تحقيقات وتقارير

بريطانيا وفرنسا..تحولات أم تقسيم أدوار؟


[ALIGN=JUSTIFY]بدأ الأمر مذهلاً حتى للصحف الكبرى البريطانية, حين نقلت أن ناشطين فى مجال حقوق الإنسان تبلغوا من مسؤولين فرنسيين وبريطانيين ان حكوماتهم ستدعم إتجاه تجميد مذكرة مدعي محكمة الجنايات الدولية لويس مورينو أوكامبو المطالبة بتوقيف الرئيس عمر البشير, بينما كانت الحكومة حتى الأسبوع الماضي تتهم لندن بالسعي لعرقلة عملية السلام فى البلاد, وقالت صحيفة الأوبزرفر والغارديان إن بريطانيا تلعب دوراً رئيسياً فى المساعي الهادفة لعرقلة تقديم الرئيس البشير الى المحكمة الجنائية الدولية, وأنها تعترف فى اللقاءات الخاصة أن خطوط الإتصالات مع الخرطوم على وشك الإنهيار التام, لكن فى نفس الوقت تواجه لندن إتهامات من ناشطي حقوق الإنسان بالتواطؤ ضد العدالة الدولية بدعمها التحركات العربية والإفريقية المناهضة لمحاكمة الرئيس البشير.
ويقول الصحفي فيصل محمد صالح لـ(الأحداث) أمس إن ورود الخبر فى صحيفتين رئيسيتين يكسبه المصداقية نوعاً ما, لكنه يلفت الى ان تسريبه بتلك الطريقة يجعله ليس بعيداً عن انه بالون إختبار تطلقه الحكومتان البريطانية والفرنسية لمعرفة رد فعل الشارع لديهما فى حال أقدمتا على تلك الخطوة, بينما يرى محلل سياسي فضل حجب هويته أن الأمر لا يعدو مناورة سياسية من الدولتين, وفى إطار توزيع الأدوار بين البلدان المؤثرة فى صناعة القرار العالمي, ويضيف فيصل محمد صالح إنه حتى فى حال دعم باريس ولندن جهود إرجاء توقيف الرئيس البشير فإنهما لن تذهبا أكثر من ذلك ولن تمضيا الى رفض الإتهامات أو نفيها, بل تكتفيان بالتأجيل بحسبان ان التحرك فى الأمر فى الوقت الراهن من شأنه إعاقة السلام والإستقرار فى السودان.
وتقول مصادر دبلوماسية بوزارة الخارجية إن الموقف البريطاني والفرنسي لدى الحكومة كا هو ولم يطرأ عليه أي تغيير, معتبراً أن الخرطوم لا تتعامل إلا مع المواقف الرسمية فقط, ويرجح عميد كلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية د.صلاح الدومة أحد أمرين أولهما ان تكون الحكومة أستجابت بشكل مفاجئ لما ظلت ترفضه من مدة طويلة, بما يعنى التوصل الى صفقة أو تسوية سرية مع الدولتين, أما الخيار الثانى من وجهة نظر الدكتور صلاح الدومة, فهو ان التسريبات البريطانية الفرنسية في إطار تقسيم الأدوار وصدرت من مسؤولين صغار في الإدارتين الرسميتين, بغرض جس الحكومة فى الخرطوم, على ان يتنبنى المسؤولون الكبار الموقف فى حال تجاوبت الخرطوم معه, مضيفاً فى حديثه الهاتفي لـ(الأحداث) أمس أن المبرر الأخلاقي أمام الرأي العام في البلدين سيكون متوفراً بزعم تغليب الإستقرار والسلام على العدالة, ويشير الصحفي فيصل محمد صالح الى أن بريطانيا وفرنسا لا يمكنهما التلويح بهذا الموقف المساند للتأجيل في حال صحته ما لم تتلمسا وجود مناصرين له في صفوف الإدارة الأمريكية التي يرى فيصل أنها تحتمل فرضية وجود اكثر من رأي داخلها, ويردف فيصل محمد صالح أن باريس ولندن بالتأكيد تنتظران أيضاً ثمن الموقف الجديد من الخرطوم إذا أستقرتا عليه كخيار في الوقت الراهن.
ويؤكد المحلل السياسي الذي فضل حجب هويته إن نسبة التصريح البريطاني الفرنسي الى مسؤولين دون تحديدهم ونقله عن ناشطين فى مجال حقوق الإنسان دون تسميتهم يجعل من الأمر برمته حديثاً مطاطاً, خصوصاً وأن الدولتين معروف عنهما الموقف الثابت و المساند للمضي في سبيل المحكمة الدولية, مشيراً الى أن الحكمة تقتضي التعامل مع أسوأ الخيارات والنظر بجدية وموضوعية الى حقيقة أن إحتمال إرجاء طلب المدعي العام توقيف الرئيس البشير هو إحتمال ضعيف للغاية.
درة قمبو :الاحداث[/ALIGN]