تحقيقات وتقارير

الصادق المهدي .. الوقوف بين لافتتين!


بخفة الفراشة يتنقل زعيم حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي في المواقف السياسية هذه الأيام لاتستطيع أن تمسك عليه موقفاً محدداً إلا وتجده مبدلاً له في الليلة الأخرى بعد أن خرج في الأيام الماضية بتحذير من أي تغيير للنظام سيؤدي لتفتيت الدولة السودانية، عاد بالأمس الأول ودعا السودانيين للاتفاق على يوم يطلق عليه “مولد السودان الجديد” لإحداث تغيير في البلاد عبر الطريق السلمي وبهذا التصريح أربك المهدي كافة المواقف السابقة التي كان يتبناها التي مالت للمهادنة والعمل على عقد مؤتمر للسلام يرتب له حزبه بجانب دعوته للحركات المسلحة لترك العمل الحربي والانضمام للعمل المدني السلمي عبر مخارجة سياسية تعمل على إصلاح النظام وليس تغييره أوحتى إسقاطه.
أضاف المهدي أن السودان أمام خيارين إما اتفاق سلام شامل وتحول ديمقراطي وإما استقطاب حاد بين الشعب وجلاديه على حد تعبيره وأضاف” من أراد التغيير فليأتِ إلينا، نجمع صفوفنا، يربطنا خيط ويقطعنا سيف ، ودريبات القش ما معانا ” وقال إن استمرار النظام بسياساته الحالية سيقود البلاد للتمزق والتفكيك ورفض بشدة أي تقارب بين حزبه والمؤتمر الوطني الحاكم.
خفة التنقل
بالقريب وليس البعيد كان الإمام الصادق نفسه يدعو للتقارب والتهدئة وصمت أثناء التحركات الاحتجاجية التي شهدتها البلاد عقب رفع الدعم عن المحروقات على الرغم من أنها تخرج من مسجد أنصاره ومؤخراً منعت المظاهرات من أن تخرج منه.
وقبل أن يجف مداد القلم الذي وقع به اتفاق بين حزب الأمة القومي وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والحديث عن تفاهمات كبيرة وعميقة تحدثت عنها القيادية بالحزب د.مريم الصادق تمت مع قيادات الجبهة الثورية التي تضم تكتلاً من الحركات المسلحة في طريق الترتيب لمؤتمر السلام الذي يعده الحزب. تفاجأ الكل أمس بنيران كثيفة تطلقها الجبهة الثورية على حزب الأمة والإمام الصادق المهدي خاصة بعد حديثه للصحفيين محذراً من إسقاط النظام عبر القوة لأن هذا سيؤدي لتفكيك البلاد إلى دويلات.. وهذا الحديث لم يأتِ في هوى الحركات المسلحة التي اعتبرته يأتي في إطار مسلسل المهدي في تشتيت الجهود التي تبنى للتغيير وأنه يقوم بفرض وصايا على الآخرين في استخدام وسائلهم النضالية كما نفت الجبهة وجود أي اجتماع رسمي تم عقده بين قيادتها مع مريم الصادق في كمبالا.
نيران ثقيلة
سرعة التنقل في المواقف جلبت للإمام وحزب الأمة العديد من الانتقادات آخرها غضب الحركات المسلحة على موقفه الأخير حيث جاءت الأخبار وقالت إن بعض الحركات المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية ليست راضية عن مواقف حزب الأمة خاصة الإمام الصادق ودعوته لضرورة العمل على الخيارات السلمية في التعامل مع الأزمة السياسية وأن الخيار الذي يجنب البلاد الحروب والتفتيت ليس إسقاط النظام بل إصلاحه وتغييره سلمياً عبر تسوية سياسية وهذا الأمر لم يأتِ في هوى الجبهة الثورية التي ترفع بندقيتها في وجه الخرطوم والخبر الذي نشرته (السوداني) عن إغلاق قيادات الجبهة الباب أمام لقاء مريم الصادق في بداية وصولها إلى كمبالا أكده بالأمس المتحدث باسم الجبهة الثورية أبو القاسم إمام في حديث لصحيفة (الشرق الأوسط) عن عدم وجود اجتماع رسمي مع الأمة وشن هجوماً كاسحاً علي المهدي .. رافضاً دعوته للحركات بأن تتحول لقوى مدنية معتبراً أن مثل هذا الحديث سابق لأوانه ويمثل نوعاً من الوصايا على الحركات والوصايا مرفوضة وأن موقف الصادق الأخير من الحركات يوضح أن المهدي “ضد الانتفاضة الشعبية “-على حد قوله.
وحول الحديث الذي قاله حزب الأمة عن لقاءات تمت مع قيادات الجبهة الثورية يقول إمام إن الذي تم فقط اتفاق مع حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وأن ذلك لا يعني أنه أجرى حوراً مع الجبهة الثورية. وأضاف (لم يتم أي لقاء مباشر ورسمي بين الجبهة الثورية مع مريم الصادق أو أي مناقشة سياسية معها) .
سيولة المواقف
البعض يرجع مواقف المهدي التي تعاني من السيولة الشديدة لاستراتيجية لايريد منها تحديد موقف قاطع تجاه الراهن السياسي الحالي بل يكون في مكان يقبل فيه الذهاب إلى كافة الاتجاهات والاحتمالات ويسمح له بالتنقل بخفة الفراشة بين تيار الإسقاط وتيار الإبقاء للنظام الحالي.
حزب الأمة القومي من جهته استنكر هذا الأمر واعتبره غير مبرر. وقال القيادي إسماعيل كتر في حديثه لـ(السوداني) إن حديث المهدي ينبه لخطورة الحلول العسكرية في الأزمة السودانية لأن اي عملية غزو من الخارج ستؤدي لتفكيك البلاد لدويلات ومنادياً بتجريب الوسائل السلمية المجربة لإحداث أي تغيير وأن حزب الأمة يعمل في هذا الإطار بمحاولة لخلق طريق ثالث يجمع الأطراف المتنازعة للوصول لصيغة لتجاوز الأزمات مشيراً إلى أن الحركات المسلحة مطالبها مشروعة ومتفق عليها إلا أن الاختلاف في الوسائل. وفي رده على حديث الناطق باسم الجبهة الثورية أبو القاسم إمام يقول كتر إن موقف حزب لا يمكن المزايدة عليه وأن مثل هذه التصريحات تشبة أسلوب”مديدة حرقتني” ويأتي من باب الرعونة السياسية إلا أنه عاد وقال إن قيادات الحركات المسلحة أناس وطنيون ولايريد الدخول معهم في مهاترات إلا أنه دعا إمام بعدم التحدث باسم قوى الإجماع الوطني لأنها تعرف كيف يتعامل معها حزب الأمة وتعرف وزنه وقدراته مؤكداً مواصلة حزبه السعي لعقد مؤتمر للسلام يجنب البلاد ويلات الخراب وأن موقفه ثابت تجاه القضايا الوطنية ولايبنى على مصالح حزبية ضيقة .
خلافات قديمة
البعض يعتبر أن حزب الأمة مايزال يريد استكشاف الأوضاع بشكل دقيق خاصة في ظل الفشل الذي صاحب خطواته السابقة منذ عودته من التجمع الوطني الديمقراطي إلى توقيع اتفاق التراضي.. وفي هذا يقول المحلل السياسي أسامة التجاني إن حزب الأمة تتصارع فيه العديد من التيارات منها من يريد أن يسقط النظام بأي ثمن، ومنها من يريد التقارب والتصالح مع النظام وبين هذا وذلك تتشكل مواقف الإمام الصادق لتجمع كل هذه المواقف المتناقضة وهذا ينعكس بطبيعة الحال على خطابه السياسي الذي يلاحظ فيه التبيان الشديد وعدم الثبات في موقف واحد خاصة في الكيفية التي يجب أن يتم التعامل بها مع النظام، مشيراً في حديثه لـ(السوداني) إلى أن المشهد المربك في ساحة حزب الأمة يرجع للضغوط التي تمارس من جهة القوى الداعمة للمصالح مع النظام ويقف من ورائها المؤتمر الوطني وجهة الممانعة التي تجد هوى الكثير من قاعدة الشباب والطلاب وحتى قيادات رفيعة في الحزب معتبراً أن سيولة المواقف ستستمر إذا لم يتم وضع خط سياسي متفق عليه بين الإمام وقيادة الحزب.
تقرير:خالد أحمد
[email]Kalo1555@yahoo.ca[/email] صحيفة السوداني


تعليق واحد

  1. [SIZE=6][B]إنه موقف من غلبته الحيلة ، ولهذا نراه وحزبه يتخبطون وكأن بهم مس من جان ، حيث لا يثبت الرجل ولا حزبه على موقف ، بل كلام النهار عند هؤلاء يمحوه الليل والعكس صحيح !![/B][/SIZE]