رأي ومقالات

أنــا والوزيـر أصحـاب !!


[JUSTIFY]عُرف الأحنف ابن قيس بأنه حكيم العرب في زمانه إبان خلافة معاوية.. ويقال إنه ذات يوم دخل على أمير المؤمنين وسلم عليه بسلام الخلافة وجلس بعيداً في ركن قصي.. فقال له معاوية «لماذا جلست بعيداً عنا يا أبا سليمان.. ورد عليه الأحنف ابن قيس قائلاً: يا أمير المؤمنين إنه أثر من أقوال الحكماء.. لا تغشى السلطان كثيراً فيملك ولا تنقطع عنه كثيراً فينساك وإذا دخلت عليه فلا تجلس قريباً منه فعسى أن يحضر إليه من هو أرفع منك مقاماً فتقام له فيكون في ذلك زيادة له ونقصاناً لك».

ولنا صديق كثير الشغف بملاحقة أهل السلطة والنفوذ والتقرب إليهم والتعرف عليهم، حتى أن بعضهم ربما أبدى الضيق والتبرم منه لأنه «لازق ليهو» أربعة وعشرين ساعة، وكثيراً ما كان يدعي صديقاً أن المسؤول الكبير قد اتصل به تلفونياً وطلب حضوره فوراً لاستشارته في أمور تهم البلاد والعباد.. وقد ورد عنه أنه كان يمسك سماعة التلفون ويتظاهر بأنه يتحدث مباشرة مع الوزير الفلاني أو المحافظ العلاني، ويوحي للجالسين حوله بأنه شخص مهم وأنه مطلوب ومرغوب.

وتطور الأمر بصاحبنا أنه ذكر لبعض جيرانه أن اثنين من كبار رجال الدولة سوف يزورانه مساء ذات يوم.. ولكي يغطي على الموضوع أحضر فحمة وكتب على الباب «حضرنا ولم نجدكم ونرجو مقابلتنا في أسرع فرصة.. أخوانك فلان وفلان»، وكتب اسمي أكبر شخصيتين في البلاد.. وبالطبع ترك المذكرة المكتوبة بالفحمة على الباب مدة طويلة حتى يراها الغاشي والماشي.. وقد قلنا له إننا لا نصدق إن «فلاناً وفلاناً» قد جاءا إليك لأن أحدهما كان خارج البلاد في يوم «الفحمة»، والآخر كان في مأمورية لولاية بعيدة عن الخرطوم العاصمة في ذات يوم الفحمة أيضاً.. وحتى على افتراض أنهما قد جاءا لزيارته فمن غير المعقول أن يكتبا له في الباب وبالفحمة الوسخانة «من باب الذوق يعني» وكان يمكنهما أن يستعملا التلفون السيار للاتصال به.. وحتى لو افترضنا أنهما كتبا فمن المؤكد أنهما كانا سيكتبان على ورقة بدلاً من الكتابة على الباب مستعملين الفحمة، ومن غير المعقول ألا يكون لدى المسؤول أو نائبه كرت عمل يمكن وضعه على الباب.. وبالطبع لا يمكن أن نصدق أن الجماعة ديل زاروا الزول ده قبل أن يتأكدوا من ناس الأمن أنه موجود، وكان صديقنا في كل المجالس يدعي أنه يعرف الوالي والوزير والمدير والمعتمد والمحافظ، بل يدعي أنهم أولاده وتلاميذه، ويذهب أبعد من ذلك ليقول إن الأفكار والمشروعات التي نفذها هؤلاء الوزراء والوكلاء والمحافظون كانت من ابتكاره، وأنه لولا نصائحه البناءة والفعالة ما كان يتم إنجاز شيء يذكر.

وفي مرة من المرات جاء الحديث عن إنجازات إحدى الوزارات والتقدم الذي تم إحرازه في مجال الخدمات التي صارت ظاهرة للعيان، وبالطبع فإن صاحبنا «نطّ» في الموضوع وادعى أنه كان المحرك الرئيس في مساعدة الوزير لإنجاز هذه المهام الكبرى، وأنه كان ساعده الأيمن، وأن الوزير لا يستطيع أن يفعل شيئاً بدون أن يتصل به، وبالطبع أسقط في يده و«اتخلع» و«انبهط» عندما أوضحنا له أن وزير الوزارة المقصودة امرأة وليس رجلاً، ومع كل ذلك ادعى مستدركاً أنها «صاحبة مرتو»، ومرة أخرى أوضحنا له أن «الزولة دي» لا يمكن أن تكون صاحبة «مرتو» لأنها لم تدرس في المدارس السودانية، وأن قريتهم تبعد آلاف الكيلومترات عن مسقط رأس الوزيرة. ولا يمكن أن تكون الوزيرة صاحبة «مرتو» لأن «مرتو» «شوية كبيرة في السن» والوزيرة لسة بدري عليها.

وعلى كل حال رأينا أن نشير إلى ضرورة اتباع منهج حكيم العرب في الابتعاد عن الحاكم والوزير وعدم الجلوس بجواره، لأن جلوسك «ملزوقاً» فيه سوف يجعله «يشمّك»، وإذا شماك فإن «صباحك أصبح». فقط عليك يا أخي الراغب في الاقتراب والتصوير مع أهل السلطة أن تنظر إليهم من بعيد، وأن تكون على مرأى وليس على مسمع منهم، وقديماً قال المثل «البعيد عن العين بعيد عن القلب».. وأمنياتنا للجميع بالتوفيق.
{ كسرة:

كشف معتمد برام عن وجود حشود عسكرية للجيش الشعبي بولاية الوحدة على الشريط الحدودي مع ولاية كردفان، مع عمليات تجنيد واسعة.. وقال إن الولاية وقواتها المسلحة والدفاع الشعبي على أهبة الاستعداد لرد أي هجوم من معسكرات الجيش الجنوبي.. أها يا جماعة كلنا نقرِّط على كده.. ولا داعي للكلام الكتير.

صحيفة الإنتباهة
د. عبد الماجد عبد القادر[/JUSTIFY]


تعليق واحد