عبد اللطيف البوني

الدوحة نفر!


[ALIGN=CENTER]الدوحة نفر! [/ALIGN] وأخيراً تزحزح جبل مرة عن مكانه إذ أبدى السيد عبد الواحد محمد نور رغبته في التفاوض بعد أن كان متمسكاً بشروط تعجيزية لو تم تنفيذها لما كانت هناك حاجة لأي تفاوض. ولا شك أنّ هناك ضغوطاً وإغراءاتٍ تمّت ممارستها، ثم فالشيخ آل محمود وزير الدولة بالخارجية القطرية، قد ذهب إلى باريس والتقى بالسيد عبد الواحد واستخرج منه هذه اللغة الجديدة التي سوف تنفخ الروح في محادثات الدوحة. فمنذ مغادرة الدكتور خليل للدوحة أصبحت تمشي (اتنين وترجع تلاتة)؛ فالدكتور التيجاني السيسي سياسي وزعيم على المستويين المحلي والقومي إلاً أنّ الحركة التي يتفاوض باسمها (التحرير والعدالة) كانت ومازالت عبارة عن توليفة تم تكوينها على عجل (قطِع أخضر) يصعب عليها النهوض بمستلزمات أية اتفاقية يتم التوصل إليها. لا أدري إن كان وفد النازحين واللاجئين القادم من المعسكرات، والذي وصل إلى الدوحة هو الذي زحزح عبد الواحد عن مكانه، فالورقة الأساسية التي يملكها عبد الواحد هي هذه المعسكرات حيث أنّ له مكانة مميزة فيها (الله واحد يا عبد الواحد)، أو ربما رأى فراغاً شكّله غياب خليل فأراد التمدد فيه، أو قد يكون صعود نجم السيسي وقدوم الدكتور دريج للدوحة هدد مكانته، أو قد تكون فرنسا تحركت وضغطت عليه، فالمعروف أنّ أمريكا قد (رمت طوبته)، فالسيد غرايشن قال لزعماء الفور ذات مرة (أنسوا إنو عندكم ولد اسمه عبد الواحد). على العموم مهما كانت الدوافع فالنتيجة أنّ عبد الواحد في طريقه إلى الدوحة مالم (يعترس) له شيء جديد، ولا شك أنّ في ذهابه محمدة، فالدوحة هي باريس العالم العربي. رغم أنّ مفاوضات الدوحة تجاوز عمرها العام ومازالت طفلاً يحبو (تذكروا أن نيفاشا قد استمرت ثلاث سنوات)، ورغم أنها (الدوحة) تعرضت لكثير من النيران الصديقة من (الحبّان والجيران)، منهم من تدفعه الغيرة، ومنهم من يدفعه الحسد، ومنهم من لايعجبه العجب ولا الصيام حتى في رمضان إلاّ أنها تظل السانحة المتاحة لحل مسألة دارفور، فالفرقاء السودانيون مجمعون عليها، والأهم أنّ الشيخ حمد بعروضه السخيّة، وكرمه الفياض قرر بذر بذرة التنمية في دارفور بإنشائه بنكاً برأسمال يصل إلى اثنين مليار دولار؛ والشيخ إذا قال فعل. والمعلوم أنّ انعدام التنمية هو السبب الرئيسي لمشكلة دارفور. قلنا إنّ الفرقاء السودانيين مجمعون على الدوحة، وبالطبع لم ننس الدكتور خليل الذي انسحب من الدوحة ووصفها بعديمة الفائدة، فخليل ليس لديه اعتراض على الدوحة كمكان لكنّ اعتراضه على من يتفاوضون في الدوحة، فهو يرى أنّ الحركات التي تفاوض الحكومة هي مجرد لافتات أو أشخاص يملكون (لاب توبات) ويرتدون البدل ويتكسبون باسم دارفور، فخليل يرى في حركته أنها الوحيدة المؤهلة للتحدث باسم دارفور لأنها صاحبة الوجود العسكري على الأرض. لا شك أنّ خليل بحصره التفاوض على حركته قد اتخذ موقفاً غير مُوفّق مثل شروط عبد الواحد التعجيزية، لكنّ غياب خليل عن الدوحة سيظل عقبة كبيرة في طريق الحل. إنّ ذهاب عبد الواحد للدوحة سيعيد لها البريق ولكنّ غياب خليل سيظل ثقباً أسود فيها، فعلى الشيخ آل محمود، وعلى حكومة السودان، وحكومة لبيبا، ثم الأهم على خليل نفسه، على كل هؤلاء إذا أرادوا أنّ تكون الدوحة هي المحطة الأخيرة لقطار التفاوض الدارفوري أن يحجزوا لخليل مقعداً فيه، فدارفور قد أخذت كفايتها من الآلام والدماء والدموع.

صحيفة التيار – حاطب ليل- 12/7/2010
aalbony@yahoo.com


تعليق واحد