن لكل دول حوض النيل أن تتفق فالتهديد والوعيد المتبادل لن يفيد لا دول المنبع ولا دول المصب، وأنّ هذا النزاع إذا تطور سيكون صراع وجود وليس صراع حدود، وأنّه يمكن أن يدار بالحكمة ولمصلحة الجميع. كتبت مقالاً عن أسبوع المرور العربي في السودان، الذي كان شعاره (لسلامتك أجل مكالمتك) والإشارة هنا لاستعمال الموبايل اثناء القيادة فطرحت شعاراً موازياً يقول (لسلامتي أجل غرامتي)، قاصداً الإشارة للغرامات؛ أي التسويات الفورية التي تقوم بها شرطة المرور وآثارها السالبة على السائق، فكتب لي الأخ أبو العباس إبراهيم وهو يقسم بالله أنّ هذه الغرامات هي السبب في زيادة الحوادث في شارع مدني، لأن سائقي الحافلات عندما يقتربون من نقاط الارتكاز لعربات الشرطة يصبح كل همهم المرور بسلامة منهم وبدون غرامات فتجد السائق يصيح في الكمساري:( المنفستو.. الموية.. شيل البتاع من النص.. صلّح الطفاية.. ثبت العاكس.. فك حزام الأمان).. وهكذا يفقد التركيز في السواقة، ويدلل أبو العباس على قوله بأنّ الحوادث لا تقع إلا بعد كيلومترات من نقاط الشرطة، ويتحدى بالقول أنه يستطيع أن يثبت وبالأرقام أنّ الأيام التي يكون الشارع فيها خالياً من الشرطة تكون الحوادث أقل.

صحيفة التيار – حاطب ليل- 20/5/2010
aalbony@yahoo.com


تعليق واحد

  1. متعك الله بالصحة والعافية يا دكتور البوني..
    لم أجد فرصة للاتصال بك في برنامجكما الناجح “عدد خاص” لذلك لجأت إلى هذه الوسيلة..
    أشيد بالبرنامج الرائع جداً.. ولي عتب عليكم بتركيزكم على القضايا التي تدور حولكم في الخرطوم وأرجو أن تخرجوا إلى الولايات بين حين وآخر.. هنالك قضية تؤرق مضاجع المغتربين بدول الخليج والسعودية بصفة خاصة، وأخص بذلك الأكثرية من المغتربين الذين يسافرون بالباخرة عن طريق ميناء سواكن..
    أولاً هذا الميناء لا يشرف السودان بتاتاً في ظل الترويج الذي يجري لحث الأجانب للاستثمار في السودان، لتخلفه في جميع النواحي.. ثانياً في هذا الميناء يذرف المغتربون الدمع ويندبون حظهم الذي جعلهم يسافرون عبر هذا الميناء.. عزيزي دكتور البوني لا استطيع أن أوصف لك المعاناة التي نعانيها، لكن زيارة واحدة بكاميرا في جزء من الميناء ستكشف لكم الكثير المثير والمحزن.. في مستودع الأمتعة يتم ردم كل الأمتعة التي تحويها الباخرة ما عدا السيارات في حوش بل زريبة من سلك شائك كان من أبسط الأشياء أن يكون من بلاط من 10 كيس أسمنت، لكن لا..
    يا دكتور الشنط والتلفزيونات و و و الخ يردموها في التراب وبعد داك يفكوا العتالة يجوا جارين ويطلعوا فيها دفيس وعينك ما تشوف إلا الكرور وفي لحظة عشرات الآلاف من الريالات والدراهم تكون راحت شمار في مرقة، ويكون العتالي ما عارف المغترب المسكين دا دفع دم قلبه، ويمكن يكون دا حصاد غربته..
    ممكن نشوفكم في الميناء دا يا دكتور؟ وخاصة أن الأيام الجاية موسم الإجازات.