حوارات ولقاءات

د. “أحمد عبد الملك” أحد الشباب المحسوبين على تيار الإصلاح بـ (الوطني) و(الحركة الإسلامية):


[JUSTIFY]ظهرت خلال الفترة الماضية أصوات داخل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني أبدت عدم رضائها عن الوضع القائم، وكان لافتاً أن كل تيّار من هذه المجموعات ينادي برؤية ومفهوم مختلف على التيّار الآخر، فهناك من يئس من إصلاح هذه المؤسسات فحاول التغيير عبر الانقلاب العسكري، والبعض الآخر رفع لافتات الإصلاح داخل هذه المنظومات، فيما ظل آخرون متمترسين حول ما هو موجود.

(المجهر) حاولت فتح ملف الإصلاح داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية من خلال مقابلة ممثلين للخيارات التي طرحت وابتدرت هذا الحوار بأحد الإصلاحيينو هو د. “أحمد عبد الملك دعاك”. ووفقاً لـ “أحمد” فإن الإصلاح هو فكرة موجودة في كل الكيانات.. وأي شخص يحتفظ بعقله النقدي وقدراته على استبصار المسارات البديلة يكون إصلاحياً بالضرورة، وكل شخص يركن للجمود ويرى أنه ليس بالإمكان إلا ما كان ويعيش بعقلية (إنا وجدنا آباءنا على ملة ونحن على آثارهم مهتدون) هو غير إصلاحي، واعتبر ذلك عرضاً من الأمراض التي تصيب كثيراً من الكيانات التي تنزع إلى تكريس الوضع القائم بغض النظر عن تحقيقه للمقاصد أو غير ذلك.. وبالحوار كثير من الآراء والتفاصيل المهمة.. فإلى مضابطه:

{ تعددت الآراء داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية حول عملية الإصلاح.. حتى قاد الأمر إلى محاولات انقلابية فما حقيقة ما يدور؟ – أي متابع يعلم أننا في الفترة الماضية كنّا نقدم آراءً ذات طبيعة نقدية تقتضي إصلاح الوضع القائم ومعالجة المشكلات والانحرافات التي اعترضت ممارسة الحركة الإسلامية بشكل أساسي، وإلى حد ما المؤتمر الوطني، لأننا نؤمن بأن الحركة الإسلامية هي المكون الفاعل داخل المؤتمر الوطني، فإذا صلحت صلح المؤتمر الوطني، وإذا فسدت فسد، لأنها الأكثر قدرة على تحديد توجهاته ومساراته ووضع أطر مسلكية بشكل عام.
{ ما طبيعة هذه الحركة التي ذكرتها؟
– تحركنا في الفترة الماضية كان لطرح بعض الرؤى التي تعمل على إصلاح مسيرة الحركة الإسلامية وتفعيل دورها المتميز.. وتلاقينا حول إحداث مراجعات نقدية للحركة، كأطروحة ووجود ومؤسسات ودستور وأولويات وكعلاقة الحركة الإسلامية بالمكونات الموصولة بها سياسية كانت أو خدمية وإعادة تأسيس هذه العلاقة على أسس سليمة.

{ كيف ترون إمكانية إعادة هذه العلاقة ؟ – كنا نرى أنها تتم عن طريق إعادة النظر في دستور الحركة الإسلامية، ونشطنا جداً في تحقيق ذلك في إطار المؤسسات وتحدثنا داخلها.

{ لكن مخرجات مؤتمر الحركة الإسلامية لم تستجب لذلك؟ – نعم، مخرجات مؤتمر الحركة الإسلامية لم تُعبّر عن الحوار الذي تم والخلاصات التي تلمسناها من القاعدة.

{ ماذا تلمستم؟ – القاعدة داخل المؤتمرات كانت ترى ضرورة إصلاح هذا الدستور، لكن النتائج النهائية كانت لا تُعبر عن التوصيات الكلية للمؤتمرات القاعدية، وقناعات القطاع العريض داخل الحركة الإسلامية.

{ إلى ماذا أرجعتم ذلك؟ – هذا كان نتيجة لمشكلة طرق إدارة المؤتمرات والشورى التي تستطيع إلى حد ما أن تحول الإرادات إلى اتجاهات بعينها.

{ هذه الحالة ربما تقود إلى انشقاقات أليس كذلك؟ – عندما يكون هناك تبايناً في وجهات النظر نحن في السودان دائماً نرى أن الاختلاف في الفكرة هو انفصال عن المنظومة ولا نفرق بين الاختلاف الفكري والانفصال عن المنظومة بشكلها التنظيمي أو السياسي، لذلك نعتبر اختلاف الرأي انشقاقاً والفرد التنظيمي أو المثالي هو الذي يتنازل عن رأيه الخاص لصالح القيادة والشخص المطيع مطلقاً هو الأكثر تأمينًا للوحدة، لكن الوحدة التي تقوم على مصادرة رؤى الأفراد وحدة ظاهرية تؤدي في النهاية إلى تعطيل قدرات التنظيم وتحجيم ملكاته، لأن المجموع سيتماهى في فرد أو مجموعة واحدة.

{ لكن هناك توجهات متعددة؟ – هناك توجهات مختلفة وهذا شيء طبيعي، وهذه المجموعات ذات طبيعة ثورية في تكوينها تنزع نحو التغييرات الراديكالية، وأي مجموعة تضم مثل هذا النوع من الأفراد، لكن التيار الغالب هو تيار إصلاحي، يؤمن بالمدافعة المنضبطة داخل الأطر المؤسسية والتنظيمية بغية إحداث الأثر المطلوب.

{ كيف عرفت أنّه يمثل الأغلبية؟ – لأنّه تيار وحدوي إما قناعة أو خوفاً من عواقب الانفصال، لاسيما أن تجارب الانفصال أورثت مرضاً عضالاً لم نشف منه حتى الآن، وهذه الذاكرة المخزونة بآثار الانشقاق السابق هي الآن عاصمة إلى حد كبير من أي توجه لتنظيم مسارات جديدة، كذلك تربية الحركة الإسلامية تؤكد على قيمة الوحدة والالتزام بالجماعة. هذا هو التكوين الفكري والنفسي الأساسي، واعتقد من الصعب أن تنزع مجموعة نحو الانفصال إلا إذا يئست من مسارات الإصلاح.

{ من أين تبدأ خطوات الإصلاح؟ – الإصلاح يبدأ بفتح مسارات الحوار داخل التنظيم حتى يقتنع كل الأفراد بأن آراءهم يُؤخذ بها وتخلق تأثيراً حقيقياً، لكن إذا كان الناس يسمعون الآراء ولا يعملون بها ويتم حجبها حينما يحين وقت القرارات والتشريعات، حينئذ يحدث انسداد سيؤدي إلى عواقب والخاسر الأساسي فيها سيكون التنظيم نفسه. فالحل يكمن في فتح قنوات الحوار وحرية الرأي داخل الحركة وتشجيع النقد البناء والعمل على التواصل المستمر مع كل المكونات وتدعيم أسس التحاور. والشيء الآخر ينبغي أن يشعر الأفراد داخل المجموعات بأنّهم متكافئون في فرصهم وأقدارهم ولا يوجد تمييز ممنهج وفق الاقتراب والابتعاد من القيادة الممسكة بالسلطة في لحظة ما.

{ هذا الابتعاد حدث الآن بحسب الإعلام؟ – أظن أن الإعلام ينزع دوماً نحو اختلاق الأزمة، لأن الأزمة تصنع الخبر، وهذه الشهوة النزاعة نحو تصوير كل الآراء داخل التنظيمات على أنّها انشقاقات تعبر عن الشهوة المستبطنة عند أهل الإعلام إلى حد كبير.

{ ما نقله الإعلام كان مبنياً على معطيات تجسدت في مؤتمركم الأخير؟ – هناك نوع من التحاور يمكن أن نصفه بالوضوح الذي لم تعتاده الحركة الإسلامية أو الإعلام، وبنية الحركة الإسلامية السرية وقدرتها على كتمان أمرها يجعلان أي اختلاف في الرأي ينذر بأن هناك شيئاً خطيراً يحدث.

{ ألا ترون ذلك؟ – نعم هناك شيء خطير أو عميق يحدث، وعقلية وذهنية القطاع الأكبر من شباب الحركة الإسلامية الآن ترى عدم إمكانية استمرار هذا الوضع، ويتطلع الشباب إلى تجديد الأفكار والقيادة واللوائح والنظم، حتى تصبح الحركة الإسلامية على قدر أهدافها وبرامجها.. وطبيعي الفكرة الناجحة تخلق مجموعة ضدها، وهذا التدافع الواضح نحو الذين يدعون إلى الإصلاح ينم عن أن الذي يفعلونه ذو أثر كبير، لأنه يخاطب وجدان جماهير الحركة الإسلامية وتطلعاتهم.

{ هل المجموعة الإصلاحية مازالت تعمل داخل التنظيم؟ – نعم هذه المجموعة مازالت تعمل لكن في إطار الوحدة ولا تنزع إلى انشقاق بأي حال من الأحوال، والخروج إلى الإعلام أحياناً للتعبير عن الأفكار يُعبّر عن أزمة الحركة الإسلامية التي يعتقد البعض أن أطرها التنظيمية أصبحت غير متاحة بشكل متكافئ لكل أعضائها ليعبروا عن آرائهم، وهذا مرض يجب أن يعالج بفتح المسارات للحوار الداخلي والابتعاد عن الإعلام.

{ بالرغم من دعوتكم للإصلاح مازلتم تجنحون إلى حماية التنظيم والدولة التي برزت فيها هذه التشوهات؟ – الإصلاح بالنسبة لي هو حماية للتنظيم والدولة من المشكلات التي يُمكن أن توردها مورد الهلاك، لأن الطريق الوحيد لاستقرار الدولة السودانية والإنقاذ هو وصفة الإصلاح التي تُقدّم الآن، ونرى أنها استنقاذية وليست تفتيتية، والذين يتحدثون عن الإصلاح هم المجموعة التي حاربت من أجل هذا النظام وقدمت أرواحها ومالها وفكرها على مدار الإنقاذ وقبلها، وهي مجموع أصيلة في هذا المشروع وليست رديفة، وبالتالي هي أكثر حرصاً عليه وعلى الدولة، لكن حرصهم أكثر على الأفكار والقيم التي أتت من أجلها الدولة، لأن الهدف ليس السلطة وإنّما ترسيخ قيم الحركة التي تتمثل في العدالة والحرية لكل الناس، وإذا رأينا أن السلطة لا تخدمها فليست هناك مبررات للحفاظ عليها.

{ وبالفعل بعضكم الآن توصل إلى فكرة عدم الحفاظ على الدولة؟ – المجموعة الإصلاحية تتحرك من منطلق الإشفاق والحرص على الإنقاذ وليس من أجل تفتيتها، لأننا نعلم أن أقدار السودان ارتبطت بشكل كبير بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وانهيارهما قد يكون انهياراً للسودان، وعندئذ ستكون المسؤولية عظيمة.

{ كيف نظرت للذين وضعوا أيديهم مع آخرين لتغيير النظام؟ – لا أعلم دليلاً قاطعاً يدل على أن مجموعة من الحركة الإسلامية وضعت يدها مع مجموعات أخرى.

{ كيف والحكومة تحدثت عن مجموعات انقلابية داخل تنظيمكم؟ – نعم، المجموعات التي اتجهت نحو الأساليب الانقلابية العنيفة على الحكم نهجها مرفوض وغير إصلاحي، لأن الإصلاح يتم بالوسائل السلمية، والوسائل الخاطئة لا يمكن أن تؤدي إلى إصلاح، وأنا لا يهمني من فعل ذلك.

{ هل كنتم على علم بتحركات هذه المجموعة؟ – أنا لا علم لي بها، لكن الذي يهمني لماذا فُعل ذلك وليس من فعل ذلك، هذا السؤال نحن كحركة إسلامية ومؤتمر وطني يجب أن نشرحه، بشكل واضح. إن مجموعة من الأخيار الذين أثبتت التجربة ولاءهم وصدقهم وحرصهم يرتكبون هذا الفعل الخطير والمتنافي مع أسس التعاقد والتعاهد مع الحركة الإسلامية، لكن إذا اعتبرنا أن التحرك يعبر عن نزعات شخصية سيصبح نوعاً من الابتسار والابتذال لكل الظاهرة التي أنتجت هذه الانحرافات.

{ ما المطلوب؟ – المهم الآن أكثر من التحول للإجراءات العقابية أن نشرح المسببات التي أنتجت الواقع المأزوم في هذا الجسم الذي عرف بالتماسك حتى نمنع المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تؤدي إلى انشطارات في بيئة النظام بشكل عام.

{ رغم هذه القناعة فشلتم في عملية التشريح؟ – من الذي قال إننا فشلنا.

{ ما تم ّفي المؤتمر العام للحركة الإسلامية الأخير؟ – الإصلاح ليس مناصب أو إمساك بالسلطة، وإنما خلق حالة عامة جديدة تنزع نحو القيمية والمبدئية وإعمال الفكر النقدي الخلاق لاستبصار مسارات جديدة.

{ حتى الآن ليس هناك ملامح لهذه الفكرة ؟ – التحرك الذي تمّ من قبل أفراد الإصلاح أنتج هذه الحالة، وبالنسبة لي هذا قمة النجاح أن تصنع حالة إصلاحية ويكون هناك اعتراف جماعي بوجود خطأ.. وهناك الآن اعتراف جماعي بانحراف الواقع.

{ من الذي اعترف؟ – أمين الحركة الإسلامية المنتخب اعترف بأن هناك مشكلات، والدولة كذلك، من رئيس الجمهورية إلى أدنى شخص إذا جلست معه يحدثك عن أن هناك مشكلات واختلالات، واعتقد أن الوعي بالانحراف هو أول منطلق للإصلاح ويمكننا أن نقول إننا نجحنا في إشاعة ثقافة الاعتراف بالخطأ، والمرحلة الأخرى التي تحركنا نحوها هي الوعي بالخطأ والمرحلة التي نحن فيها الآن هي المحاولات الجادة والعملية لمعالجة الأخطاء.

{ لكن المطلوب أكثر من ذلك؟ – مسار الإصلاح متصاعد وهو غالب في النهاية ولا يمكن التراجع عنه، والمجموعات التي تقف ضده ستنخرط فيه عاجلاً أم أجلاً أو سيتجاوزهم التاريخ.

{ على ماذا بنيت هذه الفكرة؟ – مبنية على ثقتي في حركة التاريخ والأشياء والمناخ الموجود في المحيط العربي والإسلامي والإنسان السوداني الآن درجة وعيه أكبر من درجة الوعي التي كانت موجودة قبل (20) عاماً، والرهان على وعي هذا الشباب والحرية في المحيط العربي والإسلامي وحساسية الإنسان السوداني والعربي تجاه الظلم المتزايد.

{ هناك من يرى أن ما يتم مقدمة لصراع أكبر ربما حول الرئاسة؟ – الإشكالية الأساسية أننا نحاول تشخيص الاختلافات، ونسمع كثيراً أن هذه الاختلاف في وجهات النظر الهدف منها المواقع والسلطة وأعتقد هذا يدل على عدم وعي بدوافع وتاريخ الذين يتحدّثون عن الإصلاح.

{ كيف؟ – الذين يتحدثون عن الإصلاح معظمهم زاهدون في السلطة، لكن الحديث عن رئاسة الجمهورية مشروع جدًا، فهناك وضع ذو طبيعة مأزومة حول من يخلف الرئيس، لأن الرئيس خلق تأثيراً كبيرًا وأصبحت له قاعدة جماهيرية ضخمة ومشروعية، وهذه العوامل عقدت من فرص إيجاد بديل للرئيس الذي يمتلك قدراً من الكاريزما.
لكن الإصلاح يرى أن البديل ليس شخصاً وإنّما مؤسسة فاعلة، وهذا يجعل أطروحات الإصلاح تتجاوز الصراع حول المناصب إلى إيجاد حل دائم لمشكلة السلطة في السودان من خلال الابتعاد عن الأشخاص وتقوية المؤسسات والأطر والنظم التي تعلي من قيمتها وتقلل من قيمة الشخص.

{ ما يصدر من تصريحات يدل على وجود اختلاف داخل المؤسسة حول الإصلاح؟ – حتماً سيكون هناك اختلاف حول مراحل الإصلاح لأن كل مجموعة لها أولويات تختلف عن الأخرى، لكن الإصلاحيين يعتمدون على أسس محددة، الأساس فيها التأكيد على المبادئ وإعلاء قيم المؤسسية وإتاحة الحرية وتفعيل الشورى وتجاوز الشكل الإجرائي

{ هل الأولوية لتغيير الأشخاص أم النظم؟ – تغيير الأشخاص أولاً أم النظم يحدث حوله اختلاف بين مجموعة وأخرى، والمجموعات التي تعمل داخل المنظومة اعتقد أن منهجها سليم حيث تدفع المسارات الإصلاحية في كل مستوى وفق ما اتّفق.

{ ما علاقتك بمجموعة (سائحون)؟ – لست ضمن مجموعة (سائحون) لكني على اتصال بعدد من قياداتها وعلى معرفة بطريقة تفكيرها، وتبين لي أنهم شباب على قدر عال من الوعي والصدق والحرص على وحدة السودان واستقراره، ولن يخرج منهم شيء يمكن أن يضر الدولة أو المجتمع لأنهم على قدر من النضج والدراية ومنفتحين نحو الحوار.

{ كيف عرفت ذلك؟ – نسقت عدداً من الجلسات الحوارية بينهم وبين عدد من القيادات الفكرية والسياسية ولاحظت أنّهم يمتلكون عقولاً مفتوحة ودائماً ما يجلسون ويتحاورون ويبدو أن مجموعة (سائحون) تعمل الآن خارج الأطر لكن إذا فتحت مسارات داخلية للتحاور لا اعتقد أنهم سيحرصون على تأسيس تيار جديد لأنهم تربوا في فضاء الحركة الإسلامية الذي يكره الخيارات الانفصالية إلا إذا اضطروا لذلك، وأتمنى أن تعمل الحركة الإسلامية على استيعاب هذه الطاقات .

{ لماذا تتمنى ألم تكن جزءًا منها؟ – لست جزءًا من الأمانة العامة للحركة الإسلامية الحالية، أنا فرد من الحركة الإسلامية غير ممسك بالقرار، لذلك أناشد المجموعة الممسكة أن تتّجه هذا الاتجاه.

{ هل يوجد منهج للتحاور؟ – لا أقول هناك منهجية واضحة للتحاور مع المكونات المختلفة.. هناك لقاءات تتم أحياناً بشكل فردي أو عفوي بجانب لقاءات (الصوالين) ولا أرى مساراً منهجياً للتعامل مع التيارات الفكرية والمواقف المتباينة وتفعيل العناصر التي جمدت نشاطها.. أعرف عدداً كبيراَ من أفراد الحركة الإسلامية، أصحاب رأي وعقل اختاروا تجميد نشاطهم والتفتوا إلى شأنهم الخاص لأنّهم يئسوا من هذا الجسم وشعروا أنه ميت لا يقوى على حراك لذلك نحتاج إلى جهد كبير لإعادة الإيمان بالحركة الإسلامية.

{ ألا تعتقد أن هذا الجهد وئد في المؤتمر الأخير؟ – مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن كان محبطاً لمجموعة الإصلاح وجسد حالة الأزمة حيث أُصمتت فيه الأصوات التي تتحدث عن رؤى بديلة، ومجموعة الإصلاح منعت من الحديث داخل المؤتمر وأعطيت أكثر من (10) فرص لمجموعة الصف القيادي الأول الذي يدعم الدستور ولا أذكر أنهم أعطوا فرصة للقيادات التي تحمل رؤى جديدة.

{ أعطيت فرصة للدكتور غازي صلاح الدين أليس كذلك؟ – غازي أعطي الفرصة لأن الجو الذي سبق فرصته كان غير صحي، والمتحدثون من قبله أشاعوا أن التصويت ضد الدستور أو تعديله هو تخوين ينم عن عدم الثقة. إذن المزاج في القاعة كان سلبياً جداً، والدكتور غازي لم يكن أمامه إلا أن يفرغ هذه الشحنة السالبة التي شحنت بها القاعة ويرد الحركة الإسلامية إلى أجواء الإخاء والثقة، ولم يتحدث عن الخيارات التي يؤمن بها و اضطر لأن يعبر عنها لاحقاً وكان هذا تصرف حصيف وأخلاقي. لكنه لم يخدم الأطروحة على المستوى الإجرائي لأن القاعة داخل المؤتمر لم تعط فرصة لاستبصار قوة ودوافع وأهداف ما تقدمه مجموعة الإصلاح.

صحيفة المجهر السياسي
حوار – فاطمة مبارك[/JUSTIFY]