قير تور

لماذا نتقهقر؟.


[ALIGN=CENTER]لماذا نتقهقر؟. [/ALIGN]

لم ولن أنسى بسهولة السنة الأولى لي بالمدرسة الإبتدائية التي كانت مليئة بأشياء صارت تاريخاً أحكيه فقط اليوم ،ففي السنة الأولى بعد ما تم تدوين اسمي في سجلات تلاميذ الصف الأول الابتدائي ومع بداية العام الدراسي وجدت نفسي أمتلك ثلاث لبسات جديدة عبارة عن زي مدرسي مرفق معه شنطة (الشنطة وقتها أفادتني كثيراً في حمل الحلويات وغيرها من الأشياء الخفيفة التي نشتريها من بقية المصروف اليومي) لم تكن تمتلئ بكتب كثيرة وثقيلة كما نرى اليوم.وكان الزي المدرسي مكون من عدد لبستين من الدمورية (طبعاً بعض الناس دايرين يشرحوا ليهم الدمورية دي شنو مش كدا؟) واللبسة الأخرى كانت قماش مستورد وموضوعه لا يهمني في حلقة اليوم….!!.وحقيقة يا أعزائي القراء كل ما أردت التطرق إليه هو أنني فخور بأول يوم لبست فيه الدمورية كزي معترف به من الدولة عندما كانت أقمشته تنتج وتباع في السوق وتنافس بقية الأقمشة المستوردة ،على الأقل رغم رداءة القماش قياساً ببقية الأقمشة المستوردة مثل الإسموكينغ والبوبلين والجينز…إلخ إلا أننا كنا نملك الصوت بأن لنا نسيج موجود في السوق في الوقت الذي لم نكن فيه رفعنا الصوت (شعارنا العالي بنرفع والعالم كلو بيسمع… فالنأكل مما نزرع ولنلبس مما نصنع..)…. وبمعنى آخر فرغم أننا الآن نعتبر دولة بترولية وكذلك صناعية من ناحية تصنيع بعض الأدوية والمشروبات الغذائية والسيارات وبعض المواد الكيميائية… إلا أننا فقدنا بعض الصناعات التي كانت موجودة قبل ربع قرن وبدلاً من أن تتطور فقد اختفت من الساحة والطامة الكبرى أن اختفاءها جاء بعد رفع شعار الاكتفاء الذاتي والدليل على ما نقول فبعد قراءتك مقالي هذا أفتح أياً من القنوات السودانية وأبقى أمام أي منها لمدة ثمان ساعات وإذا لمحت أحدهم أو إحداهن يتلفح قماشاً سودانياً خالصاً فلك جائزة (أنا ما عارف المليونير البريطاني مو إبراهيم ليه ما خصص جائزة مليونية لي وزير سوداني يلبس ملابس مصنوعة في السودان؟) لايقل عن عشرة آلاف دولار…حسب اعتقادي فالسبب في فشلنا في تطوير ما لدينا هو افتقار الكثير منا لروح الفريق المتكامل ، وأغلب تعاملاتنا تسيطر عليها روح الفردية فالإشادة دائماً تكون للأفراد وليست للفريق.فمثلاً الوزير العلاني هو الذي يستحق المنصب فيفعل ما يريد دون أن يتقيد بمنهج مرسوم في تلك الوزارة…. والمدير الفلاني يظل فوق الكل ما دام في المنصب.أو فأفضل مثال هو مستشفياتنا التي نلعن فيها الأطباء والعاملين في الحقل الصحي دون أن ننتبه إلى تحميلنا إياهم أوزار غيرهم الذين لا نستطيع الوصول إليهم…. فنفس الطبيب السوداني الذي تجده يلعنه أحدهم بجهل هو نفس الطبيب الذي يدير كبرى المستشفيات في أي دولة أخرى بامتياز.سنبقى نتبادل اللوم في أسباب التقهقر لكننا يجب أن نسأل بعضنا ما هو دور كل منا تجاه الآخر (الحكومة ـ المواطن ـ موظفو الدولة)؟.

لويل كودو – السوداني
6/ 9/ 2010م
grtrong@hotmail.com