نادية عثمان مختار

غداء رئاسي !!


غداء رئاسي !!
تحدثتُ عبر هذه الزاوية لأكثر من مرة عن الخطأ (الفظيع) الذي وقعت فيه الحركة الشعبية وجيشها بالهجوم على سرية القوات المسلحة وقتل نفر أبرياء دون ذنب في منطقة آبيي؛ كما تحدثتُ عن (تسرع) القوات المسلحة باستيلائها على كامل المنطقة ولجوئها للحسم العسكري ردا على العدوان الغادر من الجيش الشعبي!!
وللحقيقة استبشرت خيراً كبيراً بحضور د. رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب ووفده للقاء الحكومة في الخرطوم؛ لمحاولة إيجاد مخرج من (المأزق) الذي وقع فيه الطرفان!
وانتظرتُ بشغف نتائج لقاء الدكتور مشار بالسيد علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية وما تم وما سيتم التوصل إليه من اتفاقات (ملزمة) للطرفين؛ تسهم في حل الإشكال جذرياً وطي الملف نهائيا!!
خرج د. مشار بتصريحات بدأ فيها (عاتباً) على النائب علي عثمان لإرجائه المقابلة معه (يومان) بحالهما؛ ثم طلب مقابلته منفرداً، بدون وفده رفيع المستوى، رُغماً عن أنهم جاءوا جميعهم كوفد مكلف من حكومة الجنوب كما قال الدكتور مشار!!
ما أثار دهشتي حقيقةً هو حديث د. مشار للصحفيين الذي بدأ فيه مستدراً لتعاطفهم، أو ربما أراد إلهاءهم عن الخطأ الذي ارتكبته الحركة وسفكت بسببه دماء أبرياء وتشريد الآلاف من منطقة آبيي من أبناء المسيرية ودينكا نقوك الذين عاشوا دهرا في (سلام) قبل توقيع اتفاقية السلام (المخترقة) من كل حدب وصوب!
د. مشار التقى كذلك بالسيد رئيس الجمهورية عمر البشير، وقال إنه (طلب من الرئيس بعد أن استطال الحوار لساعة من الزمن بجانب نافورة القصر وفي الهواء الطلق أن يذهب معه إلى منزله ليتناول معه الغداء ليكملوا حديثهم على طاولة الغداء، ولكن الرئيس أمر احد عمال القصر أن يحضر له زجاجة ماء وأنهى الكلام وانصرف)!!
وليؤكد د. مشار أن الرئيس فعل ذلك الفعل بتجاهله تلبية طلبه للغداء معه في منزله؛ قال للصحفيين (كنت أتمنى أن تكونوا هناك لتأخذوا صورة من هذا اللقاء وسألهم أم أنكم لا تكونون هناك)؟!!
هذا بحسب ما أوردت صحف، وحقيقة لو أن السيد الرئيس تجاهل طلب د. رياك بالغداء معه في منزله فهو (غلطان) ولكن قبل أن نلقي باللوم على الرئيس (إن حدث ذلك فعلا) فيجب أن نحاول تفسير مغزى ذاك الطلب وتوقيته من د. رياك في الأساس!
إذ أن موضوع دماء الشهداء من (الدينكا والمسيرية) ليس بالأمر الهين حتى يتم مناقشته على مأدبة غداء رئاسي فاخر..؛ وكأن الموضوع لا يعدو كونه
(ونسة) أصحاب على (عشرة ضُمنة) مثلا ..!!
حقيقة أجد ذلك الطلب من د. رياك فيه الكثير من الاستخفاف بقضية صعبة جدا، وغاية في التعقيد لا يمكن مناقشتها ولا حتى في القاعات الرسمية (المكندشة) ناهيك عن (البيوتات) الرئاسية وعلى روائح ما لذ وطاب من الشواء (الما خمج)!!
لو أن الأمر بيدي لأوقفت الحكومة والحركة الشعبية كليهما في قلب صحراء؛ لا ظل فيها ولا ماء، وفي (عز الهجير) حتى يتم معالجة مشكلة آبيي عاجلاً ودون أي مماحكة..!!
أي غداء وأي ماء (صحة) تتحدثون عنه يا سيادة الدكتور مشار بينما الناس تموت في آبيي؛ والأحياء منهم يهرولون في الطرقات خوفاً من الموت؟!
اتقوا الله في أهل آبيي وأخلصوا الضمائر وكثفوا العمل لإنهاء معاناتهم يا سادة هداكم الله!!
و
نجيني ولا تغديني !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/6/2
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]