عبد اللطيف البوني

الليلة جيت شايل الفرح


[ALIGN=CENTER]الليلة جيت شايل الفرح [/ALIGN] يبدو أن كلام أحد أعمامنا الذي قال (السودان دا ربنا بريدو) صحيح وإلاّ قلْ بربِّك في قمة الاحتقان السياسي وشيل الحال.. من تقرير مصير إلى جنائية.. ومن دارفور إلى مشاكسات الشريكين فجأة يطل علينا ما يفرحنا ويدخل البهجة في نفوسنا، ليس على المستوى الخاص بل على المستوى العام؛ (بيني وبينكم ) المسافات تلاشت بين العام والخاص، وكما قال شاعرنا الكبير المُجيد محمد المكي إبراهيم: تركنا الغناء للوطن واتجهنا للحبيبة فوجدنا الحبيبة الوطن ووجدنا الوطن الحبيبة؛ فالوطن عبارة عن شجرة واحدة إما أن تخضر وتزهر كلها أو تذبل كلها، فلن تتباين أغصانها إلاّ في الطول والقصر. عودة إلى موضوعنا وإن لم نخرج عنه، فوسط هذه العتمة والحصار النفسي من جهة السياسة تهطل الأمطار وتعم ربوع السودان (الخبر الأكيد قالوا البطانة اترشت).. كل مناطق الزراعة الآلية في القضارف وماحولها، والدالي والمزوم تقول الأخبار الواردة منها إنها استقبلت كميات من الأمطار تفوق المُعدل، وغرب السودان كذلك حتى المناطق المهددة بالزحف الصحرواي يُقال إنها (اترشت). ولكن تبقى الحسرة على دارفور فالمطر جاء ولم يجد المزارعين لأنهم في المعسكرات، وليتها معسكرات آمنة! فالدواس انتقل إليها فنزح النازحون منها فأصبح نزوحًا مُركبًا. عودة إلى موضوعنا وإن لم نخرج عنه، فبالأمس القريب أصاب فريق الهلال بوابل من الأفراح حيث عزّز انتصاره في أم درمان الذي كان 5/صفر بثلاثة / صفر على كابس يونايتد الزيمبابوي، فخرج شعب الهلال في القرى والحضر فرحًا وهاتفًا باسم الهلال. عندما رأيت أطفال قريتنا يغنون باسم الهلال طربت من أعماقي وقلت الحمد لله أن جعل في السودان ما يفرح له أطفال السودان، واقتربت منهم وعلمت أن بينهم مريخاب فخفت عليهم من أن يكبروا ويجدوا إعلام التعصب فيكرهوا انتصارات الهلال الدولية كما هو الحال مع الهوس الكروي الموجود في بلادنا اليوم. عودة الهلال وهو منتصر ومتأهل لدوري المجموعات ذكرتني بأغنية حمد الريح (الليلة جيت شايل الفرح قصدك تعوضني اللفات )، وذكرتني بأغنية وردي السياسية (ياحارسنا وفارسنا ويابيتنا ومدارسنا كنا زمن نفتش ليك جيتنا الليلة كايسنا). قد يقول قائل إن فرحتنا بانتصار الهلال تجعلنا نظهر وكأننا (مودرين لينا فرح)، وهي فعلاً كذلك ولكن الكرة في عالم اليوم أضحت سفارة وتجارة وهوية، ولبنة في صرح البناء الوطني، وممسك من ممسكات الوحدة لذلك تبذل الدول الغالي والنفيس فيها إلاّ السودان، فالدولة فيه يمكن أن تصرف على أي شي إلاّ الكرة. ولكن، بارك الله في الشعب السوداني الفضل فهو يصرف عليها من دم قلبه، فالرياضي يشجع، ويدخل الإستاد، ويتابع التمارين، ويقرأ الصحيفة، ويستقبل الفريق المنتصر، ويبكي ساعة الهزيمة. الهلال اليوم بعد أن تركه صلاح إدريس مُعرّض إلى إفلاس تام، فهو غارق في الديون، ومدربه الذي استبشر به الجميع حقيبته جاهزة، وكذا المحترفين الأجانب والمحليين.. بالمناسبة، الهلال انتصر في هراري بدون أي لاعب أجنبي . المريخ هو الآخر مهدد بالإفلاس بعد استقالة جمال الوالي اليوم، فذهاب الرأسماليين العديلين الرياضيين صلاح وجمال يعني أن مرحلة الرجل الذي ينفق على النادي خمسمائة مليون في الشهر قد ولّت، وعليه لابد اليوم قبل الغد من أن يجلس أهل الكرة ويفكروا في كيفية تسيير هاذين الناديين ومدى إمكانية العودة إلى فترة ماقبل جمال وصلاح وكمال (الأخير هذا كمال شداد).

صحيفة التيار – حاطب ليل- 3/8/2010
aalbony@yahoo.com