فدوى موسى

الموية في دارفور


الموية في دارفور
استرعى انتباهي في النشرة الأخبارية (لليوناميد) الانعقاد القادم لمؤتمر دارفور الدولي للماء من أجل سلام مستدام إدراكاً للتنافس على الموارد الطبيعية المتناقصة هو أحد أسباب الصراع في دارفور.. عموماً تظل المياه العنصر الكبير الذي تنشأ منه تناسلات الحياة الأخرى لأن كل شيء حي جعل من الماء.. والحق أن الملامح التي تبدو في صراعات دارفور مردها الموارد الأساسية للحياة التي تدخل فيها هذه المياه كمكون كبير في ذات الصفحة «اليوناميد» توزع حوالي ألف حاوية مياه عالية السعة وقابلة للدحرجة إلى العديد من السكان العائدين إلى قراهم في دارفور وإلى فئات ضعيفة… وحقاً أن معالجة الأمور المتعلقة بالماء في مقاطعة دارفور مسؤولية الدولة القائمة لأنها ببساطة مهمة جداً ما جدوى أن تحكم دون أن توفر الماء عصب الحياة…

المرأة والباقة

في بعض المناطق الدارفورية كثيرة هناك ثنائية لازمة ما بين المرأة و«الجركانة» ومبعث ذلك أن المرأة هناك معنية بتوفير احتياجات الحياة.. بعد أن فقدت الرجل أو استكان هذا الرجل عن أداء واجباته فصارت المرأة الدارفورية في القرى معنية بتوفير كل مقومات الحياة.. والواجب والأصل أن تقوم الحكومة بتوفير هذه الخدمة «لا أعني خدمة اتصالات» وإنما خدمة توفير الماء.. والله يوجعنا جداً أن يأخذ زمام المبادرة أي كيان خارجي فيما يخص توفير ماء الشرب.. فإن استطاعت جهات ومنظمات رفع معاناة المرأة الدارفورية وأزالت عن كاهلها عبء حمل الجركانة لا نملك حيال ذلك إلا أن نقر ونشكر… وعلى حكومتنا رفع مظلمة «الجركانة» عن أكتاف هذه المرأة.

الماء في الحقيبة

بينما نلحظهم دائماً في حالة التحوط في حلهم وترحالهم.. «أخوانا في الله الخواجات» يحملون المياه الصحية.. ويحضرني هنا أحد الخواجات وهو يشتكي من تلوث الماء قائلاً «إن أهل السودان يشربون التلوث بالماء» لذا دائماً ما كنت أراه يحمل القارورة أو يخبئها في الشنطة.. أو كما يقول أهلنا (الحقيبة) كباب الاحتياط والمخزون المائي للظرف الطاريء لذا أدرك هؤلاء (الأجانب) أهمية الماء في حياة أهل الهامش من بلادنا وأصبحوا أكثر عملية وجد بدعمهم في توفير هذه الخدمة لا نملك إلا أن نحيي جهودهم نسبة لعجز آليات الداخل في توفير الماء للعطاشى في أطراف الأطراف «أها يا جماعة يشربون ولا يرجوكم في الخلاء حتى الموت».

نشرب عكراً

دائماً ما أتذكّر بعض أيام تأتي فيها المياه عكرة من الصنابير والمواسير ولا نعرف فيها طبيعة الشوائب بالضبط وعندما نكون محتدمي العطش فإننا نرجع للعقلية البائدة «أصغر منك دوسو» رغم أنها مبنية على جهل متجذر لأن مسبب مرضي صغير جداً ومجهري كافي لأحداث ضرر يستعصي على عزو بشحمه ولحمه أدراكه.. كيف أن المسببات المرضية يمكن أن تكون قوة مدمرة.. ويحكي بعض المتضررون من الثوار الليبيين في أجدابيا أنه في بعض المواضع لوثت مصادر المياه حتى يضطر الأهالي لمفارقة المناطق.. إذن المياه ممكن تكون قاعدة السلاح البيولوجي.. فما بالك بحالات التلوث التي تمارس بصورة غير منتبه لها ونتاجها حالات من التسمم أو الإصابات الالتهابية المرضية…

أدونا موية نظيفة

رغم تطور وسائل تنقية المياه إلا أن بعض المناطق مازال آهلاً في حالة تصفية للمياه أو استعمال الشب أو الرواق كما يقولون.. وكم كانت دهشة ابنتي كبيرة عندما بدأت أحكي لها عن «ماء الجمام».. ورغم أنها لم تستوعب آلية الحصول على هذا الماء من بطن الوادي إلا أنها تساءلت «والموية دي نظيفة» وحتى لا أفتي لها على عواهن الفكرة قلت «ترى بيشربوا طوالي من الحفر» وبالتأكيد مهما كانت درجة اليقين بقطعية نظافة هذا الماء (100%).

آخر الكلام

الماء عنصر الحياة المهم الذي جعل منه كل شيء حي.. وهو محل شراكة لكل البشر.. فهل يحرم البعض منه في بلاد حباها الله هذه المصادر.
مع محبتي للجميع..

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]