فدوى موسى

كبد في كبد


كبد في كبد والأيام تتلون على فحواها.. التصاريف تحتشد في تداعياً حزين والفرح يسرق الفينة ليسجل أنه موجود غائب.. وروعة حضوره في غيابه.. ونحن نتسربل بالأمل بأن الغد أفضل ونتعشم أحلامنا تحقيقاً وأنفسنا كما يقول أهل البلاغة العامية في مراعي البطانة «تونسها أغراضها» فنفرش الأرض أنفاساً مترعة باللهاث ونلتحف المدى والفضاء الممتد أملاً أن تقترب الأقاصي وتطوي مسافات المنى وتعجل الأقدار تجاوز الأتراح إلى منازل الابتهاج.. لكنه مبتور الابتهاج.. وحنايانا لم تعد تحتمل شد وجذب الأيام ومقارعتها الرجاء والفرح بعد أن اكتست معظم مساحة اللوحة بصفرة بائسة وحمرة قانية ومارس الإخضرار الابتعاد والإنزواء فانتزع من اللوحة متعة النظر لما هو باعث على استدامة التأمل.. فلا خضرة ولا ماء ولا وجه حسن.. حتى خطوطها «السريالية» التفت على بعضها البعض وزادت إبهام التفسير الى عمق الغموض.. كيف لا تكون الحياة كبد في كبد ولازالت معطياتها تسحب من معدلات دواخلنا القصية وتنتقص من ثواني ودقائق معدودات كن نتمنى قضاءها في يسر تيسير الأمور الحياتية وبلوغ ذروة الطموح الذي دائماً ما يجيء دونه.. وإن كثر الكر والفر ورفعت دفوعات أجسادنا وأعضائها وتيرها إفرازاً وإقلالاً.. هرموناً ومادة لزجة.. لتبقى الأسقام في مراتع الدم واللحم تخر القوى فاترة تمارس الحمى والسهر وتداعي سائر الجسد.. ترفل في أثوابها منهكات ومضعفات البدن والنفس فيشتعل الرأس بالأبيض من وميض نار وتندفع الفقارات انحناءة وتحدباً إجلالاً لمضي الايام وتتبرأ مقاييس العمر البض عن المكابد والمنافح الذي لا محالة مصروعاً منتصراً بهزيمته أو مهزوماً بنصره.. إنها الدنيا التي ما كادت ترتفع بالفرد إلا لتلقي به يوماً إلى مساقط الأقدار خيراً أو شراً.. فلا يملك الإنسان لها إلا الخضوع..وللزمن كلمة لابد أنه قائلها وإن تمترست جيوش الصمت عند مداخل ومخارج النطق القدري.. فلا أحد يقوى على الخروج عن طرقات الحتمية المختومة.. فعندها تتشابك معتقدات أصيلة إن الأمر مرفوع كله للذات العليا والتمام يجب أن يرفع لها دون إشراكها مع أي تمام آخر لكائن من يكون.. فهناك مصنع الأقدار وتنزيلها.. وقدر أبسط من قدر..

آخر الكلام.. لا تحلم بالوداعة والهناء دون أن تذوق عكسها من مذاقات.. فأنت لا تدرك الطعم الحقيقي إلا أن تذوق المُغاير.. ولا تعرف السكر إلا أن تعرف قبله العلقم.. ولكنها الحياة مكابدة مستمرة على سجلات ناصعة بياض من صحف يسطر عليه الزمن مطالعه الآتية وأشتات أنفاسه الأشتات.
[/SIZE]

سياج – آخر لحظة – 5/3/2011
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email