هنادي محمد عبد المجيد

العطف والجفاء


العطف والجفاء
تحمل الحياة الكثير من المعاني السامية التي تستحق النظروالإمعان فيها بالبحث والتنقيب ، كما تحوي الحياة الكثير من المعاني التي تستحق التقييم للوصول بالنفس الإنسانية إلى مراقي
الكرامة والشرف والعزة ،، وبدون هذه المعاني تنعدم القيم التي بهاينشأ المجتمع الفاضل السوي ، وللوصول إلى هذه المعاني نستخدم الوصف كأداة تحليل ، وبالمقارنة نصل لتقييم هذه الصفات
والمعاني ، فنتبنى منها النافع الثمين ونتنصل عن الغث الذميم ، لنصل بهذا التحليل والمقارنة إلى وصف الصفات والمعاني ، فنتناول صفة العطف ومضادها الجفاء، بهدف إحياء هذه المعاني والتمييز بينها ، < العطف>قال ابن أبي جمرة رحمه الله في بيان المراد بالتعاطف : “هو إعانة الناس بعضهم بعضا ، كما يعطف الثوب عليه ليقويه ”
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ص : { ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد ، إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى }
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله ص : { إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة ، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض ، فجعل منها في الأرض رحمة
فبها تعطف الوالدة على ولدها ، والوحش والطير بعضها على بعض ، فإذا كان يوم القيامة ، أكملها بهذه الرحمة } وقال تعالى:[ واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ]وقال :[ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا] والعطف من شيم النفوس الكبار ، وهو من رحمة الله على أمة الإسلام ، وفي رحابه تتجلى أبدع وأروع صور التكافل والتكامل ، فهو يثمر حب الخير للغير ، وينشر السرور والسعادة بين المتعاطفين .وفي مقالبه صفة < الجفاء >والجفاء بفتح الجيم هو الغلظ في العشرة ، والخرق في المعاملة ، وترك الرفق في الأمور ، قال تعالى :[أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين ]وقال :[ ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون] وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي ص قال :{ أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم} وعن ابن مسعود البدري رضي الله عنه أن النبي ص قال :{ الإيمان ها هنا وأشار بيده إلى اليمين ، والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل من حيث يطلع قرنا الشيطان ربيعة ومضر }والخلاصة أن الجفاء صفة ذميمة ، ومظهر من مظاهر سوء الخلق ، يورث التفرق والوحشة بين الناس ، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، فكم من بيت إستعلن فيه الجفاء ، وغدا الطريق الأوحد في التعامل بين أفراده فتخرب ، وكم من صداقة حميمة قد استحالت عداوة بغيضة بفعل هذا الخلق الذميم . والجفاء قد يكون طبعا وقد يكون تطبعا ، وكلاهما سئ ، والمؤمن الحق هو الذي يتدارك نفسه بالبعد عن أسباب الجفاء ودواعيه .
اللهم اجعلنا من المتحابين المتعاطفين فيك ، اللهم آمين .

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]