تحقيقات وتقارير

جرائم أبناء الأثرياء.. كثرة المال تفسد الأخلاق


[JUSTIFY]شهدت قاعات المحاكم في الأيام القليلة الماضية محاكمات لجرائم قتل وقعت بين طلاب الجامعات وأغلب الجناة كانوا من أبناء الأسر الميسورة وأبناء مغتربين، هذه الجرائم كانت صدمة ليست لأسرهم فحسب وإنما لكل المجتمع السوداني فقد ارتبطت بعالم المخدرات والجنس نسبة لغياب أسرهم التي تغدق عليهم المال وتتركهم دون رقيب وهم في عمر أحوج ما يكونوا فيه لحماية الوالدين معتقدون أنهم بذلك يكونوا قد عوضوهم عن غيابهم، أو أنهم تعودوا على امتلاك المال الكثير كنوع من الترف منذ الصغر فوقعوا فريسة سهلة لشبكات المخدرات وأصحاب السوء.

خوف من الضياع
يقول محمد أحمد: كنت مقيماً بالخارج قرابة 20 عامًا برفقة زوجتي و أولادي الذين تلقوا تعليمهم الأولي هناك، وكنا بين الحين والآخر نقوم بزيارات لا تتعدى شهرًا إلى السودان بغية الاطمئنان على الأهل وتعريف الأبناء بوطنهم في شكل جرعات تمهيدًا للانتقال النهائي ولكن الظروف حالت دون طموحاتنا في الاستقرار بالوطن مما دعانا إلى ابتعاث الابن الأكبر الذي أنهى تعليمه بالمرحلة الثانوية ليبدأ مشواره بإحدى الجامعات بالسودان وهنا واجهتني بعض المشكلات في ترك ابني مع أحد أقربائه أثناء فترة الدراسة لأعود إليه في الإجازات مما جعلني أسأل عنه كل يوم وعن كيفية اهتمامه بدراسته ظنًا مني أن الهاتف يمكن أن يمدني بكل التفاصيل وكأني موجود ولكن هناك تفاصيل مهمة كانت تسقط بين الأحاديث رغم طول المكالمة، وكانت المفاجأة عند حضوري إلى البلاد لأرى ما لم يستطِع الهاتف أن ينقله وهو أن ابني كان يتردد مع مجموعة من الشباب ويطيل السهر برفقتهم واعتاد على تعاطي السجائر بالرغم من أن مستواه لم يكن ضعيفاً إلا أنه لم يكن دون الطموح، واضطررت حينها إلى الاستغناء عن سني المهجر بالرغم من أن عملي تحصلت عليه بصعوبة في بلاد الغربة حتى لا يضيع ابني، وأيقنت أن الأبناء مهما بلغ بهم العمر في حاجة إلى ولي أمر ليتابع من كثب تحركاتهم.
دلال وفشل!
وهنالك حادثة الطالبات اللاتي يدرسن في إحدى الجامعات الخاصة وهن من الأسر ميسورة الحال و اللائي قمن بتوقيف إحدى السيارات وذهبن مع صاحب السيارة لمنزله وقمن بتخديره وسرقة المنزل ولذن بالفرار كنوع من المغامرة وليس الحاجة.
تجربة ناجحة
أما عبد المنعم محمد فكان رأيه مخالفاً لمحمد حيث قال: أقمت بالمملكة قرابة أربعين عاماً ولي من الأبناء أربعة وبنتان وبحمد الله أكملوا تعليمهم في الجامعات السودانية ومنهم من وجد عمل في السودان والبعض الآخر رجع معي للمملكة للبحث عن عمل كانت تجربتي في تعليم أبنائي في السودان ناجحة نسبة لإقامة أبنائي مع أخي في منزله وكان رقيباً عليهم وكان يعامل أبنائي كأنهم أبناؤه فله مني جزيل الشكر، ولم أكن أغدق عليهم بالمصاريف وإنما أرسل لهم مالاً قدر حاجتهم فقط لقناعتي بأن المال الكثير في يدهم يفسدهم وهذه حكمة تعلمتها من والدتي، ويضيف عبد المنعم: رأيي في الجرائم التي قام بها بعض أبناء المغتربين أنها حالات شاذة لا تمثل كل أبناء المغتربين وترجع أسبابها؛ لأن آباءهم يغدقون عليهم بالمال اعتقاداً منهم أنهم بذلك يعوضونهم عن بعدهم وأنهم يوفرون لهم كل ما يحتاجون إليه وهنالك أصحاب السوء وشبكات المخدرات التي تتربص بأمثالهم، وغير ذلك، فالأبناء محتاجون للرعاية أكثر من أي شيء فهم ما زالوا في سن صغيرة ووصيتي لكل المغتربين أن يتركوا أبناءهم مع أقاربهم لأنهم الخيار الأفضل أو أن تعود والدتهم معهم حتى يكملوا تعليمهم فأبناؤنا هم أغلى ما نملك.
جرائم نوعية
يوضح معاوية خضر ـ المحامي: أولاً هي جرائم نوعية رغم أنها جريمة عادية غالباً ما تكون جريمة جنائية تتعلق بالأموال أو التعدي على النفس أو الحوادث المرورية ويكون الدافع فيها الاستهتار غالباً والتوهم بالمكانة الاجتماعية أو الأسرية أو المادية الشيء الذي يؤثر في سلوك الإنسان خاصة في مرحلة المراهقة وطالما أنها جرائم نوعية ليست بالظاهرة ولكنها وصلت مرحلة لفت الانتباه وأسبابها تربوية في المقام الأول وعادة ما يتأثر مرتكب هذه الجرائم أو السلوك الشاذ أو التعامل الغريب بما حوله من تداعيات اجتماعية.
كثرة المال تفسد الأخلاق
ويضيف معاوية: أن كثرة المال في أيدي صغار السن أو طلاب الجامعات يفتح أذهانهم ويلفت انتباههم إلى طرق غير معتادة مثل تعاطي المخدرات وقضاء الأوقات في شلليات وعدم الارتباط بالمنزل كثيراً وأيضاً الكثير من هذه الممارسات يكون من ورائها كثرة الأصدقاء والأصحاب مما يجعل التباين في وجهات النظر ومستوى الأخلاق، ثم إن أبناء الأثرياء غالباً يكون الوالدين مشغولين عنهم بالضغوط في إدارة أعمالهم ومتابعة أموالهم مما يترك فجوة بين الأسرة والأبناء حيث تقل الإرشادات والتوجيهات والنصائح والتخوف والترغيب في التربية والمراقبة، ثم إن الوازع الديني يكون ضعيفاً بحيث إن الأسرة هي الطريق الأول لغرس المبادئ الدينية في نفوس الأبناء.[/JUSTIFY]

الانتباهة -استطلاع: هالة نصر الله