رأي ومقالات

قوات الردع الشعرية .. النفس عدو أول


دائماً يذلون النفس ويردعونها .. فيما يتندر به مجتمعنا عن الشيخ فرح ود تكتوك أنه دائماً كان في حرب مع النفس.. ويمر مرة بإحدى الجزارات بالسوق.. فتشتهي نفسه «الكبدة» وقد عرضها الجزار بطريقة مغرية. ومن هنا يبدأ الشيخ فرح حواراً مع النفس: «ما أخير ليك تمشي.. أنتي كل حاجة تشوفيها تشتهيها؟».
لكن نفسه «إتلككت» أمام ذلك المنظر المغري، وشعر بأن نفسه دخلت في الكبدة، فعزم على أن يؤدبها.. وفي الرواية أنه رجع للجزار واشترى قطعة منها ثم دفنها تحت التراب، ليعود في اليوم التالي وينبشها.. فإذا هي لا تطاق تنفر منها النفس.. لكنه هنا يخاطب نفسه: أهي دي الاشتهيتها أمبارح.. أكلي.. أكلي .. أكلي.
والحكايات كثيرة التي يحفظها الناس، كلها تحكي عن هؤلاء الزاهدين وكيف انهم حاربوا النفس، فالنفس كما يعرفونها أمارة بالسوء وتحتاج لتهذيب وترويض، يقول الشاعر:
النفس كالطفل إن تهمله شبَّ على حب الرضاع وأن تفطمه ينفطم.
أما شعراء المدائح فلقد كانت لهم مع النفس معارك طاحنة.
الشاعر المادح ود تميم يقول:
النديم قال لي يا جماعة
أخبرك بي عين النفاعة
عمرك المحسوب ساعة ساعة
سوو يا مغرور كله طاعة
إنقطع لله انقطاعا
وانزع الآمال انتزاعا
لا غناء غير القناعة
عزة الدارين الوراعة
أما الشيخ أحمد ود سعد فيقول:
يا نديم نفسك حاسبا شوف بذارا وشوف مكسبا
واتعظ بي مدينة سبأ والأمور لله انسبا
شدها واركب غاربا بي سياط الخوف اضربا
واجعل الحنظل مشربا لا عليك تبرم شاربا
شيِّد الخلوه وحصبا شد وجد في حالة الصِّبَا
بالحزام بطنك اعصبا كي تشم أرياح الصَّبَا
أما الشاعر حاج الماحي فإنه يرسم لوحة طريفة وبليغة كدأبه دائماً، وهو هنا يخاطب النفس بخطاب بليغ ويرشها بصواريخ من العبارات «أرض أرض جو»:
ما صليتي لاما كبرتي كسابا النوم رقدتي شخرتي
يوم ختوك مريضة غِمرتي عاد دابك دحين فكرتي
غشاك الشباب وغفلتي وإبليس في ملاعبو سهرتي
بارزتي المعاصي وكرتي الحنان في حالك يرتي
ناسيه الموت شربتي سكرتي الخير فاتك اتأخرتي
إن طولتي وإن قصرتي راجيك القبير إن طرتي
والشيخ أحمد ود سعد هنا ينصح نفسه في الشباب.. وللنفس في الشباب أقوى سلطة وشكيمة.. فهي دائماً ميالة للملذات.. لذلك من استطاع أن يملك ناصيتها ويردعها كان من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ففيهم شاب نشأ في عبادة الله:
وأحمد ود سعد ينشد قائلاً:
عيب شبابي الما ظعن ما حج زار الموتمن
يا نفوسنا أصحي من الوسن جدن ليالكن مسن
إزودن لا تيأسن بالتقوى قبال تنسن
أين القرون القبلكن الوحدن والأشركن
بقن القبور ليهم سكن فوقم تراب إدكدكن
قِلْ الطرب ثم الضحك عسى ربي يرضى يسامحك
اتحذري لا يلمحك في غير مكاناً يصلحك
وهذا ما درج عليه أدباء شعبنا على تهذيب النفس وتقويمها وتأديبها، لكنهم في مجال آخر حثوا النفس على مكارم الأخلاق.
الإمام الشافعي يقول:
نفسي نفس حر ترى المذلة كفرا
والشاعر يقول:
نفس عصام سوَّدت عصاما
وعلمته الكر والإقداما
فهل جلست مع نفسك عزيزي القارئ لتحدث نفسك عن نفسك؟! ونفس هذا السؤال أوجهه أنا لنفسي
«شنطار»

لا تحب الدنيا ـ وعد الفقر غنى، والبلاء من الله نعمة، والمنع عطاءً، والوحدة مع الله أنساً، والذل عزةً، والطاعة حرفةً، والتوكل معاشاً، والله تعالى وضع لكل شدة عدة.
وأعلم أن الزاهد في الدنيا قوته ما وجد، ومسكنه حيث أدرك، ولباسه ما ستر، والخلوة مجلسه، والقرآن حديثه، والخوف سجيته، والشوق مطيته، والصبر وسادة، والصادقون إخوانه، والحكمة كلامه والعقل دليله.
ود الشيخ
0912352480 ــ 0113298657

شفيع الأمة
بي قول الإله فيك المديح اتكمَّل
يا أب خلقاً عظيم إيه حيلتي غير أتأمَّل
أباريك بالفعال يا ريتني أبقى أتحمَّل
وأصلي عليك كتييير يا شفيعنا بيك أتجمَّل
قرشي الأمين 0122031371

صحيفة الانتباهة