تقنية معلومات

تهديدات أمنية لنظم تحديد المواقع العالمية


[ALIGN=JUSTIFY]النظام العالمي الشامل لتحديد المواقع (جي بي اس) يقع في صلب عدد متزايد من التقنيات التي تراوح من انظمة الملاحة الخاصة بالسيارات.. الى الشبكات العامة لتوزيع التيار الكهربائي. ومع ذلك فانه وعلى الرغم من ان النسخة العسكرية من «جي بي إس» تتضمن مميزات امنية مثل الترميز، الا ان الاشارات المدنية تبث وتنتقل بشكل حر. لذلك قام الباحثون في جامعتي «كورنيل« و«فيرجينيا تيك» بعرض اسلوب بسيط نسبيا لخداع مستقبلي اشارات «جي بي إس»، وجعلهم يتقبلون اشارات كاذبة مستخدمين جهاز بث بحجم الحقيبة اليدوية الصغيرة التي يحملها رجال الاعمال.
ويحذر بول كيتنر استاذ هندسة الكهرباء والكومبيوتر في جامعة «كورنيل» الذي ساهم في المشروع، من ان المجتمعات باتت تعتمد على نظام «جي بي اس» في مجموعة متزايدة من التطبيقات والاعمال، بما في ذلك ادارة الشبكات الكهربائية، وتعقب المجرمين الذين يوضعون في الاقامة الجبرية في منازلهم، قائلا: «انا مندهش جدا حول الاسلوب الذي يستخدم الناس بموجبه نظم «جي بي اس» هذه. فبعد عشر سنوات من الان ستكون هناك اساليب عديدة لا نعرف عنها الكثير التي ستتسرب الى نسيجنا التقني وتنتشر داخله لنصبح بعد ذلك معتمدين عليها كثيرا». ولم يكن كيتنر وفريقه، الذين قدموا حديثا تفاصيل عن الهجمات المزيفة في اجتماع لمعهد منظومات الاقمار الصناعية الخاصة بالملاحة العالمية GNSS عقد في سافانا في ولاية جورجيا، قد بدأوا بحثهم في البحث عن اسلوب لتخريب نظام «جي بي إس»، بل كانوا يبحثون في الواقع عن برنامج يوضع في اساس اجهزة استقبال اشارات «جي بي إس» لمساعدتهم على تفهم تأثيرات التغيرات الاشعاعية الشمسية على الاقمار الصناعية الخاصة بـ «جي بي اس». ولكن مع تقدم تصميمهم لاحظ تود همفريز، احد الباحثين في المجموعة، انه يمكن استخدام النظام ذاته لخداع وتزييف اشارات «جي بي إس» العادية.
وفي ما يلي كيف يعمل «جي بي إس»: هناك 30 قمرا صناعيا تقريبا تدور حول الأرض وتبث اشارات يمكن استقبالها من قبل اي جهاز في اي مكان على هذه الارض. وعن طريق تلقي الاشارات من العديد من هذه الاقمار وقياس تأخر الوقت بين كل اشارة واخرى، يمكن لاجهزة «جي بي إس» حساب موقعها بدقة بالغة واستلام اشارات زمنية دقيقة جدا.
* تزييف الإشارات
* اما برنامج جهاز «جي بي إس» الذي جرى تشييده في «كورنيل» فيمكنه استقبال وبث اي اشارات خاصة بـ «جي بي إس». ولمهاجمة جهاز استقبال «جي بي إس» معين، فإن كل ما يتطلبه الامر هو وضع الجهاز قريبا من الجهاز الاول. ويبدأ الامر ببساطة عن طريق اعادة بث اشارات القمر العادية من دون اي تعديل. وبعد ثوان قليلة يتوجب على الجهاز المستهدف التركيز على الاشارات الصادرة عن الجهاز القريب منه لكونه المصدر الاكثر وضوحا. وفي هذه المرحلة يبدأ بتعديل البث الصادر اليه محولا الاشارات شيئا فشيئا بحيث يبدأ بإظهار الوقت والموقع اللذين يختارهما الجهاز المهاجم.
ويقول كيتنر ان بمقدور المهاجم استخدام اشارات «جي بي إس» مزيفة للتشويش على الشبكات الكهربائية العامة، وبالتالي التسبب بتغيرات وارتفاعات مفاجئة في التيار الكهربائي، وحتى تخريب المولدات الكهربائية. ويمكن استخدام الاسلوب ذاته في الخديعة لإتاحة الفرصة للمجرمين الذين هم قيد الاقامة الجبرية في منازلهم التحرك بحرية.
ويقول ريتشارد لانغلي الاستاذ في دائرة الجيوديسيا (فرع من الرياضيات التطبيقية يعنى بدراسة شكل الارض وقياس سطحها) والقياسات الجغرافية في جامعة «نيو برونسويك» في كندا الذي عمل مطولا في المسائل المتعلقة بـ «جي بي إس»، ان مثل هذه النقطة المحتملة الضعيفة في التقنية هو امر معروف منذ سنوات، على الرغم من ان القليل قد بذل حتى الان لحماية النظام المدني منه. ونقلت عنه مجلة «تكنولوجي ريفيو» الصادرة عن معهد ماساشوستس للتكنولوجيا: «قد تعتقد ان المزيد من الاجراءات قد طورت حتى الان، لكن قد يتطلب الامر ربما عملية عرض كالتي قام بها هؤلاء الاشخاص لإظهار كم من السهل خداع جهاز استقبال اشارات الـ «جي بي إس».
* إجراءات أمنية
* ويلاحظ لانغلي ان الحلول قد تكون بعيدة التحقيق بعض الشيء، على الرغم من ان مشروع الملاحة الاوروبي الذي يدعى «غاليلو» الذي قد يملك القدرة على ارسال اشارات مرمزة للمدنيين لاستخدامها، لن يصبح قيد التشغيل تماما حتى عام 2013. وقال انه من الممكن إضافة الترميز الى النظام الحالي، لكن التكلفة والاضطراب والفوضى التي قد يحدثها تجعله حلا بعيدا عن التحقيق. وافضل حل بالنسبة الى الفترة القريبة المقبلة، كما يقول، هو إضافة ميزات امنية الى اجهزة الاستقبال العادية لاشارات «جي بي اس».
وأحد الحلول الممكنة هو اضافة المزيد من الهوائيات الى اجهزة الاستقبال لكون المهاجمين يعتمدون على الحقيقة القائلة ان غالبية اجهزة الاستقبال «جي بي إس» الخاصة بالمستهلكين تستخدم هوائيا واحدا فقط لاستقبال الاشارات من الاقمار المتعددة. وعن طريق إضافة هوائيات متعددة يمكن للمستقبل العادي التعرف على ان الاشارات المزيفة صادرة في الواقع من مصدر واحد. لكن لانغلي يلاحظ ان هناك عامل الربح التجاري «لكون على المنتجين ان يجنوا عائدا عن اي استثمار يقومون به في ما يتعلق بالتقنيات الخاصة بمقاومة الخداع والاحتيال». ويقول كيتنر ان المنتجين يملكون الوقت الكافي للاستجابة قبل ان تصبح الهجمات امرا واقعيا، من هنا فهو يحذر ويطالب بضرورة تطوير اجراءات دفاعية ضد الهجمات، «لاننا نعيش في زمن نعتمد فيه على التقنية، واننا بحاجة الى ان نفهم كيف تجعلنا هذه معرضين للاخطار» على حد قوله.
وحذر من تقنية تصغير اجهزة الاحتيال على نظام «جي بي اس»، بحيث يمكن انتاج الاجهزة المحمولة باليد بكلفة ألف دولار للجهاز الواحد، وقال: «خوفي ان يتمكن احدهم من تصغير جهاز الخداع هذا ليصل الى حجم علبة السجائر ليصبح العالم مليئا بها وبأسعار بخسة، وهذه ستجعل نظام «جي بي إس« عقيما من غير فائدة في العديد من الظروف.
المصدر :الشرق الاوسط [/ALIGN]