تحقيقات وتقارير

طائرة الياك «42» .. خطر يحلق في الأجواء السودانية


[JUSTIFY]في خواتيم العام الماضي سقطت طائرة روسية من طراز ياك 42 بمطار مدينة ياروسلافل الروسية اودت بحياة 42 من الركاب الذين كانوا يمثلون بعثة فريق «لوكوموتيف» من ياروسلافل للهوكي على الجليد الذي كان بصدد السفر إلى العاصمة البيلاروسية مينسك لخوض أول مباراة رسمية للفريق ضمن البطولة القارية لموسم 2011ــ 2012م لفرق روسيا وغيرها من دول شرق أوروبا.
مراجعة:
وبعيد الحادث الاليم اعلن وزير النقل الروسي إيغور ليفيتين عقب الاجتماع مع الرئيس ميدفيديف عن إجراءات فحص واختبار لعدد 16 شركة روسية تستخدم 57 طائرة من طراز «ياك » 42.
وأضاف أنه ستنفذ أعمال تفقد ومراجعة في مراكز تدريب الطيارين على قيادة هذا النوع من الطائرات، خاصة وقد طرحت إلى جانب رواية حدوث عطل فني في أحد محركات الطائرة المنكوبة أو أجهزتها، فرضية أخرى حول احتمال وقوع خطأ في قيادتها أثناء الإقلاع من مطار صغير رغم مهارات طاقم الطائرة التي أثبتتها الاختبارات وخبراته السابقة المكتسبة طوال سنوات من العمل في قطاع الطيران المدني الروسي، وأشار الرئيس الروسي إلى ضرورة شراء المزيد من تقنيات الطيران المدني من الخارج مع تنمية صناعة بناء الطائرات الوطنية، مضيفاً أن المطلوب أيضاً بحث موضوع تقليص عدد شركات الطيران العاملة في هذا المجال في البلاد حتى تبقى منها تلك التي تقدر على تقديم خدمات مريحة ومضمونة في الوقت ذاته من حيث سلامة المسافرين.
وأظهرت النتائج الأولية للتحقيق أن سبب الحادث يعود إلى اصطدام الطائرة أثناء إقلاعها من مطار ياروسلافل بهوائي منارة تقع على أطرافه، مما أدى إلى سقوطها على الأرض وتحطمها. غير أن السبب المباشر، في نظر خبراء، يكمن في حدوث عطل فني في أحد محركات الطائرة مما حال دون صعودها وفق الخط العمودي المطلوب.
الواقع السوداني:
اكثر من اثنتي عشرة شركة طيران وطنية وخاصة تعمل في السودان، وتمك ما يربو على الثلاثين طائرة معظمها روسية الصنع، وذلك بداعي الحظر المفروض على البلاد منذ عقد التسعينيات، وأبرز هذه الشركات هي سودانير، صن إير، مارسلاند، تاركو، دوف، مد إير، نوقا، بدر، ألفا، المجال وأتيكو، وأسهمت هذه الشركات في سد الفراغ الذي نتج بسبب تدهور الناقل الوطني جراء الحظر والخصخصة والفشل الاداري، ولعبت الشركات الوطنية أدواراً مقدرة خاصة على صعيد الخطوط الداخلية، وبعضها تمكن من التطور حتى وصل الى المطارات الاقليمية، وأبرزها صن اير ومارسلاند نوقا وغيرها، بل أن هناك شركات منها تمكنت من كسر الحظر الاقتصادي ونجحت في استجلاب طائرات امريكية وغربية، مثل سودانير وصن إير. ورغم هذه الجهود تظل الطائرات الروسية هي الخيار المتاح أمام شركات الطيران المحلية، رغم التحفظات الكثيرة على الصناعة الروسية.
الخطر:
قد يتساءل القارئ عن السبب الذي جعلنا نبتدر هذا التحقيق بخبر من روسيا قد يبدو ظاهرياً انه ليس مهما، ولكن في تقديرنا يعتبر حجر الزاوية لتحقيقنا هذا، بداعي أن هناك طائرات مشابهة لتلك التي سقطت في الأجواء الروسية، وهي الطائرة ياك 42 (yak42) التي توجد أربع منها في السودان تمتلكها شركتان «نمسك عن ذكر اسميهما»، وذلك حتى لا نتهم باستهدافهما، ولأن الطيران المدني هو الجهة المسؤولة عن التصديق لمثل هذه الطائرات وتعلم بوجودها واذا كان هناك خطر قد تشكله، وايضا هي المسؤولة عن إيقافها وعملها، والطائرة ياك 42 بحسب خبراء طيران وكباتن غير مستوفية لكامل شروط السلامة الصادرة عن المنظمة العالمية للطيران، ويؤكدون كذلك أن الطائرة ليس بها نظام الكمامات الخاصة بالأكسجين التي تنزل بصورة تلقائية عند انخفاض الضغط داخل الطائرة أو عند حدوث أي طارئ آخر، فالطائرة غير مصممة بهذه التجهيزات الحتمية التي لا بد من وجودها بنص القانون، وهو أحد مطلوبات السلامة الجوية لتشغيل طائرات الركاب، ويؤكدون أن جهاز التكييف بها لا يعمل الا عند وصولها لارتفاع 16 الف قدم، وان سرعتها تعد بطيئة مقارنة مع الطائرات الامريكية، حيث تقطع المشوار الى نيالا في ساعتين على عكس الطائرات الغربية والامريكية التي تقطع ذات المسافة في ساعة، مشيرين إلى أن نظام الأوكسجين الذي تم استحداثه مخالف للقوانين وغير مضمون العواقب وليس آلياً، حيث تقوم بتوزيعه المضيفات الاربع في حالة حدوث طارئ، ويؤكدون أن مرشد الطائرة يتضمن فقرة من المصنع تقول إن الطائرة لا تطير فوق درجة حرارة «40» درجة، وانها في السودان تطير تحت اجواء مرتفعة الحرارة تصل احيانا الى «45» درجة، ولكن على الضفة الاخرى من النهر يؤكد خبراء طيران استيفاء الياك «42» لكل شروط وقوانين السلامة، ويشددون على جاهزية هذا النوع من الطائرات الموجودة في السودان لمختلف ظروف الطيران، ويؤكدون أنها ظلت تعمل في السودان منذ عام 2004م دون أن تتسبب في حادث طيران.
جاهزية:
وحول هذا الأمر يشير مدير إدارة صلاحية الطائرات بالطيران المدني وهيب الهادي في حديث لـ «الصحافة» إلى ان الياك «42» تعد من أحدث انواع الطائرات الروسية التي تمت صناعتها في عقد التسعينيات، ونفى ان تكون الطائرة تفتقد لنظام الاوكسجين، وقال ان هذا الحديث لا اساس له من الصحة ولا يمت الى الواقع بصلة، وقال ان الياك مستوفية لشروط الايكو، وانه لولا ذلك لما سمح لها بالطيران، مضيفاً: أن الطائرة تعمل تحت كل درجات الحرارة وليس لها سقف محدد، وتم تجريبها منذ عام 2004 في سودانير، وطوال هذه الفترة لم تظهر عليها مشكلات، وبخصوص الأوكسجين فقد تم تركيب هذا النظام في ثلاث من الطائرات الموجودة بالسودان، ونحن في الطيران المدني نطبق كل قوانين الايكو على الطائرات قبل إجازتها، ولا نكتفي بذلك بل وضعنا قوانين إضافية لضمان صلاحية وسلامة الطائرات. ويكشف عن أن هناك طائرات غربية ليس بها جهاز اوكسجين وتعمل في أوربا بصورة جيدة، ويؤكد أن طائرة الياك «42» حتى اذا تعرضت لطارئ وهي على ارتفاع «25» الف قدم يمكنها الهبوط إلى المستوى الطبيعي الذي يوجد به الاوكسجين وهو «13» الف قدم، وكل ذلك في دقيقتين وهي أقل من المعيار العالمي للحالات المشابهة، ويؤكد أن طائرة الياك وحسب مرشدها لا يوجد بها ما يثير الخوف.
مخاطر:
ولكن رغم اعتبار كابتن يوسف إبراهيم فضل السيد «شركة ترانس اتكو»، الياك «42» من افضل انواع الطائرات الروسية من حيث الماكينات، واشارته إلى ان الروس يعمدون دائماً الى صناعة طائرات على درجة عالية من السلامة والامان، إلا أنه وفي تصريح لـ «الصحافة» أكد أن طائرة الياك «42» رغم حداثتها تعاني خللاً واضحاً في نظام الاوكسجين، وقال انه في حالة حدوث طارئ او عطل عند ارتفاعات ما فوق «35» ألف قدم ويؤدي الى حدوث ضغط داخل الطائرة، فإن الكمامات لا تنزل كما يحدث في الطائرات الغربية، وقال إن فائدة عمل نظام الكمامات في حالات الطوارئ يمكن كابتن الطائرة من تنفيذ هبوط سريع وآمن إلى انخفاض يصل الى «11» الف قدم دون حدوث أضرار تقع على الركاب، ويضيف: في حالة حدوث طارئ او عطل في الياك «لا قدر الله» يتوقع حدوث ضيق في التنفس يتعرض له الركاب، ومنظمة الايكو لا تجيز طائرة دون أن تكون بها كل مواصفات السلامة ومنها نظام الاوكسجين، وطائرة الياك جيدة الصنع ولكن عملها دون هذا النظام يعود الى ان الاتحاد السوفيتي كان خارج مظلة منظمة الطيران الدولية، وكان يتم توزيع اوكسجين في زجاجات لمواجهة حالات الطوارئ داخل الياك «42» الروسية.
استفهامات:
معلوم أن صناعة الطيران في كل انحاء العالم محكومة بـ «19» تشريعاً صادراً من الايكو وتغطي كافة المطلوبات الخاصة بالصناعة ولا يمكن تجاوزها، وذلك لأن تجاوزها يعد انتهاكاً لمبدأ العدالة والحيادية ويستوجب المحاسبة عليه، ومعلوم أيضاً أن الطيران المدني في السودان يفرض قيوداً وشروطاً متجددة على الطائرات لضمان سلامتها، ولكن وبما أن الروس أصحاب الطائرة ياك «42» قاموا باجراء مراجعة شاملة على «57» طائرة من هذه الماركة، فهل قام الطيران المدني بذات الإجراء او معرفة اخطاء التصميم من الجانب الروسي؟ أم أن طائرة الياك «42» الموجودة في السودان ليست بها عيوب في التصميم؟ وهناك أسئلة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها وإن كانت ليست ذات علاقة مباشرة مع موضوع تحقيقنا ولكن لا تقل أهمية، وذلك لأن هناك من يرى أن ثمة علاقة بعمل طائرات الياك «42» والاسئلة التالية:
هل هنالك مفتشون تم تعيينهم للعمل بالطيران المدني وهم يعملون أصلاً بشركات خاصة؟ وهل هذا إجراء قانوني حسب قانون العمل وتنظيم مهنة عمل الطيران؟ وهل سيكونون محايدين في اتخاذ القرارات الفنية؟ وهل هم أصلاً مؤهلون لشغل تلك الوظائف بالرغم من صغر سنهم وقلة خبراتهم حسبما يؤكد البعض؟ وهل هنالك مديرو إدارات من صغار السن وليست لديهم مؤهلات ورخص للطائرات الغربية ويشغلون هذه المناصب بالرغم من أن الوظيفة لها متطلبات وهي غير متوفرة لديهم بحسب إفادات مراقبين؟ والسؤال الأكثر أهمية هل طائرات الياك تشكل خطراً وبها عيوب أم أن هذا الحديث لا يخرج من إطار التنافس بين الشركات العاملة في مجال الطيران بالسودان؟
[/JUSTIFY] الصحافة – صديق رمضان


تعليق واحد

  1. شكراً لكاتب الموضوع ومهم جداً الإهتمام بمثل هذه الموضوعات لمافيها مصلحة للجميع .