تحقيقات وتقارير

مرسي والبشير.. ثقل التاريخ وحسابات القصر


[JUSTIFY]أثارت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى مصر خلال اليومين الماضيين آمالا تاريخية بدا أنه حان قطفها في العهد المصري الجديد، فالرئيس محمد مرسي يدير دفة العلاقات الخارجية بعيدا عن إرث الرئيس المخلوع حسني مبارك في التعامل مع جارته الجنوبية وتوأم مصر في الوادي العريق.

وقد يبدو أن البشير أقرب إلى نظيره المصري الجديد من سابقه المخلوع، فمرسي والبشير يتحدران من شجرة سياسية ذات صبغة تكاد تكون واحدة، مع فرق جوهري أن مرسي دخل القصر الجمهوري على أكتاف الثوار وعبر صناديق الانتخابات، فيما قفز البشير إلى سدة الحكم بانقلاب في ليل مظلم.

فهل ستكفي النوايا والاستبشار بإزالة جبال الجليد التي تراكمت في علاقات البلدين؟ وما الذي ينشده الطرفان من زيارة كهذه قياسا إلى حسابات التاريخ والواقع المشترك؟

مطالب السودان في الجانب السوداني، تقف قضية حلايب وكيفية دعم القاهرة للسودان في المحافل الدولية على رأس المطالب الثابتة التي تنشدها حكومة البشير.

مصطفى عثمان إسماعيل: قضية حلايب هي قمة المطالب السودانية (الأوروبية-أرشيف)

وبحسب وزير المجلس الأعلى للاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل فإن قضية حلايب هي قمة المطالب السودانية، إضافة إلى استكمال اتفاق الحريات الأربع من الجانب المصري والتوقيع على بروتوكول الحركة بين البلدين.
ورهن الوزير السوداني استكمال بعض المشروعات -خاصة الطرق الرابطة بين الدولتين- بقيام شراكة إستراتيجية تحقق كافة الأهداف المنشودة، وفق حديثه بندوة في الخرطوم مؤخرا.

لكن أستاذ الدراسات الإستراتيجية والشؤون الأفريقية حسن مكي يرى في تعليق للجزيرة نت أن مطالب السودان تنحصر أولا في رغبة الخرطوم في وضع السودان ضمن الأجندة المصرية التي ظهر أنها تتجه نحو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول الخليجية دون جارتها الجنوبية.

ويعتقد الأكاديمي السوداني أن الخرطوم تصر على موقفها الداعي لمعالجة “مخلفات” نظام حسني مبارك مع السودان.

تصحيح المفاهيم أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين فيرى أن زيارة البشير تهدف إلى تصحيح المفاهيم حول التجربة السودانية والطلب من القاهرة إحياء المشروعات المعطلة “كمشروعات التنمية والاستثمار بين البلدين واتفاقية الحريات الأربع المنفذة من طرف السودان ومعالجة مسألة حلايب”. وتوقع أن تطلب الخرطوم سندا مصريا سياسيا وإستراتيجيا كان ينقصها في فترة مبارك.

ويرجح الأمين في حديثه للجزيرة نت رغبة الخرطوم في فتح ملف اتفاقية الدفاع المشترك بين الدولتين ومشروع التكامل المتجمد بسبب الخلافات السابقة. ولم يستبعد أن تكون قضية مياه النيل وكيفية توحيد موقفي البلدين -بعد انفصال جنوب السودان- من المبادرات المطروحة حول ذات الأمر جزءا من مطالب الخرطوم الملحة “كما هي واحدة من المطالب المصرية الهامة”.
محمد نوري الأمين: زيارة البشير تهدف إلى تصحيح المفاهيم (الجزيرة نت)

شراكة إستراتيجية في المقابل، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية ياسر علي إن الرئيسين ركزا على توسيع نطاق الشراكة الإستراتيجية بين مصر والسودان خصوصا فيما يتعلق بالأمن الغذائي، واتفقا على سرعة تفعيل المشروعات الكبرى وفي مقدمتها المزرعة المصرية بالولاية الشمالية بالسودان ومزرعة الإنتاج الحيواني.

وبدوره فقد تحدث الرئيس السوداني عن إرادة سياسية حقيقية لدى قيادتي مصر والسودان لوضع برنامج زمني محدد لتنفيذ مشروعات تعاون مشتركة في مختلف المجالات، مؤكدا وجود العديد من المشروعات الجاهزة في السودان أمام المستثمرين المصريين.

لا جديد ورغم هذه التصريحات فإن الخبير المصري بالشؤون الأفريقية عطية عيسوي، لا يخفي خشيته من أن واقع التعاون بين مصر والسودان قد لا يشهد جديدا عما اعتاده من زيارات واجتماعات تتلوها تصريحات ودية، واتفاقات لا يتم تنفيذها بالكامل، بل وقد لا يتم تنفيذها من الأساس.

وفي تصريحات للجزيرة نت، أرجع عيسوي هذا الواقع السلبي إلى عدة أسباب بينها غياب الدراسات المتعمقة لمشروعات التعاون بين البلدين فضلا عن عدم توفر الأموال الكافية لتنفيذها، إضافة إلى وجود حالة من التشكك، لا يجب إنكارها.

ويدلل على ذلك برفض مواطنين سودانيين فكرة منح أراض لمصر كي تقيم عليها مشروعات زراعية خوفا من عودة ما يسمونه “احتلالا مصريا للسودان” وهو ما تجلى في مشروع الجزيرة الذي تحدث عنه الإعلام كثيرا لكنه اقتصر واقعيا على زراعة مساحات متواضعة جدا من جانب شركات مصرية خاصة.
عطية عيسوي: بعض السودانيين يخشون احتلالا مصريا للسودان (الجزيرة- أرشيف)

وأضاف عيسوي أن تنشيط الاستثمار المشترك بين مصر والسودان يحتاج إلى تمويل مالي كبير وهو ما لا يتوافر لدى البلدين حاليا، ويحتاج بالتالي إلى دخول طرف ثالث وليكن أحد البلدان الخليجية وهو ما لم يحدث بشكل جاد حتى الآن، حسب قوله.

احتياج متبادل في الوقت نفسه أقر عيسوي بوجود احتياج للتعاون المشترك لدى البلدين، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه بالإضافة إلى المنافع الاقتصادية فإن مصر تحتاج إلى السودان في ملف مياه النيل لمعارضة اتفاق عنتيبي، كما أن السودان يحتاج إلى دعم مصر له في مواجهة أخطار التمرد فضلا عن الوساطة مع دولة جنوب السودان التي استقلت مؤخرا.

وبدورها فقد تحدثت د. أماني الطويل -وهي خبيرة للشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- عما تراها عقبة أساسية لدى الجانب المصري أمام تدعيم التعاون مع السودان وهي عدم وجود آلية تنفيذية تخضع للحكومة بشكل مباشر وتتولى تنفيذ وتشجيع خطط التعاون الاقتصادي مع السودان وبقية الدول الأفريقية بشكل عام.
سلبيات
كما انتقدت الطويل مسلك الحكومة المصرية في الفترة السابقة وقالت إنه اكتفى بالاعتماد على مبادرات رجال الأعمال، مشيرة إلى أن هذه الفئة تحرص بطبعها على انتقاء مشروعات معينة كالعقار تؤمن أموالهم وتضمن لهم عائدا سريعا.

ولم يختلف الحال لدى الجانب السوداني حيث ترى خبيرة الشؤون الأفريقية أنه يعاني من غياب الاستقرار السياسي وغياب المصداقية بسبب تضارب التصريحات بين مسؤولين سودانيين بشأن العلاقات مع مصر، ضاربة المثل بمشروع الطريق الدولي بين البلدين حيث رحب به مسؤولون سودانيون في حين تحدث آخرون عن عدم تنفيذه ما لم يتم حسم الخلاف بين البلدين بشأن مثلث حلايب الحدودي.

وتعتقد الطويل أن البلدين بحاجة إلى مزيد من المصارحة والشفافية مشيرة إلى أن الخرطوم تعد على سبيل المثال بإتاحة مساحات واسعة للاستزراع في شمالي السودان بواسطة الشركات المصرية، لكن السكان المحليين في هذه المناطق لا يؤيدون ذلك، وربما لا يسمحون بتنفيذه.

وختمت الخبيرة أن الأمر قد يتغير في المستقبل خاصة أن ضرورات التنمية تضغط على النخب السياسية في البلدين وهو ما يتطلب منظورا جديدا للعلاقات يقوم على الشراكة الشفافة التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الناس وإرادتهم في صياغة علاقات التعاون.[/JUSTIFY]

الجزيرة نت


تعليق واحد

  1. [SIZE=5]رغم اننا – خير امة اخرجت للناس – المسلمين – لكن نمر اردأ مرحلة سواء صنعها لنا الاخرون ام شاركنا في صنعها – ارث وثقافة تاريخية ثقيلة تركها الاستعمار الانجليزي المصري للسودان – اتحدى ان تجد واحد مصري يقر بوجود اهرامات بالسودان – ثقافة التعالي ( اذكر مرة كنت اناقش احد المصريين( وهو طبيب بيطري- يعني جامعي) في سياق ان هناك اساتذة سودانيين قاموا بالتدريس في مصر – ايام نميري والتبادل الثقافي ) وتحديدا ذكرت الاستاذ عمر النقر من الدامر – فانكر المصري جملة وتفصيلا ان يكون هناك اساتذة سودانيين يذهبوا للتدريس بمصر( وقال بالحرف الواح دا نحنا بنصدر اساتذة لكل العالم )- نعم هناك اناس طيبون ولكن هذا لايكفي لاقامة تكامل – خليك من تكامل دولة لدولة اذا اردت الزواج ولم تشعر بالندية فلن تتزوج – استحضر مرارا وتكرار اقوال الزعيم القومي محمد احمد المحجوب – عليه رحمة الله – في هذا الشان يمكننا ان نجامل ولكن في سياسة استراتيجية لن يتم واذا حدث فالمولود يكون مشوها – عليه يجب على السودانيين المحبين لوطنهم ان يرتقوا لمستوى بناء دولتهم
    سؤال مهم جدا – هل تسمح اي حكومة مصرية بوجود معارضة مصرية بالسودان

    التسويات تبداء من حلفا مش حلايب وما ادراك ما مياه النيل ؟

    هذا الموضوع شائك جدا جل تعقيداته من الجانب المصري
    يجب على السودانيون بناء دولتهم
    احمد عمر كحيل[/SIZE]

  2. مصر تعتمد فى غذائها واقتصادها على امريكا وحليفتها اسرائيل وهذه حقيقة لا تخفى على احد وليس لها الزخم المالى لكى تدخل فى مشاريع وعرة بالسودان الآن إضافة الى اطماعهم السابقة والحالية والتى استعصى عليهم تحقيقها حتى الآن وحلايب ليست بخارج هذا الموضوع فما يفعله البشير هو سقوط وذلة وهوان للنجاة بنفسه من التاريخ وما فعله بالطغاة فهل الاخ مرسى مستعد لمشاركته تلك الافراح مع الاغراء ببيع ما تبق من السودان لمصر الله اعلم .

  3. لقد ارسيتم قواعد اللعبه السياسيه المتوازنه والصحيحه في المنطقه العربيه الافريقيه وصرتم قدوه يقتدي بها في اتخاذ القرار السليم والمستقل عن هيمنه القطب الواحد المتحيزه وغير المتوازنه!! فرفضكم قبول قوات المارينز لحفظ امن البعثات الدبلوماسيه في الخرطوم اعاد الثقه في قدرات قواتنا المسلحه!! والاجهزه الامنيه في اداء واجباتها!! وأكد ثقتم في وعي الشعب السوداني وحقه للتظاهر السلمي في حدود القانون وحفظ سلامه وامن ضيوف البلاد!! وعن الحريات المنضبطه الكافله لحقوقهم في الدفاع عن نبي الرحمه والانسانيه ورفصهم لاسائات الجهله والحاقدينمن من اصحاب الحريات الفوضويه!! ومهما يكن من امر فقد وضعتم الاسس العمليه والسليمه لكيفيه اتخاذ القرارات المستقله ورفض الخصوع للهيمنه الغربيه التي سادت النطقه خلال الثلاث عقود الماضيه.اما عن الجاره الجنوبيه فالتاكيد علي الزا م الحركه الشعبيه والغرب علي النهج السلمي هو مفتاح الامن والاستقرار للجميع كما اكدتم عليه!! وفتح باب الاستثمار لاخوه الشمال في كل المجالات وخصوصا الزراعيه بشقيها هو النهج الامثل لزياده الروابط الاقتصاديه وازدهارها لمنفعه الشعبين الشقيقين.!! حفظكم الله ورعاكم لتدعيم روابط الاخوه خطوه خطوه وبدون ضجيج ففي قضاء الحوائج بالكتمان حمكه. والله من وراء القصد…ودنبق