مقالات متنوعة

ما العلاقة بين مصلحة العمل و الإرهاب


[ALIGN=CENTER]ما العلاقة بين ( مصلحة العمل ) و ( الإرهاب ) ؟ ![/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]إن الإجابة على هذا التساؤل هو الاكتشاف الذي أود نسبته لنفسي ، وأرجو ألا يكون هناك من قد سبقنى إليه مع تفاؤلي بأن البيروقراطية الشديدة في تسجيل براءات الاختراع لدينا ستخيب ظني في هذه المرة ، فمن خلال خبرتي العملية البسيطة ومن خلال سني حياتي التي ولجت حديثا مرحلة الرشد ، وجدت أن ثمة علاقة عجيبة ووثيقة بين هذين المصطلحين البراقين (مصلحة العمل) و (الإرهاب) فهما وإن اختلفت ألفاظهما وحروفهما ، أو اختلفت بيئة وطريقة استخدامهما ، إلا أن هدفهما النهائي المشترك فيما بينهما هو (الرغبة في تطويع الآخرين لإرادتنا أو الانتقام منهم أو سلب حقوقهم) ، ودعونا نبدأ بمصطلح ( مصلحة العمل ) فهو خاص بتعامل المديرين مع المُدارين أو الرؤساء مع المرؤوسين ، فنجد باسم مصلحة العمل يُفصل النظيف ويُعفى الشريف ويُؤذى العفيف وتُمارس ضدهم كل سياسات الترهيب والتخويف ، ليس هذا وحسب بل إن على الجميع أن يصفقوا بحرارة لهذه القرارات الجريئة التي تعبر عن العبقرية الفذة التي يتمتع بها ذلك المدير الجهبذ أو الرئيس الفطحل ، وأما مصطلح ( الإرهاب ) فهذا مصطلح حديث اخترعه أقوياء العالم ليكون أداتهم الفاعلة في تمرير وتنفيذ وتطويع وتركيع كل ما يصعبُ عليهم ، حتى ولو تعارض ذلك مع المنطق أو اصطدم بالفطرة ، وحتى لو حطم الأخلاق وانتهك الحقوق ، فكل ذلك لا يعنيهم ، فلتخرب مالطا ، ولتنحرق روما ، المهم أنها رغبة القوي وعلى الضعيف أن يفنى لتحقيقها !!.
إن أكثر ما يشيب له شعر الرأس والذقن والشنب قلقا وخوفا من هذه المصطلحات الهُلامية أوهذه الأدوات أو هذه الأساليب القمعية (سمها ما شئت) لا يتمثل في تأثيرها الراهن والوقتي وما يتمخض عنه من بعض الويلات والنكبات والمحن الفردية أو الجماعية ، ولكن في بُعدها الاستراتيجي والمستقبلي طويل الأمد والمتمثل في خلطها للأمور ، وتغييرها لمعالم الحقيقة ، وإزهاقها لكل المبادئ والقيم النبيلة التي يتفق عليها شعوب الأرض قاطبة على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، فقد جعلت هذه المسميات المطاطة كل الثوابت متحركة ، وكل الحقائق متغيرة ، ولم يعد هناك أي قواسم مشتركة تجمع بيننا في هذا العالم ، فكلمات الحق والعدل والمساواة والحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان أصبحت لا تعطي نفس المعاني التي عرفتها البشرية منذ بدء الخليقة ، لقد أصبح كل شيء قابل للتفاوض ، وقابل للمساومة ، وقابل للرهان ، يمكن القوْل باختصار شديد أننا نحن المستضعفين أو فئران التجارب في كل مكان أصبحنا مجرد سلع رخيصة في سوق الأقوياء ، ففي كل يوم لنا تسعيرة جديدة ، وفي كل يوم لنا عبوة مختلفة ، وفي كل يوم لنا منفذ توزيع جديد ، ولا ندري أين سيستقر بنا المقام ، هل في واجهات المحلات الفاخرة ؟ أو في الرفوف الداخلية للمتاجر الوضيعة ، أو أننا سنصبح سلعا رديئة يتم تخزينها ردحا من الزمن ثم تباع استوكا لمحلات (كل شيء بريال) ، فما يحدث الآن إنما هو نذير فوضى وبشير شؤم … فياربِّ سلِّم سلِّم.[/ALIGN]

أحمد بن محمد اليماني
كاتب سعودي
alyamani905@yahoo.Com